علي الشرباني يكتب: رأس سدر.. مدينة المستقبل للشركات الناشئة

في ظل المنافسة المستمرة والمحتدمة في القطاع العقاري، تظهر أمام الشركات الناشئة فرصة ذهبية للاستفادة من الخبرات الطويلة التي اكتسبتها الشركات الكبرى.
وهذا لا يعني التنافس معها، بل التعاون والاستفادة من دروس الماضي لتجنب الأخطاء نفسها.
نعم، فقد مرت الشركات الكبيرة بتجارب صعبة، وتعلمت من تحديات كبيرة، ولديها من الموارد والقدرات ما يمكن أن يكون ركيزة مهمة لدعم الشركات الجديدة التي تتطلع للنمو والابتكار.
وبالتالي أدعو الشركات الناشئة للنظر إلى المناطق الواعدة مثل رأس سدر، التي توفر بيئة خصبة للاستثمار العقاري والسياحي.
قد يبدو التركيز على المناطق المعروفة أكثر إغراء، ولكن هذه الأماكن الجديدة لم تُستغل بالشكل الكامل بعد، ولديها إمكانيات هائلة تحتاج فقط إلى القليل من الخبرة والرؤية المستقبلية.
تذكروا أن النجاح في السوق لا يعتمد فقط على تقديم منتج أو خدمة، بل أيضًا على معرفة كيفية التكيف مع التغيرات، وكيفية استغلال الفرص التي قد يغفل عنها الآخرون.
ومع كل مرحلة أو وقت تُعلق الشعوب والحكومات على حد سواء آمالها على قطاعات معينة لتحقيق النهضة الاقتصادية المرجوة، والوصول إلى معدلات نمو تساعد في دفع الاقتصاد القومي إلى الأمام، وتوفير مزيد من فرص العمل.
اقرأ أيضا: “HNE Futures” لشواحن السيارات تخطط لجولة تمويلية بـ500 ألف دولار
ولكن وفي مختلف الظروف يثبت القطاعان العقاري والسياحي أنهما صاحبا الكلمة العليا، والملاذ الآمن للخروج من أي عثرات، وأنهما أسرع السبل نحو تحقيق قفزات اقتصادية كبيرة، تُمكن الدول من الدخول في مصاف الاقتصادات الكبرى، خاصة إذا تم التعامل مع القطاعين بالطريقة الصحيحة التي تقوم على إزالة كل المعوقات، ونسف كل أوجه الروتين والبيروقراطية.
في مصر تبدو الفرص واعدة إلى حد كبير، إذ تؤكد كثير من التقارير الدولية أن مستقبلا كبيرا ينتظر القطاع العقاري والسياحي بسبب الفرص الاستثمارية الهائلة في القطاع، وما يمكن أن يلعبه من تغيير وتأثير حقيقي في مصر ضمن رؤية 2030 التي تضع الاستثمارات السياحية في صدارة الاهتمامات، فضلاً عما يمكن أن تلعبه وتحققه من نقلة ملموسة في قطاع ريادة الأعمال في مصر.
البحر الأحمر.. وجهة سياحية متكاملة
من بين كثير من الوجهات السياحية في مصر، تظهر منطقة البحر الأحمر كإحدى أهم المقاصد التي يمكن أن تكون بمثابة وجهة متكاملة الخدمات. فالمنطقة تتمتع بكل مقومات النجاح التي يحتاجها أهل الاستثمار للبدء والانطلاق نحو خلق استثمارات حقيقية توفر تجارب لا مثيل لها، ولعل هذا هو ما يدفع الكثير من الشركات إلى تنفيذ مشروعات جديدة خاصة مع تزايد أعداد السياحة الوافدة إلى المنطقة بصورة ملحوظة.
الأكثر من ذلك، أن هناك مناطق عديدة بدأت خلال الفترة الأخيرة يُعاد اكتشافها من جديد، وعلى رأسها منطقة رأس سدر والتي سيكون لها مستقبل كبير على خريطة السياحة المصرية خلال السنوات المقبلة لما تتمتع به من مقومات سياحية هائلة، حيث يوجد في رأس سدر العديد من عناصر الجذب السياحية المتنوعة سواء من حيث شواطئها الرملية الخلّابة الناعمة بطول 95 كم وهوائها المنعش الذي لا يُقاوم.
