هل السيارة هي الصديق المثالي؟ مقارنة غير تقليدية تفسرها الأبحاث النفسية

كلنا نتحدث إلى سياراتنا أحياناً، نربّت على المقود، نشكرها عند نهاية رحلة طويلة، وربما نعتذر منها عندما نضغط على دواسة الوقود أكثر مما ينبغي. الأمر يبدو سخيفاً؟ ليس تماماً.
السيارة ليست مجرد وسيلة نقل، بالنسبة للكثيرين، هي رفيق دائم، تحفظ الذكريات، وتعيش معنا محطات الحياة، من أول موعد وحتى لحظات الوحدة على الطرق الطويلة. فهل يمكن اعتبارها «أفضل صديق»؟ دعونا نكتشف.
سيارة جاغوار من طراز F-TYPE SVR. المصدر: (أ ف ب)
السيارة.. رفيق العمر في كل المراحل
من أول سيارة نقودها بشغف المراهقة، إلى السيارة العائلية التي تنقلنا يومياً مع الأطفال، أو تلك الرياضية التي نكافئ بها أنفسنا لاحقاً في الحياة.. تلازمنا السيارة في مراحل عمرنا المختلفة.
هي موجودة في خلفية الصور القديمة، في ذكريات الرحلات، في الأغاني التي كنا نستمع إليها مع النوافذ المفتوحة. وجودها متواصل.. تماماً كصديق.
ماذا تقول الدراسات؟ الملكية والعاطفة
علم النفس لا يغفل هذا النوع من العلاقات، إذ تُظهر «نظرية الذات الممتدة» (Extended Self Theory) أن الأفراد يرون في ممتلكاتهم – خصوصاً السيارة – امتداداً لهوياتهم.
نختار سياراتنا بناءً على شخصياتنا، ونشعر بالارتباط بها كما لو كانت انعكاساً لما نحن عليه. وهذا يفسر لماذا يشعر البعض بالحزن الحقيقي عند بيع سيارته، أو حتى تسميتها باسم.
سيارة فيراري من طراز F12 من الداخل. المصدر: (أ ف ب)
صداقة من نوع مختلف.. تشابهات لافتة
في كثير من الجوانب، تبدو علاقتنا بالسيارة أقرب إلى صداقة حقيقية. فهي تستمع لنا بصمت، ترافقنا حيثما نريد، ولا تتطلب منا سوى قليل من الرعاية.
فكر في الأمر:
هل يستمع الصديق البشري دائماً؟ ربما لا، لكن سيارتك تفعل.. حتى لو لم ترد.
هل يوصلك أحدهم كلما احتجت؟ نادراً، لكن سيارتك تفعل دون تذمر.
هل يغار صديقك إذا قضيت وقتاً مع غيره؟ غالباً نعم، لكن السيارة؟ فقط إذا فكرت في استبدالها
هل تحتاج صيانة؟ الصديق يحتاج احتواء.. والسيارة تحتاج زيتاً وفلتراً فقط.
من يخذلك أولاً؟ ربما الصديق.. أما السيارة، ففقط إذا أهملتها.
هي ليست إنساناً، لكنها تؤدي دوراً قريباً جداً من الإنسان.
الصديق الذي يُكلفك.. لكنه يستحق
نعم، العلاقة مع السيارة ليست صداقة مجانية، من الوقود إلى التأمين، الصيانة، الإطارات، وحتى غسيلها.. هناك فاتورة طويلة.
بحسب دراسات أميركية، يبلغ متوسط تكلفة امتلاك سيارة جديدة أكثر من 10,000 دولار سنوياً. لكن المثير أن كثيرين يبررون هذا الرقم بعبارات مثل: «هي تخدمني، وأنا مرتاح معها».
في عالم المال، يُعرف هذا بـ«العائد العاطفي». مثل أي صداقة، تدفع مقابل الشعور بالراحة والانتماء.
سيارة الدفع الرباعي الأسطورية – رانج روفر. المصدر: (أ ف ب)
لماذا هذه الصداقة ناجحة؟
دائماً موجودة.
لا تُجادلك.
تمنحك شعوراً بالتحكم والسيطرة.
مساحة شخصية: تستمع لما تحب، تصمت عندما تريد.
الجانب الآخر.. ليست كل علاقة صحية
لكن، تماماً كما في الصداقات، هناك جانب مظلم:
التعلق المفرط بسيارة قديمة يُعيق التحديث والتطور.
إهمال الجوانب الاقتصادية.
الاعتماد العاطفي الزائد على شيء مادي.
آلة.. لكن أكثر من مجرد معدن
السيارة لا تُعانقك عند الحزن، ولا تضحك على نكاتك، لكنها كانت هناك حين لم يكن غيرها، ربما لن تكون يوماً صديقاً بالمعنى الكامل، لكنها تظل، بلا شك، أقرب الأشياء الجامدة إلى قلب الإنسان.
وإن كانت صديقة.. فاحرص فقط ألا تنسى تغيير زيت صديقتك القديمة من وقت لآخر.