«أبل» تترك الجماهير خائبة الأمل فيما يتعلق بالذكاء الاصطناعي خلال مؤتمر المطورين

فشلت شركة «أبل» في تلبية التوقعات المتواضعة أساساً بشأن استراتيجيتها في الذكاء الاصطناعي خلال مؤتمرها السنوي للمطورين (WWDC)، في إشارة إلى استمرار تخلفها عن منافسيها في ساحة تقنية تشهد تطورات متسارعة.
ورغم أن المتابعين توقعوا مسبقاً إعلاناً محدوداً يتعلق بالذكاء الاصطناعي، فإن ما قدمته الشركة جاء أقل من ذلك، وفقاً لتقرير نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال».
وتمثل أبرز إعلانات «أبل» في مبادرة كانت منتظرة منذ فترة، تتيح للمطورين الوصول إلى «النماذج الأساسية» الخاصة بالشركة، وهي خطوة قد تتيح مستقبلاً تطوير تطبيقات ذكاء اصطناعي تعمل بسلاسة ضمن نظام «أبل».
ومع ذلك، ركز العرض التقديمي بشكل أساس على تحديثات روتينية لنظم التشغيل وتحسينات بصرية، منها تصميم جديد لواجهة الاستخدام يحمل اسم «الزجاج السائل» (Liquid Glass).
وقد أعرب المحللون عن خيبة أملهم، إذ كتب المحلل في «يو بي إس» (UBS) ديفيد فوغت في تقرير أعقب الحدث: «العديد من ميزات الذكاء الاصطناعي التي تم الإعلان عنها تُعد في رأينا تطويرات طفيفة، وهي متاحة مسبقاً في تطبيقات منافسة».
كما تراجعت أسهم «أبل»، التي انخفضت بالفعل بنسبة 19% منذ بداية العام، بشكل إضافي بعد الحدث.
وتعكس هذه المقاربة الحذرة من «أبل» محاولتها تجنب ما حدث العام الماضي، حين كشفت عن منصة «ذكاء أبل» (Apple Intelligence) وسط ضجة إعلامية، لتفشل لاحقاً في الوفاء بالوعود التي أطلقتها. وكان من المفترض أن تشمل تلك المنصة تحديثاً جذرياً للمساعد الصوتي «سيري» (Siri) مدعوماً بالذكاء الاصطناعي، وهو ما لم يتحقق بعد.
وقال كريغ فيدريغي، رئيس قسم هندسة البرمجيات في «أبل»، يوم الاثنين، إن الشركة ستكشف المزيد من التفاصيل بشأن «سيري» خلال العام المقبل. ويعني ذلك أن إطلاق نسخة مطورة من «سيري» قد لا يتم قبل نهاية عام 2026، أي بعد عامين من حصول مساعد «غوغل» على تحديثه الكبير المدعوم بالذكاء الاصطناعي؛ ما يسلط الضوء على التأخر الواضح لشركة «أبل».
ويعزو الخبراء هذا التأخر جزئياً إلى اختلاف نموذج الأعمال؛ ففي حين تعتمد «مايكروسوفت» و«غوغل» و«أمازون» و«ميتا» على بنى تحتية سحابية ضخمة لتوزيع خدمات الذكاء الاصطناعي، تعتمد «أبل» على أجهزتها فقط، والتي لا تزال تمثل نحو 75% من إيراداتها السنوية.
لكن هذه الاستراتيجية تواجه تحديات، فالميزات المعتمدة على الذكاء الاصطناعي والموجودة على الأجهزة نفسها، المعروفة باسم «الذكاء الاصطناعي المثبت على الجهاز»، لم تثبت حتى الآن أنها عامل جاذب رئيس في مبيعات الهواتف أو الحواسيب.
ويزيد الأمر تعقيداً أن «أبل» تفتقر إلى بنية تحتية سحابية قوية خاصة بها في مجال الذكاء الاصطناعي. وكانت الشركة أبرمت العام الماضي اتفاقية مع شركة «أوبن إيه آي» (OpenAI) لتعزيز قدراتها في هذا المجال. ويتوقع محللون أن تسعى «أبل» إلى شراكات إضافية، ربما مع منصة «جيميناي» (Gemini) التابعة لـ«غوغل»، للمحافظة على قدرتها التنافسية.
وقد تسهم هذه الشراكات في تقليص الفجوة التقنية، خصوصاً أن «أبل» تنفق جزءاً يسيراً فقط مما تنفقه شركات أخرى على شرائح «انفيديا» (Nvidia) وبنى الذكاء الاصطناعي التحتية. ومع ذلك، تبقى المشكلة الأساسية قائمة، حتى يدفع الذكاء الاصطناعي المستخدمين إلى تحديث أجهزتهم، يجب أن يكون مبرراً لشراء عتاد جديد.
وكتب كريغ موفيت من شركة «موفيت ناثانسون» (MoffettNathanson) قائلاً: «لن تحدث دورة تحديث مدفوعة بالذكاء الاصطناعي إلا إذا كانت الأجهزة الجديدة ضرورية لتشغيل هذه القدرات». وأضاف: «في غياب ذلك، فإن أهم دعامة لحالة التفاؤل بشأن «أبل» لم تعد قائمة».
ومع تأخر تحديث «سيري» واستبعاد إدخال تحسينات كبيرة في الذكاء الاصطناعي على هواتف آيفون القادمة، قد يجد مستثمرو «أبل» أنفسهم مضطرين للانتظار حتى خريف 2026 لمعرفة ما إذا كانت الشركة قادرة على إثبات حضورها في ما يعتبره كثيرون سباق التكنولوجيا الأهم في هذا الجيل.
وفي الأثناء، قد لا تكون تحسينات الشكل مثل «الزجاج السائل» كافية لإرضاء الترقب المتزايد لتطورات الذكاء الاصطناعي من جانب المستهلكين والمستثمرين على حد سواء.