مزارات رأس سدر.. كنوز تنتظر الزائرين
الأمر ليس قاصرًا على الشواطىء أو الرمال الساحرة فقط، بل إن هناك العديد من المزارات التي لو أُحسن استغلالها سيكون للمنطقة شان آخر ومن بينها جبال سربال أو جبل فرعون، وكذلك المنتجعات الصحية الكبريتية التي اكتشفها الفراعنة منذ أكثر من 5000 عام وهي حمامات وعيون طبيعية كبريتية تصل حرارتها إلى 75 درجة مئوية يمكن أن تكون قِبلة للسياحة العلاجية.
ناهيك عن الوديان التي تجذب هواة رحلات السفاري والصيد مثل وادي الغرندل ووادي طيبة ووادي تراقي، وكلها من الأماكن الغنية بالنباتات والأشجار الفريدة والنادرة والطيور لا سيما طيور السمان المهاجرة التي تكون مشاهدها ساحرة عندما تصطف في صفوف مبهرة في السماء، إذ يكون لها منظر خاطف يجذب كل من يشاهده.
موقع مدينة رأس سدر أيضًا من الأمور التي تضفي عليها مزيد من البريق، إذ يمكن اعتبارها مدينة متكاملة وليست مجرد شواطىء فقط، فهي قريبة من القاهرة ما يتيح لها أن تكون الشاطيء الرئيسي والأهم للعاصمة، بالإضافة إلى ما تتمتع به هذه الشواطيء الساحرة، فهي تمتد إلى 100 كيلو متر، فضلاً عن نعومة الرمال والمياه التي لا أمواج فيها.
مدينة هادئة.. بعيدًا عن الصخب
كما تتميز المدينة بأجواء هادئة بعيدًا عن صخب المدن الكبرى، مع شواطئها الرملية الواسعة ومياه خليج السويس النقية، بالإضافة إلى الطبيعة البكر في رأس سدر والتي تجعلها وجهة مثالية للراغبين في الاسترخاء واستعادة النشاط.
كما أن الموقع المميز للمدينة يتيح إمكانية ربطها بمدينة العين السخنة عن طريق المراكب أو من خلال عمل معديات بين المدينتين، حيث إن وقت الوصول بينهما لن يتجاوز نصف ساعة على الأكثر، وهو الأمر الذي يضيف لسياحة الشواطيء فيها مزايا أكبر، كما تعتبر مدينة رأس سدر القلب النابض لتلك المنطقة، فهي تتوسط محافظات بورسعيد والسويس والإسماعيلية.
ومن هنا يمكن التأكيد على إمكانية استغلال هذا الموقع الفريد في تحويل المدينة إلى منطقة مركزية لوجستية لتخزين البضائع المختلفة، ثم توزيعها بعد ذلك على جميع مدن المنطقة.
ملاذ متكامل لعشاق الحفلات الموسيقية والغنائية
هنا في البحر الأحمر عامة ورأس سدر خاصة وخلال ساعات النهار يمكنك ممارسة كل شيء على الشواطيء وفي الأماكن الكثيرة المتاحة للزيارة، وفي الليل ستستمتع بعدد كبير من الحفلات الموسيقية والغنائية، أي أن كل شيء هنا يدعوك لزيارة المدينة.
فالأمر ليس مجرد وجهة لمحبي الهدوء فقط، بل مكانا جاذبا لعشاق الحفلات والسهرات الليلية سواء كانت على الشواطيء أو المراكب والسفن السياحية، وكذلك أنشطة البحر والتي يعشقها الكثيرين.
