بمشاريع ضخمة.. الخليج يصبح مركزاً للبناء والتطوير.

بمشاريع ضخمة.. الخليج يصبح مركزاً للبناء والتطوير.

شهد قطاع التشييد والبناء في دول الخليج قفزات هائلة في السنوات الأخيرة، مع هيمنة واضحة لمشروعات البناء والبنية التحتية على الحصة الأكبر من الإنفاق على المشروعات في المنطقة. ومن المتوقع أن يظل القطاع رائداً رغم التحديات وكثافة المنافسة.

في عام 2024، بلغ إجمالي قيمة عقود مشروعات البناء المُرساة في دول الخليج نحو 265 مليار دولار، بزيادة قدرها 6% مقارنة بعام 2023. نمو يُعزى بشكل رئيس إلى الزيادة الاستثنائية في قيمة المشروعات المُرساة في السعودية، والتي بلغت قرابة 143 مليار دولار، أي ما يزيد عن نصف القيمة الإجمالية في المنطقة ككل، وفق آخر تقرير عن آفاق سوق المشروعات في المنطقة صادر عن مجلة «ميد» (MEED).

البناء في قلب الاقتصاد غير النفطي

شكلت مشروعات البناء والعقارات أحد أعمدة استراتيجيات تنويع الاقتصاد في دول الخليج، في وقت بات نمو القطاع غير النفطي أبرز سمات التحول الاقتصادي في المنطقة من حيث مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي. وقد قادت السعودية والإمارات هذا التحول إلى حد كبير خلال السنوات القليلة الماضية.

إلى جانب تعزيز سوق مشروعات البناء والعقارات بدعم من زيادة الاستثمار في مشاريع البنية التحتية الضخمة، حقق أكبر اقتصادين في الخليج، نجاحاً كبيراً في التخلص من هيمنة النفط، باعتماد استراتيجية تشمل أيضاً تبني التقدم التكنولوجي والابتكار والسياحة.

في السعودية، كانت «رؤية 2030» المحرك الرئيس، حيث خصّصت ما يقارب التريليون دولار لمشروعات البناء والعقارات. تقوم الرؤية على مجموعة متنوعة من العناصر، بدءاً من المشروعات العملاقة، وتوسعة المدن وزيادة المعروض من المنازل، وصولاً إلى تحديث شبكات النقل، ومبادرات الطاقة النظيفة، وترسيخ مكانة المملكة كمركز لوجستي عالمي.

تلك الجهود، جعلت البرنامج السعودي الضخم الذي يتضمن تطوير المشروعات السكنية والصناعية والسياحية، أكبر برنامج للبنية التحتية المدنية في العالم، إذ يشمل «نيوم»، أكبر مشروع منفرد في العالم، بالإضافة إلى مشروع السياحة في البحر الأحمر، ومشروعات التطوير السكنية ومختلطة الاستخدام في جدة وروشن، ووجهات الترفيه مثل «القدية» و«ذا ريغ» (The Rig).

هيمنة دبي

أما في الإمارات، فيقود التحول الرقمي ثورة في سوق الإنشاءات، مع التركيز المتزايد على الاستفادة من التكنولوجيا لتحسين الكفاءة والنتائج، بما يشمل الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء.

بلغت قيمة سوق الإنشاءات الإماراتية 66 مليار دولار في عام 2023، ومن المتوقع أن تصل إلى 95 مليار دولار بحلول عام 2029، بمعدل نمو سنوي مركب قدره 6%، بحسب «ريسيرتش أند ماركتس» (Research and Markets) المتخصصة في أبحاث السوق.

هنا تبرز هيمنة دبي على سوق الإنشاءات الإماراتية، نظراً لتضافر عدة عوامل رئيسة، من بينها الموقع الجغرافي والاقتصاد المتنوع والسياسات الصديقة للأعمال التي خلقت بيئة مواتية لنمو مشروعات البناء، فيما تلعب قوة قطاعها السياحي دوراً محورياً في ذلك.

من ناحية أخرى، تدفع مبادرات التخطيط الحضري الطموح في دبي، مثل «خطة دبي الحضرية 2040»، فرص الاستثمار على المدى الطويل في قطاع البناء.

تحديات القطاع

رغم هذا النمو، لا يزال قطاع التشييد والبناء في منطقة الخليج يواجه منافسة شديدة على العقود. هذا الوضع بحسب ما ورد في تقرير «ميد»، يُجبر المقاولين على تقديم عروض أسعار أقل للحصول على الصفقات، ما يؤدي إلى تآكل هوامش الربح.

بالإضافة إلى ذلك، أدت التعديلات المالية التي أجرتها الحكومات إلى تأخير في سداد العقود، ما سبب مشكلات في التدفق النقدي للمقاولين ومورديهم، وفقاً للتقرير.

بيد أن «ميد» أشارت في تقريرها إلى أن السوق تشهد تطوراً مستمراً، مع ظهور عملاء جدد بارزين في المنطقة، مثل صندوق الاستثمارات العامة السعودي، فضلاً عن اتباع أساليب جديدة للحصول على المشروعات وتمويلها، بما في ذلك الشراكات بين القطاعين العام والخاص.

وأكدت أن آفاق قطاع الإنشاءات في دول الخليج لا تزال إيجابية، مع وجود مجموعة كبيرة من المشروعات قيد التنفيذ في مختلف القطاعات، بما في ذلك الطاقة والكهرباء والمياه والبنية التحتية للنقل؛ حيث تستعد السعودية لنمو كبير، بإجمالي مشروعات في مرحلة ما قبل التنفيذ تبلغ قيمتها 1.49 تريليون دولار، ويلعب قطاع الإنشاءات دوراً حاسماً بتصدره تلك العقود بحصة تبلغ قيمتها 870.9 مليار دولار.