كيف يمكن لصناعة الرخام والجرانيت تعزيز النمو الصناعي؟

كيف يمكن لصناعة الرخام والجرانيت تعزيز النمو الصناعي؟

قال متعاملون فى قطاع الرخام والجرانيت، إنَّ القطاع يمتلك إمكانات هائلة تؤهله لتحقيق طفرة فى حجم الصادرات، وجذب الاستثمارات الأجنبية، بشرط القضاء على التحديات الهيكلية والإجرائية التى تعيق نموه.

وأشار المتعاملون، لـ«البورصة»، إلى أن القطاع يتمتع بالعديد من المزايا التنافسية، منها تنوع الخامات الطبيعية وتوزيعها الجغرافى الواسع داخل مصر، بالإضافة إلى موقع مصر الذى يربطها بالأسواق الأفريقية والأوروبية والخليجية.

وأوضحوا أن القطاع يواجه عدداً من التحديات؛ أبرزها ارتفاع رسوم المحاجر، وغياب البنية التحتية المتكاملة، وعدم وجود آليات تسعير عادلة للمنتج المحلى، ما يرفع تكلفة التشغيل، ويؤثر على القدرة التنافسية والتصديرية للمصانع.

قال محمد عارف، رئيس الجمعية المصرية الأفريقية للرخام والجرانيت، رئيس شعبة المحاجر والرخام والجرانيت بالغرفة التجارية بالقاهرة، إن مصر تمتلك مزايا تنافسية طبيعية، مدعومة بإصرار المستثمرين المحليين، وتمسكهم بالفرص الهائلة التى يمكن أن يحققها هذا القطاع الحيوى بفضل وفرة المحاجر وجودة الخامات.

أضاف لـ«البورصة»، أن التكاليف التشغيلية المرتفعة باتت تمثل تحدياً كبيراً يقيد نمو المصانع ويمنعها من التوسع أو زيادة طاقتها الإنتاجية، إذ يعانى المصنعون أعباء مالية كبيرة، أبرزها ارتفاع أسعار الطاقة خاصة تلك التى تعتمد على معدات ذات استهلاك عالٍ، والغرامات الناتجة عن التأخر فى إتمام الإجراءات الرسمية، بالإضافة إلى رسوم المحاجر التى وصلت مؤخراً إلى نحو 850 ألف جنيه للمحجر الواحد، فضلاً عن الغرامات الإضافية الأخرى.

اقرأ أيضا: 1.5 مليار دولار صادرات مستهدفة للرخام والجرانيت بحلول 2030

قال «عارف»، إنه بالرغم من جهود الحكومة فى تقنين أوضاع المصانع، فإنَّ بعضها لا يزال يتجنب خطوة تقنين الأوضاع، ما يهدد بضعف القدرة التنافسية للقطاع، خصوصاً فى ظل دخول عدد كبير من الشركات الأجنبية للسوق، وعلى رأسها شركات صينية وبرازيلية تتمتع بإمكانيات ضخمة وقدرات تمويلية كبيرة.

أضاف أن ثمة تراجعاً ملحوظاً فى الميزان التجارى بالقطاع؛ إذ تجاوزت قيمة الواردات نظيرتها من الصادرات، وهو ما يعكس تحديات كبيرة فى استغلال الثروات الطبيعية، والمحاجر المتوافرة داخل البلاد، على الرغم من أن مصر تمتلك مناطق جيولوجية متميزة تنافس مثيلاتها فى تركيا والهند.

وتابع «عارف»: «فى ظل هذه التحديات، فإن تبنى إستراتيجية متكاملة لدعم القطاع، تشمل تقديم حوافز استثمارية وتسهيلات ضريبية، بالإضافة إلى تحسين الخدمات اللوجستية، قد يعيد للقطاع بريقه، ويحول مصر إلى مركز إقليمى لصناعة وتصدير الرخام والجرانيت».

كما أن ضعف التمويل البنكى الموجّه للقطاع، وغياب الحوافز الضريبية يجبران المستثمرين على تأجيل خطط التوسع أو تطوير خطوط الإنتاج.

«غالى»: تراجع أعداد المحاجر جاء تحت ضغط زيادة رسوم التجديد السنوية

وقال إبراهيم غالى، رئيس شعبة المحاجر بغرفة صناعة مواد البناء باتحاد الصناعات، إن مصر تنافس الهند والصين فى صادرات الرخام والجرانيت، بفضل موقعها الجغرافى المتميز وقربها من الأسواق المستهدفة، على الرغم من التحديات المحلية المستمرة فى البنية التحتية والتخطيط طويل الأجل للمحاجر.

أضاف أن الطلب المحلى ارتفع بفضل الطفرة العمرانية التى تشهدها مصر، لكن السوق لا يزال يعانى هيمنة الأحجار المستوردة، على الرغم من أن الإنتاج المحلى وصل إلى 50 مليون متر سنوياً، بإمكانات تسمح بمضاعفة الرقم إذا توافرت المقومات.

