“سبت لعازر”.. تمهيد الفرح وانتصار الحياة على الموت

“سبت لعازر”.. تمهيد الفرح وانتصار الحياة على الموت

في نهاية الصوم الأربعيني، وقبل الدخول في درب الآلام في الأسبوع العظيم، تقف الكنيسة أمام مشهد لاهوتي وإنساني فريد من نوعه: سبت لعازر. يوم استثنائي في السنة الليتورجية، يحمل طابعًا قياميًا بامتياز، يعلن مبكرًا انتصار الحياة على الموت.
 

“الله مؤازري”.. والقيامة بدأت من بيت عنيا

لعازر، الاسم الذي يعني “الله مؤازري”، لم يكن فقط صديقًا ليسوع، بل كان علامة فارقة في مسيرة الخلاص. في بيت عنيا، حيث عاش لعازر مع مريم ومرتا، صنع المسيح  إحدى أعظم معجزاته: إقامة ميت بعد أربعة أيام في القبر. 

 

ومعجزة لم تكن مجرد حدث خارق، بل إعلان واضح أن يسوع خصه الله هو فقط ب“القيامة والحياة”، وأن الموت ليس النهاية.

 

نهاية الأربعين.. وبداية القيامة

ينتهي الصوم الأربعيني يوم الجمعة من الأسبوع السادس، ليفتح سبت لعازر الباب على مصراعيه لاستقبال النور، إذ يُصنَّف ليتورجيًا كيوم أحد، ويُرتّل فيه: “يا من قام من بين الأموات”، تعبير لا يُستخدم إلا أيام الآحاد. بهذا يكون السبت، استثناءً في السنة الكنسية، يحمل طابع القيامة بكل ما فيها من رجاء وفرح.

 

من بيت عنيا إلى أورشليم: مسيرة المجد تبدأ

يشكّل سبت لعازر مع أحد الشعانين وحدة تمهيدية للأسبوع العظيم. فالحدثان يرتبطان جغرافيًا (في بيت عنيا) وروحيًا، إذ يقوداننا من مشهد القيامة إلى مشهد الدخول الملوكي إلى أورشليم. هو تحوّل تدريجي من الدموع إلى الانتصار، ومن الموت إلى الحياة.

المعنى الأعمق: لعازر سابق المسيح في القيامة

في تراتيل سَحَر هذا اليوم، تعلن الكنيسة المعنى الحقيقي لقيامة لعازر: إنها “بروفة” إلهية للقيامة الكبرى. المسيح، بقيامته للعازر، زعزع أبواب الجحيم، وبدأ تحطيم قوة الموت. وبكلام مرثا “سيقوم في القيامة”، يجيبها المسيح أنا هو القيامة”، ليصحح فهمها من قيامة مستقبلية إلى حياة حاضرة فيه.
 

دموع وبُكاء.. أم مجد ولاهوت؟

في مشهد إنساني عميق، نرى يسوع يبكي، لكنه في اللحظة التالية يأمر: “لعازر، هلم خارجًا”. في هذا التناقض الظاهري، يظهر الكمال الإلهي والإنساني للمسيح. بكاؤه هو تعبير عن مشاركته أحزان البشر، وأمره هو إعلان سلطانه على الموت.

دعوة للحياة.. رغم فساد الخطيئة

ختامًا، يحمل سبت لعازر رسالة روحية شخصية لكل مؤمن: حتى إن كنا “قد أنتنّا” في خطايانا، فالمسيح قادر أن يقيمنا. هو يقف أمام قبر كلٍّ منّا، ينادينا باسمنا، ويقول: “هلمّ خارجًا”. هو لا يترك المقيدين، بل يحررهم ويُعيد إليهم الحياة.