ليلة مظلمة في تاريخ تل أبيب: إيران تصر على المقاومة وتضرب عمق إسرائيل

شهد الكيان الإسرائيلي ليلة سوداء على وقع الضربات الصاروخية الإيرانية التي زلزلت قلب إسرائيل فجر الأحد، وأحدثت مفاجأة مذهلة لصناع القرار في تل أبيب الذين فشلت منظوماتهم الدفاعية في ملاحقة عدد كبير من الصواريخ والمسيرات الإيرانية، التي تحدت كل تلك التقنيات والحداثة العالمية وضربت مواقع عسكرية وصناعية وتجارية وعلمية في معظم أنحاء فلسطين المحتلة.
ليلة الأحد وصفت في إسرائيل بأنها الأسود في تاريخها منذ اغتصاب فلسطين في العام 1948، حيث فشلت خمسة أنواع من أحدث منظومات الدفاع الجوي في العالم في وقف الصواريخ الإيرانية التي أمطرت إسرائيل ومدنها، وحبست ملايين اليهود تحت الأرض، وحولتهم إلى فئران مذعورة لا تجرؤ على الخروج من جحرها.
ومن بين اعترافات كبار المسؤولين الإسرائيليين، أعلن قائد الجبهة الداخلية أن الليلة كانت «صعبة»، إذ عملت فرق الإطفاء والإنقاذ بحثًا عن ناجين تحت الأنقاض في «بات يام»، وأغلقت المدارس ودور الأعمال في بعض المناطق يوم الأحد استجابةً للتحذيرات، كما عاش السكان حالة رعب أثناء صفارات الإنذار وأغلبهم فر إلى الملاجئ.
وعلى صعيد الخدمات، عانت بعض المناطق من انقطاع للكهرباء والمياه بفعل الأضرار، بينما تسببت الضربات في تعطيل الطرق وشبكات النقل، مما تسبب في ضغط إضافي نفسي واقتصادي جديد على المدنيين.
وعلى الرغم من سياسة التعتيم الإعلامي وحظر النشر التي يتبعها الجيش الإسرائيلي، إلا أن وسائل إعلام، ومواقع التواصل الاجتماعي أكدت أن الصواريخ الإيرانية استهدفت مواقع عسكرية واستراتيجية وحيوية داخل العمق الإسرائيلي، مما أسفر عن دمار واسع النطاق، وكان من أبرز ما استهدفته الصواريخ مركز «وايز مان» وهو أحد أبرز 10 مراكز علمية في العالم متخصص في علوم الفيزياء والكيمياء، وقد اعترفت إسرائيل بإصابته بعد أن نقل أحد الصحفيين الاجانب صورا للدمار والحرائق بالمركز، وتم اعتقال الصحفي الأجنبي لأنه خالف سياسة حظر النشر والتعمية الإعلامية.
مواقع فجرتها الصواريخ
نجحت إيران في الوصول إلى أهدافها على كل الجغرافيا الإسرائيلية تقريبًا، وجاءت الضربات دقيقة في اختيارها للمواقع التي تعد مفاصل حيوية في البنية العسكرية والمدنية للدولة العبرية، وهو ما يؤكد عودة مركز القيادة والسيطرة الإيراني للعمل مرة أخرى بعد قتل واغتيال معظم قيادات الصف الأول في الجيش والحرس الثوري الإيراني، حيث استهدفت الضربات قاعدة نفاتيم الجوية في الجنوب، والتي تنطلق منها الغارات الإسرائيلية على إيران، إلى جانب قاعدة تل نوف قرب تل أبيب، حيث ضرب مركز القيادة وإدارة الحرب الإلكترونية، كما طالت الهجمات مركز أودا الجوي المعروف بدوره في إدارة الهجمات الجوية السابقة على أهداف إيرانية.
وفي اختيار استراتيجي، ضربت إيران مقر وزارة الدفاع الإسرائيلية في «الكرياه» وسط تل أبيب، الذي أظهرت الصور تعرضه لأضرار بالغة، في حين تضررت المراكز الصناعية العسكرية، لا سيما مصانع إنتاج الصواريخ، كما لم تسلم الأحياء المدنية من هذه الموجة، إذ شهدت رامات غان دمارًا كاملاً في تسعة مبان سكنية، بينما تعرض حي الأغنياء «ريشون لتسيون» لأضرار كبيرة بعد سقوط صواريخ أصابت الحي بدمار موسع قالت عنه الصحف الإسرائيلية إنه الأسوأ في تاريخ إسرائيل.
