اتفاقية نفطية بين اليابان وروسيا تسلط الضوء على تزايد قوة “بريكس” في الأسواق العالمية.

اتفاقية نفطية بين اليابان وروسيا تسلط الضوء على تزايد قوة “بريكس” في الأسواق العالمية.

في خطوة وُصفت بالرمزية والاستراتيجية في آنٍ واحد، استقبلت اليابان في 8 يونيو الجاري شحنة من النفط الخام الروسي، لأول مرة منذ أكثر من عامين، عبر ناقلة تخضع لعقوبات أمريكية وأوروبية، لتعكس هذه العملية التي جرت بهدوء بعيدًا عن الأضواء، تصدع صامت في إجماع المحور الغربي على عزل روسيا اقتصاديًا، وتنامي في نفوذ مجموعة “بريكس” في إعادة رسم خريطة النظام العالمي للطاقة.

وبينما يواصل الغرب بقيادة مجموعة السبع فرض العقوبات على روسيا منذ اندلاع حربها مع أوكرانيا، اختارت طوكيو، أحد حلفاء واشنطن الأساسيين، تغليب مصالحها في أمن الطاقة على الالتزامات السياسية، مُستندة إلى إعفاءات محددة تسمح لها بالاستمرار في التعامل مع مشروعات الطاقة الروسية في جزيرة سخالين القريبة من حدودها.

وبحسب التقارير الإعلامية، تمثل الشحنة التي تسلمتها شركة “تايّو أويل” اليابانية، والمتمثلة في نوع “خام سخالين”، مؤشراً على اتساع الفجوة بين المواقف السياسية والتحركات الاقتصادية في آسيا.

في هذا السياق، يبرز دور مجموعة بريكس باعتبارها محورًا جديدًا يعيد تشكيل الاصطفافات الاقتصادية الدولية، خاصة مع توسيع المجموعة صفوفها مؤخرًا بضم دول كبرى مثل مصر، ما يعزز قدرتها على التأثير في قرارات اقتصادية عالمية تمس قضايا الطاقة والتجارة والسيادة الاقتصادية.

ويشكل انضمام مصر إلى “بريكس” منعطفًا مهمًا في مسيرة توسع المجموعة، لأنه بجانب الثقل السكاني والسياسي الذي تمثله مصر في الشرق الأوسط وإفريقيا، يعزز هذا الانضمام من قدرة المجموعة على تشكيل محور عالمي موازن للغرب، خصوصًا في ظل التحولات المتسارعة في مواقف بعض الدول الآسيوية من العقوبات المفروضة على موسكو.

ورغم عدم صدور تعليق رسمي من السلطات اليابانية حول هذه الشحنة، إلا أن أوساط الطاقة والدبلوماسية قرأت العملية كمحاولة للحفاظ على التوازن مع موسكو، بما يضمن استمرار الاستفادة من مشروعات الغاز الطبيعي المُسال المرتبطة بسخالين، دون تعريض العلاقات مع واشنطن للخطر، لكن هذا الموقف يعكس صراعًا داخليًا بين الاعتبارات الأخلاقية للسياسة الخارجية والضرورات الاقتصادية لأمن الطاقة.

ويرى الخبراء أن هذه الواقعة قد تفتح الباب أمام تحركات مشابهة من دول آسيوية أخرى تواجه الضغوط ذاتها حيث تتناقض مصالحها الوطنية مع تحالفاتها السياسية، وفي حال تكررت هذه المبادرات قد يشهد العالم بداية تخفيف ضمني للحظر المفروض على النفط الروسي في آسيا، ما يمثل انتصارًا ضمنيًا لمجموعة بريكس في معركة النفوذ الاقتصادي على حساب تماسك الجبهة الغربية.

ومع مواصلة مجموعة بريكس في تعزيز زخمها وثقلها الاقتصادي في العالم، تجد لنفسها حلفاء غير معلنين في قلب التحالفات الغربية، وهو ما يمنحها نفوذًا متزايدًا، يعزز من قدرتها على كسر هيمنة الغرب وإعادة التوازن إلى معادلة العلاقات الدولية.

المصدر:
أ.ش.أ