صندوق الحرب الروسى تحت تهديد أسعار النفط الجديدة

بدأ الانخفاض الحاد في أسعار النفط، الذي تسببت فيه حرب الرسوم الجمركية التي أطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في استنزاف صندوق الحرب الذي يعتمده الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
ويعتمد نحو ثلث الميزانية الروسية على عائدات النفط والغاز، وقد تنخفض هذه الميزانية بنسبة تصل إلى 2.5% عن التوقعات خلال عام 2025 إذا استقرت أسعار النفط الخام عند مستوياتها الحالية، مما قد يضطر الكرملين إلى زيادة الاقتراض أو تقليص الإنفاق غير العسكري أو السحب من الاحتياطيات المتبقية لديه.
وقد تراجع متوسط سعر خام “الأورال”، وهو خام التصدير الرئيسي لروسيا، إلى أدنى مستوى له منذ نحو عامين، بعد إعلان ترامب عن الرسوم الجمركية الجديدة، بالإضافة إلى خطوة مفاجئة من تحالف “أوبك+” لزيادة الإنتاج، بحسب صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية.
ويمثل هذا الانخفاض ضغطاً إضافياً على الاقتصاد الروسي، الذي يُتوقَّع أن يتباطأ هذا العام بعد أن تغذى على الإنفاق المرتبط بالحرب.
وكانت موسكو قد استخدمت بالفعل جزءاً من صندوق الثروة السيادية لدعم الاقتصاد بعد تداعيات الحرب الروسية واسعة النطاق ضد أوكرانيا، ويبدأ الجزء المتاح من تلك الأموال في النفاد.
وفي إقرار نادر بحالة عدم اليقين الاقتصادي، عبر مسؤولون روس عن قلقهم حيال تراجع أسعار النفط.
كما يُظهر هذا التحول كيف أن حرب ترامب الجمركية تُلحق ضرراً غير مباشر بالاقتصاد الروسي، رغم مبادرات الرئيس الأمريكي الأخيرة تجاه موسكو، وتعهداته بإعادة تنشيط العلاقات الاقتصادية كجزء من مفاوضات إنهاء الحرب في أوكرانيا.
وكانت محافظة البنك المركزي الروسي، إلفيرا نابيولينا ، حذرت عشية إعلان ترامب تعليق الرسوم الجمركية لمدة 90 يوماً، من أن “استمرار الحروب التجارية يؤدي عادةً إلى تباطؤ اقتصادي عالمي، وربما إلى انخفاض في الطلب على صادراتنا من الطاقة”.
وبحسب كبيرة الاقتصاديين في شركة “تي إنفستمنتس” في موسكو، صوفيا دونيتس، فإن استقرار أسعار النفط عند المستويات الحالية قد يؤدي إلى خسارة روسيا لنحو تريليون روبل هذا العام، أي ما يعادل نحو 2.5% من إيرادات الميزانية المتوقعة، مما يعني تراجعاً في معدل النمو المحلي الإجمالي بنسبة نصف نقطة مئوية.
مع ذلك، بحسب الخبير في الشؤون الروسية لدى المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية ، يانيس كلوجه، قد يستغرق الأمر عدة أشهر قبل أن تنعكس أسعار النفط المنخفضة على إيرادات الميزانية.
ويعمل الاقتصاد الروسي بالفعل بكامل طاقته، ويُتوقع أن يتباطأ نموه المدفوع أساساً بإنفاق الحكومة المرتبط بالحرب.
وتشير التوقعات الرسمية إلى نمو يتراوح بين 1 ـ 2.5% العام الحالي 2025، مقارنة بنمو بلغ نحو 4% خلال العامين الماضيين.
وهذا يجعل من غير المرجح أن تتمكن الدولة من تعويض تراجع عائدات النفط من مصادر غير نفطية.
ومع دخول الحرب الروسية الشاملة ضد أوكرانيا عامها الرابع، تقل قدرة الحكومة على حماية الاقتصاد.
فمنذ 2020، تراجعت قيمة صندوق الثروة السيادية الروسي، المعروف باسم “صندوق الرفاه الوطني”، إلى الثلثين. وإذا تم استخدامه لتغطية عجز الميزانية المتزايد، فقد لا يستمر إلى ما بعد نهاية العام، بحسب بنجامين هيلجنستوك، رئيس قسم الأبحاث الاقتصادية والاستراتيجية في معهد كييف للاقتصاد.
وقال هيلجنستوك: “مسألة ما إذا كان النظام يمكنه فعل أي شيء إزاء هذا الوضع بخلاف إجراء تخفيضات مؤلمة في الإنفاق غير المتعلق بالحرب هي قضية أخرى”.
يُذكر أن نحو 340 مليار دولار من احتياطيات البنك المركزي الروسي لا تزال مجمدة بموجب العقوبات الغربية، مما يقلّص بشكل حاد قدرة موسكو على المناورة.
وحال استقرار أسعار النفط عند مستويات منخفضة جداً، قد تضطر روسيا إلى فرض ضرائب إضافية على شركات التصدير لتعويض جزء من التراجع في الإيرادات، بحسب أوليج كوزمين، كبير الاقتصاديين في شركة “رينيسانس كابيتال”.