وأوضح «غالى»، أن التحديات التى طرأت على القطاع مؤخراً، أدت إلى انخفاض أعداد المحاجر بنسبة 50%، مشيراً إلى أن تراجع أعداد المحاجر جاء مدفوعاً بزيادة رسوم التجديد السنوية، بجانب تكاليف إضافية أخرى.

«الشلقانى»: بعض المستثمرين الصينيين يخلقون منافسة سعرية غير متوازنة

وقال محمد الشلقانى، رئيس مجلس إدارة مصنع نفرتيتى ماربل للرخام والجرانيت، إنَّ قطاع الرخام فى مصر يواجه تحديات جوهرية تقيد قدرته على النمو، وتعطل إمكاناته التصديرية، فى مقدمتها ارتفاع رسوم المحاجر، وصعوبة الحصول على التصاريح التشغيلية، بجانب غياب الدعم الكافى للصادرات، وصعوبات فى استيراد بعض المواد الخام اللازمة للتشغيل.

أضاف أن مصنع «نفرتيتى» الذى تأسس قبل 13 عاماً، يعتمد بشكل رئيسى على الخامات المحلية المستخرجة من محاجر المنيا وملوى وأبورواش وسيناء ومرسى علم وأسوان، لتلبية احتياجات خطوط الإنتاج.

ويبلغ متوسط الطاقة الإنتاجية للمصنع نحو 250 ألف متر مربع سنوياً، يتم تصدير 90% منها إلى أسواق شرق أوروبا وآسيا وأفريقيا. ومن المستهدف تعزيز الحصة السوقية فى أوروبا الشرقية خلال الفترة المقبلة.

وانتقد «الشلقانى»، الممارسات غير العادلة التى وصفها بأنها تضر بالقطاع، فى إشارة إلى دخول بعض «النشيرة» والمستثمرين الصينيين الذين يشترون الطاولات الرخامية من مصانع متعثرة أو معارض مهددة بالإغلاق، ثم يعيدون بيعها فى منطقة شق الثعبان بأسعار تقل 50 جنيهاً فى المتر الواحد عن السعر السوقى، ما يؤدى إلى خلق منافسة سعرية غير متوازنة تضعف قدرة المنتج المحلى على الاحتفاظ بجودته وتطوير إنتاجه.

أضاف أن الرخام المصرى ما زال قادراً على المنافسة بقوة فى الأسواق الخارجية من حيث الجودة.. لكن استمرار مثل هذه الممارسات يقوض فرص التوسع ويعرقل خطط تحديث الصناعة، داعياً إلى تشديد الرقابة وتنظيم السوق بشكل أكثر عدالة لدعم المصانع الجادة وضمان استمرار نمو هذا القطاع الواعد.

«حسين»: تكاليف النقل والسولار وراء فقدان أسواق لبنان وليبيا والجزائر والأردن

وقال خالد حسين، مسئول التصدير بشركة «ألفا ستون» للرخام، إنَّ ارتفاع رسوم المحاجر أدى إلى تراجع الطاقة الإنتاجية للمصانع، وزيادة أسعار الرخام والجرانيت بنسبة وصلت إلى ثلاثة أضعاف.

وطالب بخفض هذه الرسوم لتعزيز قدرة الشركات المصرية على المنافسة، فى ظل وجود منافسين إقليميين مثل تركيا وعمان وإيطاليا.

أضاف «حسين»، أن القطاع فقد العديد من الأسواق التصديرية، ومنها لبنان وليبيا والجزائر والأردن، بسبب ارتفاع تكاليف النقل ورسوم المحاجر والسولار، مشيراً إلى أن عدد المحاجر انخفض من 1600 محجر فى 2018 إلى أقل من 50 محجراً حالياً، ما أثر على إيرادات الدولة من رسوم النقل (الكارتة).

وشدد على ضرورة تخفيض رسوم تصدير «البلوكات»، وتوفير إعفاءات ضريبية لدعم المصنعين، كما دعا لتوطين صناعة الأدوات والمعدات المستخدمة فى التقطيع، بهدف تقليل فاتورة الاستيراد والضغط على العملة الأجنبية.

وأكد عدنان حسن، مسئول التصدير بشركة «مارموليندا» للرخام والجرانيت، أهمية تشديد الرقابة على أسعار الرخام فى السوق المحلى، بسبب تفاوتها بين التجار مما يضعف التنافسية.

وأضاف أن شركته تستورد بعض أنواع البلوكات مثل «كرارة» و«جلاكسى» لتلبية طلبات العملاء، لكن ارتفاع أسعار بعض مستلزمات الإنتاج المستوردة يهدد استمرارية التشغيل فى بعض المصانع.

وطالب «حسن»، بزيادة قيمة دعم الصادرات للقطاع لتخفيف أعباء الإنتاج، وتمكين المنتج المصرى من النفاذ إلى الأسواق الخارجية.

بقلم:
إسراء كامل