الطلب على العملات والسبائك الصغيرة يتزايد.. الذهب يبقى الخيار المفضل للأردنيين

الطلب على العملات والسبائك الصغيرة يتزايد.. الذهب يبقى الخيار المفضل للأردنيين

وسط ضبابية المشهد الاقتصادي الإقليمي والتقلبات المتسارعة في الأسواق العالمية، برز الذهب مجدداً كخيار مفضل لدى الأردنيين الباحثين عن ملاذات آمنة لحماية مدخراتهم. فقد شهدت الأشهر الأخيرة تزايداً ملحوظاً في الإقبال على شراء الذهب، ليس بدافع الزينة أو الاستثمار السريع، بل كأداة للتحوط من المخاطر وتآكل القوة الشرائية.

هذه الموجة من الطلب تتزامن مع ارتفاع غير مسبوق في أسعار الذهب عالمياً ومحلياً؛ ما يعكس ثقة متزايدة لدى الأفراد في المعدن الأصفر كوسيلة للحفاظ على القيمة في مواجهة حالة الترقب التي تحيط بالاقتصاد العالمي، وانخفاض العوائد على أدوات الادخار التقليدية.

أسعار الذهب تواصل الصعود رغم الترقب

ويبلغ سعر أونصة الذهب في الأسواق العالمية حالياً نحو 3330 دولاراً مع أنه وصل في وقت سابق إلى حاجز تاريخي عند 3500 دولار تقريباً، مدعوماً بعوامل عدة أبرزها التوترات الجيوسياسية الدولية وتباطؤ الاقتصاد العالمي وسياسات التيسير النقدي في بعض الدول الكبرى.

أما في السوق الأردني، فبحسب آخر تسعيرة يبلغ سعر غرام الذهب من عيار 24 حاجز 77.4 دينار، وعيار 21 الأكثر طلباً 67.3 دينار وعيار 18 عند 59.4 دينار، فيما يبلغ سعر الليرة الإنجليزية 543.4 دينار والليرة الرشادية 474.1 دينار أردني، مع تفاوت طفيف بين محلات الصاغة بحسب المناطق.

تحول سلوكي لافت نحو الذهب

رئيس جمعية تجار الحلي والمجوهرات ربحي علان، أكد لـ«ارم بزنس» أن هناك تحولاً لافتاً في سلوك المواطنين خلال الشهرين الأخيرين، حيث بات كثيرون يفضلون تحويل ما لديهم من سيولة نقدية إلى ذهب، خصوصاً في ظل شعور عام بعدم الاستقرار المالي.

وقال علان إن الإقبال على الذهب ما زال نشطاً رغم ارتفاع الأسعار، ما يؤكد أن المعدن الأصفر أصبح أداة تحوط رئيسة لدى الأردنيين، مشيراً إلى أن الطلب يتركز حالياً على الليرات والسبائك الصغيرة، التي يراها الناس أكثر ملاءمة للادخار والمحافظة على قيمة أموالهم.

وأشار إلى أن العديد من الأردنيين حولوا ما يملكون من موجودات نقدية إلى ذهب، ما يعكس حالة من عدم الرضا عن أداء الأسواق الأخرى وثقة أكبر بالذهب كمخزن للقيمة.

لا تأثير في البنوك أو احتياطات النقد

الخبير المصرفي ورئيس جمعية البنوك في الأردن سابقاً عدلي قندح أوضح في تصريح لـ«ارم بزنس» أن هذا التوجه لا يمثل تهديداً حقيقياً للقطاع المصرفي أو لاحتياطات النقد الأجنبي في المملكة، مشدداً على أن حجم الذهب المتداول لدى الأفراد يظل ضمن مستويات طبيعية ولا يرقى إلى سحب جماعي للودائع.

وقال قندح، إن الذهب ملاذ آمن بطبيعته، والناس تلجأ إليه وقت الأزمات، وهذا سلوك معتاد، لكنه أضاف أن شراء الذهب من قبل الأفراد لا يؤثر في توازن النظام المصرفي، فالبنوك في الأردن مستقرة وقوية، وتتمتع بثقة كبيرة واحتياطات كافية.

وأكد أن ما نشهده حالياً هو مجرد تنويع طبيعي في سلوكيات الادخار، لكنه لا يغير في المعادلة الاقتصادية العامة، ولا يحمل آثاراً سلبية على المنظومة البنكية في البلاد.

بين القلق المشروع وثقافة التحوط

ويرى مختصون أن هذا الاتجاه يعكس بعداً نفسياً واجتماعياً بقدر ما هو اقتصادي، إذ يسعى الأفراد إلى حماية مدخراتهم من التضخم وتآكل القيمة الحقيقية، ويجدون في الذهب ملاذاً تقليدياً آمناً.

ومع تصاعد الوعي المالي بين المواطنين، أصبحت قرارات الشراء مدروسة أكثر، وتبتعد عن المضاربة السريعة؛ ما يكرس ثقافة التحوط كنهج واسع الانتشار.

الذهب ليس منافساً بل مرآة للثقة

وبينما يبقى الذهب ملاذاً آمناً، فإنه لا يشكل بديلاً فعلياً للنظام المصرفي، بل يعمل كمؤشر على مدى ثقة الأفراد بقدرة الأسواق على حفظ قيمة المال.

في المحصلة، فإن الذهب سيظل إحدى الأدوات التي يلجأ إليها الناس في فترات القلق، لكنه لا يغني عن المؤسسات المالية ولا يبدل من ملامح الاقتصاد القائم على التوازن والثقة.