زيادة أعداد الليالي السياحية
كل تلك المزايا أسهمت في وجود فرص كبيرة للتطور السياحي في المدينة وهو ما تتوجه له الدولة في الوقت الحالي، من خلال العمل على إيجاد “الليالي السياحية” والتي لا يجب ألا تقل عن 40 ألف ليلة سياحية، وما يعزز ذلك هو تميز مدينة رأس سدر بجميع أنماط السياحة وأولها السياحة الاستشفائية، إذ إنها من المناطق التي تندرج تحت بند «زيرو تلوث» وفقًا للتقارير الرسمية الصادرة عن وزارة البيئة، بالإضافة إلى أنها تتميز بوجود مجموعة من العيون الكبريتية ومنها عين وردان وحمامات الطين والرمال، بالإضافة إلى التواجد الكبير للأعشاب والنباتات الطبية التي يمكن أن تحولها إلى مركز عالمي للاستشفاء.
ومن أبرز أشكال السياحة التي تميز المدينة هي السياحة البيئية، فرأس سدر مكان أمثل لممارسة رياضات الشراع والسباحة والغوص ومغامرات السفاري، ويمكن الوصول إليها برًا وبحرًا وجوُا، فهي تبعد عن القاهرة 200 كم برًا عبر نفق الشهيد أحمد حمدي وبحرًا من موانئ السويس والأدبية والطور، كما أن هناك مطارات دولية تخدم المنطقة وهي القاهرة وشرم الشيخ.
إذا ما تحدثنا عن أجواء الطقس في مدينة رأس سدر، فإنه يمكن التأكيد على أنها من المدن القليلة في مصر وفي منطقة البحر الأحمر التي تصلح لأن تكون مصيف ومشتى على حد سواء، فهي من المناطق التي يمكن أن يتم زيارتها طوال العام، لدرجة أن البعض من معتادي زيارتها يعتبرها المكان الذي لا يمل منه أي فرد.
تحديات أساسية رغم كل المقومات
ورغم كل تلك المقومات التي تؤكد أن المدينة قادمة بقوة على خريطة الاستثمار السياحي والعقاري، إلا أنه في الوقت نفسه هناك العديد من التحديات التي يجب التغلب عليها لتحقيق كل الأهداف المرجوة.
فالمدينة تحتاج إلى تحقيق عدد من العوامل التي من شأنها جذب الاستثمارات والشركات المتخصصة فى القطاعين السياحى والعقارى، ما يتسبب بطبيعة الحال في ضخ استثمارات جديدة ومن بينها طرح الحكومة مشروعات بنظام الشراكة على المستثمرين؛ بهدف تحفيز الشركات للمشاركة فى تنمية المنطقة وضخ رؤوس أموال جديدة.
فرص استثمارية.. ودور حكومي مطلوب
ما سبق يؤكد على ضرورة وجود دور قوي من قبل الدولة بمختلف أجهزتها في الترويج لمنطقة البحر الأحمر سياحيًا وعقاريًا بشكل عام ومدينة رأس سدر بشكل خاص، من خلال استكشاف الفرص المتاحة وعرضها على المستثمرين المصريين والأجانب، يعقبها تقديم حزم واسعة من التسهيلات أمام الراغبين في الاستثمار.
ونتيجة كل المقومات المتوافرة في البحر الأحمر فإن فرص الاستثمار المتاحة أيضًا تبدو كثيرة، حيث يمكن التوسع في تأسيس مشروعات القرى والفنادق والمخيمات والموتيلات السياحية، كما يمكن العمل على تأسيس دور السينما، الملاهي، الأسواق التجارية، بالإضافة إلى مراكز الرياضات، ملاعب الجولف، وصالات البولينج والبلياردو، ومراكز بيع مستلزمات البحر والغطس.
ورغم أن مصر قطعت شوطًا كبيرًا ومهمًا في مشاريع البنية التحتية في البحر الأحمر، لكن هناك حاجة إلى مزيد من الفنادق والمرافق السياحية لجذب مزيد من السائحين وتحقيق إيرادات أكبر.
الخلاصة كل شيء في رأس سدر يؤكد أنها مدينة المستقبل السياحية، هنا سيكون وجهة مختلفة للاستثمار السياحي والعقاري، هنا ستكون بداية حقيقية لمصر السياحية التي يتمنى الجميع أن يراها بأحسن شكل وأفضل صورة.
بقلم:
علي الشرباني، رئيس مجلس إدارة جمعية مستثمري رأس سدر ورئيس مجلس إدارة شركة تبارك القابضة