60 شركة تستثمر 11 مليار دولار في العملات الرقمية على الرغم من تقلبات السوق

تشهد الأسواق المالية توجهاً متسارعاً من قبل عدد متزايد من الشركات المدرجة التي لا تربطها صلة مباشرة بالأصول الرقمية، لاعتماد العملات المشفرة وعلى رأسها البيتكوين، كجزء من استراتيجياتها للاحتياطي النقدي.
ووفقاً لتقرير نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال»، أثار هذا الاتجاه الجديد قلق عدد من المحللين الماليين والفاعلين في قطاع التشفير.
وبحسب بنك «ستاندرد تشارترد»، الذي استند إلى بيانات من موقع «بيتكوين تريجريز دوت نت» (BitcoinTreasuries.net)، تبنّت نحو 60 شركة من قطاعات متنوعة، منها البرمجيات، التسويق، والرعاية الصحية، ما يُعرف باسم «استراتيجية احتياطي البيتكوين».
وقد اتسع نطاق هذه الاستراتيجية ليشمل عملات رقمية أخرى مثل «إيثريوم» و«سولانا» و«إكس آر بي». ويُنظر إلى هذه الخطوة على أنها محاولة لتعزيز أسعار الأسهم، غالباً من دون وجود مبررات تجارية حقيقية ترتبط بتكنولوجيا البلوكشين أو خدمات التشفير.
وكان رائد هذه المقاربة مايكل سايلور، المدافع البارز عن البيتكوين، الذي حوّل شركته العاملة في البرمجيات، «استراتيجي» (Strategy)، إلى واحدة من أكبر حاملي البيتكوين بين الشركات. والآن، تحذو حذوه مجموعة متنوعة من الشركات. إلا أن بعض الخبراء الماليين يحذرون من أن هذه الموجة المضارِبة قد تعمّق المخاطر داخل النظام البيئي للعملات المشفرة، وتؤثر في أسواق الأسهم بشكل أوسع.
وقال إليوت تشون، الشريك في شركة الاستشارات «آركيتكت بارتنرز» (Architect Partners): «الأصول الرقمية لا تزال شديدة التقلب. علينا أن نكون حذرين، فالوضع يكون رائعاً عندما ترتفع الأسعار، لكنه يصبح عنيفاً عندما تنخفض».
وأشار تشون إلى أن الشركات التي تشتري العملات المشفرة بكميات كبيرة، لا سيما من خلال التمويل بالديون، قد تضطر إلى بيع ممتلكاتها بشكل جماعي في حال حدوث تراجع في الأسعار، ما قد يسرّع عمليات البيع ويزيد من اضطرابات السوق.
ووفقاً لجيف كندريك، رئيس أبحاث الأصول الرقمية في بنك «ستاندرد تشارترد»، فإن انخفاض سعر البيتكوين إلى ما دون 90,000 دولار، أي أقل بنسبة 15% من مستواه الحالي، قد يعني أن نحو 30 شركة مدرجة ستواجه خسائر في محافظها الرقمية.
ورغم هذه التحذيرات، لا تزال حماسة المسؤولين التنفيذيين قوية. فقد أعلنت ست شركات على الأقل خلال الأسبوع الماضي عن تبنيها لاستراتيجية الاحتياطي بالعملات المشفرة. ويغذي هذا الزخم ارتفاع البيتكوين إلى مستويات قياسية، إلى جانب الدعم السياسي المتزايد، بما في ذلك من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي تسعى شركته الإعلامية إلى جمع تمويل لشراء البيتكوين.
كما جذب هذا الاهتمام المتزايد أنظار «وول ستريت»، حيث بدأت البنوك تقديم خدمات تمويلية مخصصة لدعم عمليات شراء الأصول الرقمية. ومن أبرز الصفقات الأخيرة، إعلان شركة «شاربلينك غيمينغ» (SharpLink Gaming) المتخصصة في تسويق المراهنات الرياضية، ومقرها مينيابوليس، في 2 يونيو، أنها أتمّت تمويلاً خاصاً بقيمة 425 مليون دولار بقيادة شركة «كونسنسيس سوفتوير» (Consensys Software)، لتصبح أكبر شركة عامة حاملة للـ«إيثر». إلا أن الإعلان تسبب بانخفاض أسهم «شاربلينك» 28%.
وفي المقابل، ارتفعت أسهم شركة «سولار بانك» (SolarBank) الكندية للطاقة المتجددة بنسبة تجاوزت 1% بعد إعلانها عن اعتماد استراتيجية بيتكوين. كما قفزت أسهم شركة «كيه ويف ميديا» (K Wave Media)، المتخصصة في محتوى الكيبوب، بأكثر من 130% عقب إعلانها عن خطة لجمع 500 مليون دولار عبر بيع أسهم من أجل شراء البيتكوين.
وبحسب شركة «آركيتكت بارتنرز»، بلغ إجمالي رؤوس الأموال المخصصة لاستراتيجيات الاحتياطي بالعملات المشفرة منذ مطلع أبريل نحو 11.3 مليار دولار. ويتضمن هذا الرقم خطة شركة «ترامب ميديا آند تكنولوجي غروب» (Trump Media and Technology Group) لجمع 2.5 مليار دولار لشراء بيتكوين، بالإضافة إلى إطلاق شركة «توينتي ون كابيتال» (Twenty One Capital)، المتخصصة في تراكم البيتكوين، والمدعومة من «تيذر» (Tether) و«سوفت بانك» (SoftBank).
وأفادت شركة ترامب الإعلامية بأنها جمعت أكثر من 1.4 مليار دولار من خلال مبيعات أسهم، إلى جانب مليار دولار من سندات قابلة للتحويل من دون فائدة، لتمويل عمليات شراء البيتكوين. كما قدمت الشركة بيان تسجيل لدى الجهات التنظيمية يتيح لها إصدار ما يصل إلى 12 مليار دولار من الأوراق المالية.
وفي تطور موازٍ، أعلنت شركة «وورلد ليبرتي فاينانشال» (World Liberty Financial)، وهي مشروع تشفير مدعوم من عائلة ترامب، عن نيتها شراء حصة كبيرة من «العملة الميمية» الخاصة بالرئيس، لتضمينها ضمن احتياطاتها طويلة الأجل.
ومع ذلك، لا يُنظر إلى جميع الاستراتيجيات على قدم المساواة. فالمحللون يرون أن الشركات التي يقودها أشخاص بارزون في عالم التشفير قد تكون أكثر قدرة على الصمود في وجه تقلبات السوق.
وذكر بريت كنوبلاوخ، رئيس أبحاث الأصول الرقمية في شركة «كانتور فيتزجيرالد» (Cantor Fitzgerald)، أن كلاً من مايكل سايلور وجاك مالرز، من «توينتي ون كابيتال»، مثالان على شخصيات يمكنها الحفاظ على اهتمام المستثمرين في فترات التقلب.
وقال كنوبلاوخ: «الاهتمام يولّد حجم تداول، وحجم التداول يولّد قدرة على جمع التمويل، والتمويل يُمكّن من شراء المزيد من البيتكوين. هذه هي الدورة المتكررة. أما الشركات التي لا تمتلك هذه الديناميكية التصاعدية، فستواجه طريقاً أكثر صعوبة».