مشروعات إعادة بناء سوريا: فرصة بمليارات تسيل لُعاب الشركات المصرية

بينما تتأهب سوريا لجذب استثمارات ضخمة لعمليات إعادة الإعمار وبناء اقتصادها الذي دمرته الحرب، يراقب مجتمع الأعمال في مصر، باهتمام حذِر، استقرار الأوضاع في دمشق لاتخاذ خطوات نحو المشاركة في هذه المشروعات.
تتراوح مشروعات إعادة الإعمار في سوريا بين 400 مليار دولار وتريليون دولار، بحسب تقديرات وزير الاقتصاد والصناعة السوري، نضال الشعار، ما يجعلها كعكة استثمارية ضخمة يرغب المستثمرون من مختلف البلاد في حجز نصيبهم منها.
برفع العقوبات الدولية على سوريا، تدخل دمشق حقبة جديدة في تاريخها، تتطلع فيها لبناء دولة حديثة تتجاوز سنوات الحرب والدمار، وتعيد بناء جميع عناصرها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، فهل يكون لمجتمع الأعمال بمصر دور في إعادة بناء سوريا، على غرار ما قام به في العراق وما يتطلع إليه في ليبيا؟.
فرص واعدة
قال رئيس لجنة التعاون العربي باتحاد الصناعات المصرية، محمد البهي، إن مجتمع الأعمال في مصر يرى في الدول المجاورة فرصاً واعدة للاستثمار، خاصة أن أغلب تلك الدول لديها خطط ضخمة لإعادة الإعمار.
وأضاف البهي لـ«إرم بزنس»، أن مصر لديها باع طويل في المشاركة بمشروعات إعادة الإعمار عبر شركات التطوير العقاري والمقاولات الكبرى، القادرة على بناء مدن كاملة في الدول العربية، وهو ما ظهر بقوة في العراق الفترة الماضية، وسيظهر قريباً في ليبيا.
وقبل أسبوعين، وقعت الهيئة الوطنية للاستثمار بالعراق مذكرة تفاهم مع شركة «طلعت مصطفى القابضة» المصرية؛ لإطلاق مشروع استثماري عراقي – مصري – سعودي، لتطوير جزء من المدينة الاقتصادية لمدينة الرفيل غرب العاصمة بغداد، فيما تستعد «أورا ديفلوبرز» المملوكة للملياردير المصري نجيب ساويرس، لإنشاء مدينة «علي الوردي» السكنية في بغداد باستثمارات تلامس 7 مليارات دولار.
وأشار البهي إلى أن الظروف التي يمر بها العالم خلال السنوات الأخيرة تدفع بقوة نحو ضرورة تحقيق التكامل العربي وتعزيز التعاون الصناعي، ومنح الأفضلية للمنتجات العربية في التجارة البينية.
شركة جديدة لتنفيذ مشروعات إعادة الإعمار
قال البهي، إن مجموعة من رجال الأعمال المصريين انتهوا مؤخراً من تأسيس شركة جديدة باسم «التحالف العربي للاستثمار الصناعي» تستهدف تنفيذ مشروعات داخل البلدان العربية التي تحتاج إلى عمليات إعادة إعمار مثل ليبيا والعراق وسوريا وغيرها، بجانب تعزيز الصادرات المصرية للأسواق العربية.
وأضاف: «الشركة الجديدة لديها خطة لتنفيذ مشروعات في سوريا بعد استقرار الأوضاع هناك، خاصة مع توافر فرص ضخمة لإعادة الإعمار».
وذكر البهي أن الشركة المؤسسة حديثاً تضم أكثر من 40 مساهماً يعملون بقطاعات مختلفة مثل التطوير العقاري والصناعي والمقاولات والأجهزة المنزلية والأدوية، وأن أول استثماراتها ستكون في ليبيا، ثم ستبحث في مرحلة لاحقة فرصاً في العراق وسوريا.
استثمارات مرهونة باستقرار الأوضاع
من جانبه، قال الخبير الاقتصادي المصري، مصطفى بدرة، إن انفتاح الإدارة السورية على الوطن العربي الفترة الماضية سيجعل من أولويات الدول العربية دعم الدولة السورية، عبر تنمية وزيادة الاستثمارات والمشروعات القادرة على تحقيق النمو والتنمية.