وأظهرت الصور التي نقلتها الفضائيات والصحف والمواقع الإخبارية حجم الدمار الذي لحق بالبنايات وتحولها إلى أنقاض، واستغاثة العالقين بها في مشهد يشبه تمامًا ما قامت به إسرائيل في أحياء قطاع غزة، وكأن الصهاينة يشربون من نفس كأس إجرامهم وغرورهم ضد أبناء الشعب الفلسطيني.
خراب في دولة العدو
بلغت حصيلة الدمار الكلي في ليلة الأحد وحدها تدمير خمسة عشر مبنًى سكنيًا وعسكريًا، إضافة إلى دمار واسع في منشآت البنية التحتية وشبكات الطرق، وتم تدمير عشرين موقعًا حيويًا، بما في ذلك قواعد عسكرية ومراكز تصنيع بشكل جزئي، وفي إعلان رسمي للجيش الإسرائيلي وهيئة الإسعاف «نجمة داود الحمراء» تم الإعلان عن مقتل 6 إسرائيليين وإصابة 180 آخرين، إضافة إلى وجود 7 عالقين تحت الأنقاض لم تنجح فرق الإنقاذ في استخراجهم حتى ظهر الأحد، في حين لا تزال السلطات تتكتم على الأعداد الدقيقة للإصابات بين المدنيين والعسكريين، وسط تداول صفحات مواقع التواصل الاجتماعي لأعداد كبيرة من القتلى والمصابين في تل أبيب وضواحيها.
وكشفت مواقع إيرانية مستقلة عن أن إيران أدارت حربها ليلة الأحد بقدرات فائقة، حيث استخدمت عددا أقل من الصواريخ «90 صاروخًا» بينما أطلقت 200 صاروخ في الليلة التي سبقتها ولكن صواريخ الأحد كانت أكثر حداثة ودقة وتحمل أكثر من نصف طن من المتفجرات وهو ما مكنها من إحداث كل هذا الدمار في دولة العدو إضافة إلى استفادة غرف القيادة والسيطرة في طهران من المعلومات الاستخبارية القديمة التي حصلت عليها طائرات الهدهد الشهيرة التي أعلن عنها حزب الله، وقامت بتوزيع ضرباتها على مواقع عسكرية واستراتيجية وصناعية وحيوية وخاصة في ميناء حيفا وما حولها، وهو ما يؤكد سرعة استعادة القيادة الإيرانية لتوازنها بعد ضربة الجمعة الغادرة، حيث كشفت المواقع الإيرانية عن تنوع طبيعة الأهداف ما بين قواعد جوية «نفاتيم، تل نوف، أودا»، ومراكز قيادة استراتيجية «مقر وزارة الدفاع»، ومنشآت صناعية عسكرية «مصانع الصواريخ في تل أبيب»، وأبراج ومجمعات سكنية، وقد تركز الدمار الأكبر في مراكز التحكم ومدرجات الطيران، إضافة إلى تدمير خطوط الإنتاج الصناعية.

صمود إيراني
ويرى المراقبون أن إيران دولة كبرى تستطيع امتصاص ضربات الجمعة، وقد نجحت جزئيًا في البرهنة على ذلك ليلة الأحد بتوجيه تلك الضربات إلى قلب إسرائيل، إضافة إلى اعتقال عدد من عملاء الموساد كانوا يقومون بتصنيع وإطلاق الطائرات المسيرة، كما تحركت فرق من الجيش الإيراني إلى النقاط الحدودية لإحكام السيطرة ومنع دخول متسللين تراهن عليهم إسرائيل لإحداث فوضى داخل البلاد.
ويراهن المراقبون على خبرات إيران السابقة في تحمل الضربات الإسرائيلية وإعادة توازنها سريعًا وإلحاق دمار شامل في دولة الاحتلال، خاصة أن الغرور والغطرسة الإسرائيلية هما الطريق الأقصر لإنهاء هذه الدويلة التي صنعها الغرب كقاعدة استخبارات وخراب ودمار في منطقتنا العربية.
اقرأ أيضاًلحظة قصف مبنى الإذاعة والتليفزيون الإيراني | فيديو
مدير مركز الفكر ديبلو هاوس الإيراني: إيران لن تستسلم ولا اتفاق بعد الآن
من التضليل إلى التسليح.. حدود التنسيق الخفي بين أمريكا وإسرائيل ضد إيران