معركة مادلين: تنبيه للمستغفلين.. استيقظوا!

معركة مادلين: تنبيه للمستغفلين.. استيقظوا!

شروق الحرية في ظلمة البحر

في لحظةٍ نادرة، خرجت الشمس من خاصرة البحر لا لتضيء زرقة المتوسط، بل لتشهد على ملحمة جديدة تُكتَب بين موجتين، وتُسجَّل لا في دفاتر الدول، بل في ضمير الكوكب.

فجر اليوم، بينما كانت الشعوب تنام تحت أغطية النسيان، استيقظ البحر على معركة غير متكافئة: قارب صغير يحمل جُرعات ضمير، يواجه خمسة زوارق محمّلة بخوف دولة تملك السلاح وتخشى الكاميرا.

إنها ليست المرة الأولى التي تُختَطف فيها سفينة في عرض البحر، لكنّ ما جرى مع «مادلين» لم يكن مجرد قرصنة. كانت حربًا على الذاكرة، على الصوت، على البوصلة.

الإنسانية في وجه الطغيان

أرادت إسرائيل أن تخنق ما تبقى من صدى، أن تجهض ما لم يولد، أن تُطفئ النور داخل البحر، لكنّ الضوء لا يُؤسَر، والحرية لا تُقيَّد.

معركة «مادلين» لم تكن موقعة بحرية عسكرية بل مواجهة فلسفية بين من يملك الحقيقة ومن يملك الرعب.

بين من اختار أن يشهر إنسانيته في وجه الطغيان، ومن احترف إخفاء جريمته في ظلام الليل.

بين من يتقن لغة الصمت النبيل، ومن لا يجيد سوى القصف والاختطاف والترويع.

الصمت العربي

صمت العرب عن المعركة ليس مفاجئًا. بعضهم اعتذر مسبقًا عن المشاركة خشية أن تعيدهم إسرائيل إلى أنظمة أكثر دموية من الاحتلال نفسه.

الأنظمة التي تخاف من مواطنيها أكثر مما تخاف من عدوّهم.

أما الشعوب، فحبست أنفاسها، وتابعت لحظة بلحظة، كمن يتلمّس نداء في البحر يخاطب وجعه الداخلي.

لم تكن «مادلين» سفينة، بل كانت فكرة، والفكرة لا تُغرق.

رغبة في كسر الحصار

لم تكن حمولة السفينة فقط طرود غذاء، بل كانت أحلامًا مكدّسة، رغبات إنسانية في كسر الحصار، هتافات مضغوطة في العتمة، رُسلًا غير معلنين لأخلاق منسية.

ولأن الكيان الذي يختطف السفينة هو نفسه الذي اختطف وطنًا، فإن الفعل يتكرر ولكن الردّ يتكرر أيضًا:

لا يمكنكم أن تختطفوا الحلم. لا يمكنكم أن تُخضعوا الروح.

أبطال «مادلين» ليسوا جنودًا، بل حراسًا للضمير العالمي.

أتوا من البرازيل، من تركيا، من السويد، من فلسطين المبعثرة.

كتبوا أسماءهم بمدادٍ لا يمحوه غبار الإعلام، ولا ترهبه جرافات السياسة.

أسماؤهم ستبقى خالدة، في حين تُمحى أسماء أولئك الذين سقطوا في حفرة الخوف والتواطؤ، من زعماء وأنظمة لا تجيد إلا الركوع.

الرعب الإسرائيلي من الحقيقة

إسرائيل لم تُخفِ عداءها للكاميرا فقط، بل للحقيقة.

قدمت لمختطفي السفينة صورًا من «طوفان الأقصى» كما لو كانت توثّق سببًا للجريمة.

لكن من يركب قارب الحرية لا يحتاج إلى تبرير لرغبته في كسر الجدار، بل يعرف أن الذاكرة أكبر من الخوف، وأن النسيان هو الجريمة الفعلية.

الحرب لم تعد فقط في غزة، بل في كل مساحة يُراد لها أن تنسى، أن تصمت، أن تعيش في وهم الطبيعي.

«مادلين».. بداية جديدة لإيقاظ ضمير العالم

معركة «مادلين» ليست نهاية بل بدء جديد، إيقاظٌ موجعٌ في زمنٍ يفضّل الغيبوبة على المواجهة.

لم يكن الحصار وحده هو الهدف، بل حصار الضمير، وإخضاع الشمس للغروب.

لكن كما قال نيرودا:

«يمكنك أن تقطع كلّ الأزهار، ولكنك لا تستطيع أن تمنع الربيع من القدوم».

وإذا كانت إسرائيل قد خطفت القارب، فإن العالم كله رأى أن شمسًا وُلِدت من البحر، وأن الحرية لا تُسرَق بل تُورَّث، من سفينة إلى سفينة، ومن دمعة إلى أخرى، حتى ينفجر البحر يومًا.. .بالكرامة!!

اقرأ أيضاًبكري عن احتجاز السفينة مادلين: همجية الاحتلال لن تمنع وصول رسالة رفض الحصار وإبادة الأبرياء

قوات الاحتلال تحاصر السفينة مادلين قبل وصولها لغزة لكسر الحصار

«إرهاب دولة منظم».. الوطني الفلسطيني يدين اعتداء الاحتلال الإسرائيلي على السفينة «مادلين»