وأضاف بدرة لـ”إرم بزنس»: «متى يتحقق الاستقرار في سوريا أعتقد أن يد العون ستكون ممتدة من كل الدول العربية وفي مقدمتهم مصر».
وأوضح أن تحقيق الاستقرار في سوريا يتطلب توافر الإرادة لدى الإدارة السورية لتحقيق الهدوء والاستقرار المجتمعي، وتهيئة البنية التشريعية والقانونية والدستورية اللازمة لبناء الثقة وجذب الاستثمارات.
وقال إن جذب المستثمرين بمختلف جنسياتهم إلى الأراضي السورية يحتاج إلى اتضاح الرؤية فيما يتعلق بالقوانين المنظمة للاستثمار والسياسات المالية والنقدية، مضيفاً: «لن يُقدم أحد على المغامرة باستثماراته في أي دولة دون اتضاح الرؤية وتوافر الضمانات القانونية لحماية الاستثمارات».
إزالة عوائق الاستثمار والبيروقراطية
تعمل سوريا منذ رفع العقوبات الدولية على إزالة العوائق البيروقراطية وتهيئة بيئة قانونية حديثة عبر تعديل بعض القوانين بهدف تحويلها إلى أدوات محفزة للتنمية، بحسب ما قاله وزير الاقتصاد والصناعة السوري نضال الشعار، خلال مشاركته بجلسة حوارية بقمة الإعلام العربي 2025 في دبي، قبل أيام، والذي أوضح فيها أن بلاده تعمل على تيسير البيئة الاستثمارية في مرحلة مهمة من تاريخ البلاد، بهدف جذب الاسثتمارات.
ويرى الشعار أن عملية جذب التدفقات الاستثمارية لسوريا أصبحت أيسر، وأن الأشهر القليلة الماضية شهدت توقيع بعض الاتفاقات ومذكرات التفاهم، بما يعكس جاهزية الدولة السورية للاستثمار واستقبال رؤوس الأموال.
وأكد وزير الاقتصاد والصناعة السوري، حرص بلاده على جذب المستثمرين وتجنيبهم الفوضى الاستثمارية التي شهدتها البلاد في المراحل السابقة، فضلاً عن تمكينهم من إدارة استثماراتهم بأقصى درجات المرونة والثقة.
خطوات حذرة
قال رئيس شعبة الأسمنت بغرفة مواد البناء باتحاد الصناعات المصرية، أحمد شيرين، إن الشركات المصرية منفتحة على المشاركة في إعادة إعمار سوريا مثلما حدث الفترة الماضية في العراق، لكن الأمر لا يزال يتطلب بعض الوقت لاتخاذ خطوات فعلية.
وأضاف شيرين لـ«إرم بزنس» أن مشاركة الشركات المصرية في تنفيذ مشروعات جديدة بسوريا ستتطور تدريجياً، لحين استقرار الأوضاع بشكل كامل في الدولة، خصوصاً أن المستثمر يفكر دائماً في نسبة المخاطرة قبل دخول أي سوق جديد.
زيادة الصادرات المصرية لسوريا
أشار رئيس شعبة الأسمنت إلى أن رفع العقوبات الأميركية والأوروبية عن سوريا سيسهم في تعزيز التجارة بين سوريا والشركات العالمية العاملة في مصر.
كشف شيرين عن زيادة ملحوظة في طلبات توريد الأسمنت المصري للسوق السورية منذ بداية العام الحالي، لتلبية احتياجات السوق المحلية هناك.
واحتلت سوريا المرتبة العاشرة بقائمة الدول الأعلى استيرادًا للأسمنت المصري في الربع الأول من العام الحالي بواردات قيمتها 6.6 مليون دولار، مقابل 795 ألف دولار في الفترة المقارنة من العام الماضي، بنمو741%، بحسب بيانات أعدتها الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات في مصر.
بجانب الأسمنت، توقع شيرين استمرار زيادة الطلب على مواد البناء المصرية في سوريا، في ظل مساعي دمشق للتوسع في مشروعات إعادة الإعمار خلال الفترة المقبلة.