بين السطور..«ذكاء اصطناعى وخصوصية مستباحة.. إلى أين يقودنا الإفراط في المشاركة؟»

في عالم تتطور فيه أدوات الذكاء الاصطناعي بشكل كبير، بل وتتسلل الي تفاصيل حياتنا اليومية، يبدو أن الراحة التي توفرها هذه الأدوات لا تأتي دون ثمن، فالمستخدم، طوعًا أو كرهًا، أصبح هدفًا مباشرًا لتهديدات رقمية متنامية تتربص ببياناته الشخصية والمهنية، وتجعله أكثر عرضة للانكشاف والانتهاك.
وقد أتيحت لي الفرصة الأسبوع الماضي للمشاركة في البرنامج التدريبي الذي يعقد حاليًا تحت عنوان “التغطية الإعلامية لقضايا الأمن السيبراني”، بشراكة بين شركة الشرق الأوسط لخدمات تكنولوجيا المعلومات “MCS” الموزع والشريك الاستشاري الإقليمي لحلول تكنولوجيا المعلومات وتقنيات الأمن السيبراني في مصر وأفريقيا و مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء (IDSC) وبالتعاون مع مجموعة 30N وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) في مصر،وهو أول برنامج تدريبي متخصص يركز على تزويد أكثر من٦٠ صحفيًا بالأدوات اللازمة للإبلاغ بدقة عن الأمن السيبراني، وتبسيط القضايا التقنية المعقدة، وزيادة الوعي العام بالتهديدات الرقمية وحماية البيانات.
كما يسلط الضوء على هذه المخاطر المتصاعدة، ويوفر منصة حوار عميقة حول كيفية التعامل الإعلامي مع قضايا الأمن الرقمي.
ولن أخفيك سرا عزيزي القارئ وانا مازلت في بداية هذا البرنامج انه آن الأوان أن ندرك أن ما نشاركه على وسائل التواصل الاجتماعي لم يعد مجرد لحظات شخصية أو آراء عابرة، بل أصبح مادة خامًا سهلة للاستغلال، سواء من قبل جهات تسويقية، أو شبكات تجسس إلكترونية، أو حتى أدوات ذكاء اصطناعي قادرة على تحليل سلوكياتنا والتنبؤ بقراراتنا المستقبلية.
فنحن نعيش اليوم في عالم “الكتاب المفتوح”، حيث يمكن لأي طرف، إن امتلك المهارة والأدوات، أن يعرف أين نعيش، من نحب، ماذا نأكل، بل وحتى كيف نفكر.
لذلك فإن توخي الحذر في الإفصاح عن المعلومات لم يعد رفاهية أو خيارًا فرديًا، بل ضرورة لحماية الذات والمجتمع.
فبياناتنا ليست مجرد أرقام أو منشورات، بل خيوط دقيقة يمكن أن تُنسج منها شبكات خداع، ابتزاز، وتلاعب بالرأي العام.
أن ما يطرحه البرنامج التدريبي من قضايا مثل الأمن السيبراني، والتحول الرقمي، وأخلاقيات استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، يمثل دعوة صريحة لإعادة التفكير في علاقتنا بالتكنولوجيا،ويجعلنا أيضا ندرك كم الحاجة إلى إعلام متخصص، ومجتمع واعٍ، وتشريعات صارمة تحمي الخصوصية وتضمن الأمان الرقمي.
في النهاية، يبقى السؤال: هل نمتلك الشجاعة الكافية لإغلاق نوافذ التعرّي الرقمي الطوعي، والتعامل مع الإنترنت ليس كمساحة للبوح غير المشروط، بل كبيئة محفوفة بالمخاطر تتطلب يقظة دائمة؟