رسوم «ترامب» تهدد بإخراج فيتنام عن مسار النمو الكبير

«أو سى بى سى» يتوقع تراجع الصادرات 40% العام الحالى
لطالما اعتُبرت فيتنام مثالاً ناجحاً فى تبنى التجارة الخارجية، إذ استطاعت جذب بعض من أكبر الشركات فى العالم لإنشاء مراكز تصنيع لمنتجات تتنوع بين الأحذية والإلكترونيات، التى تملأ رفوف المتاجر حول العالم. لكن المخاوف تتزايد الآن من أن الرسوم الجمركية الشرسة التى فرضها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب قد تُطيح بالهدف الطموح لنمو فيتنام، رغم مبادراتها الدبلوماسية تجاه واشنطن، التى يرى خبراء الاقتصاد أنها لن تؤدى إلى تغيير سريع فى السياسة الأمريكية.
فقد فرض ترامب رسوماً جمركية بنسبة 46% على واردات فيتنام، وهى من بين أعلى المعدلات المفروضة على أكثر من 180 دولة شملتها الرسوم، ما وجَّه ضربة قوية لدولة اعتمدت، بحسب تقديرات البنك الدولى، على صادرات السلع والخدمات لتشكل نحو 90% من إجمالى ناتجها المحلى لعام 2023.ووفقاً لتقديرات فريق من الاقتصاديين لدى «أو سى بى سى بنك»، قد تؤدى الرسوم الجديدة إلى خفض معدل النمو الاقتصادى فى فيتنام بمقدار 1.2 نقطة مئوية هذا العام، ما دفعهم إلى تعديل توقعاتهم لنمو الناتج المحلى الإجمالى للبلاد إلى 5% للعام الحالى 2025، وهو ما يشكل تراجعاً حاداً عن الهدف الذى حددته هانوى والمتمثل فى تحقيق «نمو لا يقل عن 8%» هذا العام.
وقد تباطأ نمو اقتصاد جنوب شرق آسيا بالفعل هذا العام، إذ سجل 6.93% فى الربع الأول، مقارنة بـ 7.55% فى الربع الذى سبقه، حسب ما نقلته شبكة «سى إن بى سي» الإخبارية.
وأصبحت فيتنام مركزاً صناعياً للعديد من الشركات التى تبيع منتجاتها فى الولايات المتحدة، بما فى ذلك شركات تجزئة عالمية مثل «نايكي» و«أديداس» و«يونيكلو» و«أبل»، بفضل مزيج من تكاليف العمالة المنخفضة نسبياً والسياسات الحكومية الداعمة.
وبحسب التقرير السنوى لأرباح «نايكي» لعام 2024، قامت مصانع فيتنام بإنتاج 50% من أحذية الشركة و28% من ملابسها، بينما استوردت «أديداس» 39% من أحذيتها من فيتنام العام الماضى.
أما «أبل»، فقد وسعت وجودها التصنيعى فى فيتنام فى السنوات الأخيرة، إذ يتم فيها تجميع نحو 20% من أجهزة «آيباد» و90% من منتجاتها القابلة للارتداء مثل «أبل ووتش».
ومنذ اندلاع الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين خلال الولاية الأولى لترامب فى 2018، نقل العديد من المصنعين الصينيين عملياتهم إلى فيتنام لتفادى الرسوم الأمريكية.
تضاعف فائض فيتنام التجارى فى السلع مع الولايات المتحدة أكثر من ثلاث مرات ليصل إلى مستوى قياسى بلغ 123.5 مليار دولار العام الماضي، ارتفاعاً من أقل من 40 مليار دولار فى 2018، وفقاً لبيانات أمريكية قدرت قيمة صادرات فيتنام إلى الولايات المتحدة بـ 136.6 مليار دولار فى 2024.
ويُرجح بنك «أو سى بى سي» أن تؤدى رسوم ترامب الجديدة إلى تراجع صادرات السلع الفيتنامية بنسبة 40% هذا العام.
واستند البنك فى تقديراته إلى بيانات الهيئة الجمركية فى فيتنام، التى أظهرت أن صادرات البلاد إلى الولايات المتحدة تمثل نحو 30% من إجمالى حجم تجارتها. كما قد تقلل هذه الرسوم من جاذبية فيتنام كموقع لإنشاء قواعد تصنيع جديدة، ما ينعكس سلباً على تدفقات الاستثمار الأجنبى المباشر.