الزراعة في مهب السياسة: كاليفورنيا تواجه شبح الانكماش بفعل “تعريفات” ترامب

الزراعة في مهب السياسة: كاليفورنيا تواجه شبح الانكماش بفعل “تعريفات” ترامب

رغم تعليق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التعريفات الجمركية على معظم الشركاء التجاريين للولايات المتحدة، ورغم الهدوء النسبي في الأسواق المالية خلال الأسبوع الماضي، إلا أن القرار لم يُسهم في تهدئة المخاوف المتزايدة لدى قطاع الزراعة في كاليفورنيا، الذي تبلغ قيمته نحو 59 مليار دولار، ويُعد من أبرز القطاعات الاقتصادية في الولاية.

ويتركز القلق في أوساط المزارعين على وجه الخصوص حول التعريفات الأمريكية المفروضة على كندا والصين، باعتبارهما من أكبر الأسواق لصادرات كاليفورنيا من الأرز والفستق والبرتقال وغيرها من المحاصيل.

وفي أعقاب إعلان ترامب عن فرض رسوم جمركية على الصين وكندا، ردت بكين بفرض تعريفات بنسبة 25% على البضائع الأمريكية، شملت المكسرات ومنتجات الألبان القادمة من كاليفورنيا، بينما ردت كندا بإجراءات مماثلة، ما بدأ يؤثر فعليًا على مبيعات المنتجات الزراعية، لا سيما الطازجة منها.

ويعبّر مزارعو “الوادي الأوسط” في كاليفورنيا عن قلقهم من أن يمضي ترامب في تطبيق ما يُعرف بـ”تعريفات المعاملة بالمثل” بعد انتهاء مهلة تعليق الرسوم البالغة 90 يومًا، محذرين من أن استمرار التوترات التجارية قد يؤدي إلى أزمات طويلة الأمد ومدمرة للقطاع.

ويؤكد ترامب أن هذه الإجراءات ضرورية لتحقيق “تجارة عادلة”، وحماية العمال الأمريكيين، وخفض العجز التجاري، بينما صرّحت وزيرة الزراعة الأمريكية، بروك رولينز، بأن البيت الأبيض يُعد خطة إغاثة لدعم المزارعين “عند الحاجة”، دون أن تكشف عن التفاصيل.

هذه السياسة الاقتصادية الجديدة وضعت الزراعة في كاليفورنيا على حافة الخطر، خاصة وأن الولاية تعتمد على تصدير محاصيل مثل المكسرات والأرز والطماطم إلى الأسواق العالمية. ففي عام 2022، بلغت قيمة الصادرات الزراعية من كاليفورنيا حوالي 24 مليار دولار.

وبعد رد الصين وكندا ودول أخرى بفرض تعريفات على المنتجات الأمريكية، يتحمل المزارعون في كاليفورنيا عبئًا متزايدًا، ما دفع ممثلي الجمعيات الزراعية إلى التعبير عن مخاوفهم لإدارة ترامب وأعضاء الكونغرس.

وقالت شانون دوغلاس، رئيسة اتحاد مزارع كاليفورنيا: “يواجه مزارعو الولاية ومربو الماشية خطرًا حقيقيًا بتحمل تبعات الإجراءات الانتقامية الناتجة عن فرض تعريفات جمركية واسعة النطاق”، مشيرة إلى أن العديد منهم يعانون أصلًا من نقص في العمالة، وارتفاع التكاليف، والتضخم. وأضافت أن ردود فعل الدول الأخرى قد تؤدي إلى مزيد من عدم الاستقرار.

وفي السياق نفسه، أبدت وزيرة إدارة الغذاء والزراعة في كاليفورنيا، كارين روس، قلقها من العواقب المحتملة، قائلة: “مزارعو كاليفورنيا يواجهون تحديات كبيرة… وهوامش الربح تضيق، وأسواق التصدير تشكل عنصرًا حاسمًا لبقائهم”.

وتُعد كندا أكبر مستورد لصادرات كاليفورنيا الزراعية، تليها دول الاتحاد الأوروبي ثم الصين. وقد ساهمت هذه الأسواق في ازدهار صادرات المكسرات ومنتجات الألبان. ومع تدهور العلاقات التجارية، بدأت مقاطعة الكنديين للمنتجات الأمريكية تزيد من تعقيد المشهد.

ورغم أن الحكومة الفيدرالية قدّمت في السابق إعانات للمزارعين خلال ولاية ترامب الأولى، فإن مزارعي كاليفورنيا لم يستفيدوا من تلك التعويضات، ومن غير المرجح حصولهم عليها هذه المرة أيضًا.

ويُعتبر اللوز محصول التصدير الأول في كاليفورنيا، التي تنتج نحو 76% من الإنتاج العالمي. وتُعد الهند وإسبانيا والإمارات والصين من أبرز الأسواق. غير أن تراجع الطلب الصيني بعد فرض الرسوم ساهم في انخفاض الأسعار، مما دفع بعض المزارعين إلى الخروج من السوق وبيع أراضيهم.

أما بالنسبة للحمضيات، والتي تُصدر إلى كوريا الجنوبية وكندا واليابان، فقد تراجعت المبيعات إلى كندا بشكل ملحوظ هذا العام، وسط مخاوف من عدم قدرة السوق المحلية على استيعاب الكميات الفائضة، ما يؤدي إلى انخفاض الأسعار وزيادة الضغوط على القطاع.