دمشق تتجه نحو “النظام المالي” عبر الريال القطري.. هل بدأت خطوات رفع الحصار؟

دمشق تتجه نحو “النظام المالي” عبر الريال القطري.. هل بدأت خطوات رفع الحصار؟

كشف وزير الخارجية والمغتربين السوري أسعد الشيباني، أن البنوك القطرية ستبدأ بتقديم خدمات المراسلة لصالح البنوك السورية بالريال، في خطوة وصفها بأنها تهدف إلى ربط دمشق بالنظام المالي العالمي.

حل سريع وفعال

يرى المستشار والمدرب المالي المعتمد من مجمع المحاسبين في نيوجرسي غازي المهايني أن هذا الإعلان يشير إلى اتفاق مبدئي بين البنوك القطرية ونظيرتها السورية، يتيح للأخيرة استخدام الريال القطري في المعاملات الدولية، كبديل عن الدولار الأميركي، وذلك في إطار خدمات المراسلة البنكية المعتمدة دولياً، والتي تُمكّن البنوك من إرسال واستقبال الأموال عبر شبكات مالية تتضمن وسطاء مصرفيين دوليين.

ويُصنّف المهايني الخطوة على أنها حل سريع ومؤقت للبنوك السورية، وعلى رأسها مصرف سوريا المركزي، وذلك ريثما يتم تفعيل نظام «السويفت كود» بشكل رسمي، بعد قرار رفع العقوبات الأميركية عن القطاع المالي السوري الشهر الماضي.

كما يرجح أن أن تسرع الآلية عمليات التحويل النظامية إلى سوريا، خصوصاً في ما يتعلق بالمشاريع الاستثمارية القطرية في قطاعي الطاقة والكهرباء، والمقدرة بنحو 7 مليارات دولار.

التأثيرات التجارية

يؤكد المهايني أن الربط بالريال القطري يتيح لسوريا تنفيذ عمليات تجارية متعددة مع دول أخرى، ولا سيما دول الخليج، باستخدام الريال كعملة بديلة عن العملات العالمية المقيدة مثل الدولار أو اليورو.

من شأن ذلك، حسب المهايني، أن يُسهّل عمليات الاستيراد والتصدير بين سوريا ودول الخليج، إذ يمكن تسوية المعاملات مباشرة بالريال، دون الحاجة إلى مرور معقد بتبادل العملات الأجنبية، ما يُقلّص التكاليف البنكية ويوسّع نطاق التبادلات التجارية.

لكن في المقابل، ستترتب على هذا النظام مصاريف تحويل إضافية، فالمستورد أو المصدر سيظل بحاجة إلى تحويل الريال القطري إلى دولار أو عملة أجنبية أخرى، ما يضيف كلفة مالية، حتى وإن كان سعر صرف الريال مستقراً أمام الدولار.

ويضيف المهايني أن هذا النمط من التعاون قد يُحفّز انضمام بنوك خليجية أخرى إلى شبكة المراسلة مع البنوك السورية، لا سيما إذا تأخر اندماج سوريا رسمياً في نظام «سويفت» العالمي.

انعكاسات على المواطن

أما بالنسبة للمواطن السوري، فيمكن أن تكون هذه الخطوة مفيدة من نواحٍ عدة، إذ قد تُحسّن القدرة على إجراء المعاملات المالية الدولية، كإرسال الأموال إلى الداخل أو شراء السلع من الخارج، حيث سيصبح الريال القطري بديلا جيدا في ظل تقييد استخدام العملات الأخرى، بحسب المهايني. 

إضافة إلى ذلك يسهم استئناف العلاقات المالية مع دول الخليج في تحفيز الاستثمارات الخليجية في سوريا، ما يعود بالنفع على المواطن في شكل مشاريع وفرص عمل جديدة. كذلك، فإن استخدام الريال القطري قد يستخدم في عمليات التجارة عبر الحدود، ما يسهم في تحسين الأسعار وتوفير السلع في السوق المحلية.

وإذا تم تعميم هذا النظام المالي على نطاق أوسع، فقد يساعد في تسهيل عملية التحويلات المالية من الخارج، فبوجود خدمات المراسلة المالية التي تشمل العملات المحلية مثل الريال القطري، تصبح عملية إرسال واستقبال التحويلات المالية من دول الخليج أسرع وأقل تكلفة، ما يعزز المعاملات المالية الشخصية والتجارية.

استثمارات في سوريا

على صعيد السياحة، أشار وزير الخارجية والمغتربين السوري، أسعد الشيباني، إلى أنه تم التباحث مع الخطوط الجوية القطرية بشأن الترويج للوجهات السياحية السورية، فضلاً عن إمكانية إدارة بعض الفنادق الحكومية بالشراكة مع شركات قطرية. كما لفت إلى عقد لقاءات مع عدد من رجال الأعمال القطريين المهتمين بالاستثمار في القطاع السياحي السوري.

من جانبه، كشف وزير الاقتصاد والصناعة محمد نضال الشعار أن سوريا استقبلت منذ بداية العام نحو 500 طلب لتأسيس شركات في مختلف القطاعات، في مؤشر على وجود رغبة استثمارية ناشئة بالتوازي مع إجراءات الانفتاح والتخفيف التدريجي للعقوبات.

كذلك استأنفت سوق دمشق للأوراق المالية نشاطها يوم الإثنين الماضي، بعد توقف استمر قرابة ستة أشهر. وتعمل السلطات المالية السورية على إعداد حزمة تشريعات لإصلاح البيئة التنظيمية لسوق رأس المال، تشمل تحديث نظام التداول، وتحرير حركة رؤوس الأموال، وتقديم أدوات تمويل وادخار جديدة، إلى جانب مراجعة قوانين الاستثمار والشركات والضرائب.

أما في قطاع الطاقة، فأكدت وزارة الخارجية القطرية أنه تم التباحث مع الوفد الوزاري السوري حول سبل التعاون في مجالي الكهرباء والنفط، بما في ذلك متابعة توريد الغاز القطري إلى سوريا عبر الأردن، وتعزيز التنسيق في مشاريع الطاقة. كما أوضح الوزير الشيباني أنه تم الاتفاق على إعادة تفعيل «الشركة القطرية السورية القابضة» لتكون منصة استثمارية ثنائية في المرحلة المقبلة.

وفي خطوة عملية ضمن هذا المسار، وقّعت سوريا مذكرات تفاهم مع عدد من الشركات بقيمة 7 مليارات دولار لإنعاش البنية التحتية لقطاع الكهرباء. وتهدف هذه المشاريع إلى توليد 5000 ميغاواط من الكهرباء، من خلال تطوير أربع محطات تعمل بالغاز الطبيعي، إضافة إلى إنشاء محطة جديدة للطاقة الشمسية.

في الوقت نفسه، وقّعت الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية السورية مع شركة «موانئ دبي العالمية» مذكرة تفاهم بقيمة 800 مليون دولار، بهدف تعزيز البنية التحتية للموانئ السورية والخدمات اللوجستية المرتبطة بها.