رسوم ترامب تضع صناعة الطيران الأمريكية في خطر.. مليارات الدولارات مهددة

حذّرت شركات الطيران والصناعات الجوية الفضائية الأميركية من أن رسوم إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الجمركية قد تؤدي إلى تراجع الفائض التجاري الجيّد الذي حققه القطاع على مدى أكثر من 70 عاماً.
وباشرت وزارة التجارة الأميركية، بطلب من ترامب، تحقيقاً في الأول من مايو 2025 لتحديد إن كان عليها فرض رسوم جمركية تبلغ نسبتها بين 10 و20% على الطائرات المدنية وقطعها، بما فيها المحركات.
لكن القطاع الذي وضعت هذه الرسوم لحمايته، سارع إلى التأكيد للإدارة أنه غير مهتم بحماية من هذا القبيل.
فيما قالت رابطة الصناعات الجوية والفضائية في رسالة وجّهتها إلى وزير التجارة هاورد لوتنك، وحصلت وكالة «فرانس برس» على نسخة منها، إن «فرض حواجز تجارية واسعة، جمركية وغير جمركية، على واردات تكنولوجيا الطيران المدني ينطوي على خطر إلغاء عقود من التقدم والإضرار بسلاسل التوريد المحلية».
أُعطيت مهلة للأطراف المعنيين حتى الثالث من يونيو للتعبير عن مواقفهم.
في اليوم التالي، أعلن لوتنك أن واشنطن تهدف إلى «تحديد المعيار للرسوم الجمركية على قطع الطائرات» بحلول أواخر الشهر الجاري.
وقال إن «الأساس هو حماية هذا القطاع»، مضيفاً: «سنستخدم هذه الرسوم من أجل تحسين القطاع الأميركي».
لكن نقابتي «أيه آي أيه» (AIA) و«إيرلاينز فور أميركا» (A4A) عبّرتا عن قلقهما من أن الرسوم قد تضر بالمصنّعين الأميركيين في نهاية المطاف.
لا حاجة للإصلاح
قالت «أيه آي أيه»: «بخلاف قطاعات أخرى، يمنح قطاع الصناعات المرتبطة بالطيران المدني أولوية للإنتاج المحلي لقطع عالية القيمة والتجميع النهائي».
بحسب المنظمة، بلغت قيمة صادرات قطاعي الصناعات الجوية الفضائية والدفاع الأميركيين 135.9 مليار دولار عام 2023، بما يشمل 113.9 مليار دولار للطيران المدني وحده.
سمح ذلك للقطاع بتحقيق فائض تجاري قدره 74.5 مليار دولار، واستثمار 34.5 مليار دولار في البحث والتطوير، بحسب المنظمة.
يوظف القطاع أكثر من 2.2 مليون شخص في الولايات المتحدة، في أكثر من 100 ألف شركة، أنتجت عام 2023 سلعاً تبلغ قيمتها حوالي 545 مليار دولار.
في ردّها على لوتنك، ركزت «إيرلاينز فور أميركا» على دور «اتفاقية التجارة في الطيران التجاري» الدولية في المساعدة في التخفيف من الرسوم الجمركية والحواجز التجارية على مدى أكثر من نصف قرن.
قالت إن «قطاع الطيران المدني الأميركي هو قصة النجاح التي يبحث عنها الرئيس ترامب، إذ إن القطاع يقود الصناعات الجوية الفضائية المدنية على مستوى العالم».
ولفتت إلى أن 84% من الإنتاج كان أميركياً بالأساس، مشددة على أن واشنطن «ليست بحاجة لإصلاح نسبة 16 في المئة» المتبقية.
تابعت أن «إطار العمل التجاري الحالي حسّن اقتصادنا وأمننا القومي، وهو جزء حيوي للمحافظة على أمننا القومي مع مرور الوقت».
فيما يحذّر خبراء من أنه بالنسبة للمصنّعين، ستكون الرسوم الجمركية المحتملة أشبه برمال تعطل آلة كانت تعمل بسلاسة تامة على مدى عقود.
كما من شأنها أن تخلّ بتوازن سلاسل الإمداد الحساسة للغاية، والتي ما زالت تتعافى من أزمة وباء كوفيد.
«عائق تنافسي»
من جانبه، قال المدير العام لاتحاد النقل الجوي «إياتا»، ويلي والش، أثناء الجمعية العامة للمنظمة الأسبوع الماضي: «لتجنّب تدهور الوضع، نطالب بإبقاء قطاع الصناعات الجوية والفضائية بمنأى عن الحروب التجارية».
في الأثناء، أوضحت «أيه آي أيه» أن «هناك طلباً كبيراً بالفعل على الطائرات وقطعها، في حين أن الإمدادات محدودة».
فيما حذّرت من أن «إدخال جهات إمداد جديدة وتوسيع القدرات عملية معقدة ومكلفة وتستغرق وقتاً طويلاً»، مشيرة إلى أن العثور على مورّدين قادرين على الإيفاء بشهادات السلامة الصارمة هو أمر قد «يستغرق ما يصل إلى عشر سنوات».
بدورها، دافعت شركة «دلتا إيرلاينز» عن ضرورة إبقاء الوضع على حاله، محذّرة من أن الرسوم المقترحة «ستعطّل قدرة دلتا في المحافظة على مسارها الحالي».
أضافت: «إذا فُرضت رسوم جمركية على القطع لدى دخولها إلى الولايات المتحدة، فستكون دلتا أمام عائق تنافسي مقارنة مع منافسيها في الخارج».
تابعت أن ذلك «سيرتب ضرائب غير متوقعة على عمليات شراء دلتا لطائرات تم التعاقد عليها قبل سنوات».
كما شدد رئيس شركة «دلتا»، إد باستيان، في أواخر أبريل، على أن الشركة «لن تدفع رسوماً جمركية على أي عمليات تسليم طائرات نأخذها»، مضيفاً أنها «تعمل بشكل وثيق مع إيرباص» الأوروبية للتخفيف من التأثير.
أشارت «دلتا» في رسالتها إلى لوتنك إلى أن لديها حالياً 100 طائرة طلبتها من «بوينغ»، وأنها تطالب بأن يتم إنتاج طائرات «إيرباص إيه220» التي طلبتها في موبايل في ألاباما بشكل أساسي.
لكنها حذّرت من أنه إذا تم فرض الرسوم، «فستُجبر دلتا على الأرجح على إلغاء عقود قائمة وإعادة النظر في العقود التي يجري التفاوض عليها».