المركزي التركي يقر بالتدخل في سعر الليرة ولا يستبعد دعماً جديداً

المركزي التركي يقر بالتدخل في سعر الليرة ولا يستبعد دعماً جديداً

دافع محافظ البنك المركزي التركي عن قرار البنك ببيع عشرات المليارات من الدولارات من الاحتياطيات لضمان استقرار سعر الليرة خلال الأسابيع الماضية، متبنياً نبرة متحدية في وجه انتقادات سياسيين.

قال المحافظ فاتح قرة خان إن هذه التحركات كانت ضرورية من أجل “تجنب التقلبات المفرطة في سعر الصرف”. وجاءت تصريحاته، التي أدلى بها أمام المشرعين في أنقرة الأسبوع الجاري، بمنزلة إقرار علني نادر بالتدخلات في سوق الصرف الأجنبي، وإشارة إلى احتمال تنفيذ مزيد من هذه الإجراءات مستقبلاً.

وأضاف قرة خان: “تدخلنا مؤخراً ونواصل التدخل من خلال عمليات بيع عندما يكون الطلب على العملات الأجنبية مرتفعاً والعرض منخفضاً”.

إنفاق 50 مليار دولار لدعم الليرة

يتعين على البنك المركزي التركي الإعلان عن أي مبيعات مباشرة في سوق الدولار، لكنه فضل في السنوات الماضية الاستعانة بالبنوك الحكومية التي يمكنها شراء الليرة. ولا يُعلن عن هذه التحركات غير المباشرة بشكل علني.

وأنفق البنك المركزي التركي نحو 50 مليار دولار لكبح انهيار السوق خلال مارس، عندما ألقت الشرطة القبض على الخصم السياسي الرئيسي للرئيس، رجب طيب أردوغان، رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو، الذي لا يزال قيد الاحتجاز على خلفية تهم فساد ينفيها.

وفي 19 مارس، وهو اليوم الذي احتُجز فيه إمام أوغلو، تراجعت الليرة بنسبة 12% أمام الدولار قبل أن يتدخل البنك المركزي للحد من الخسائر. كما رفع البنك المركزي أسعار الفائدة واتخذ سلسلة من التدابير الطارئة لدعم العملة خلال الأسابيع التالية. وكان ذلك جزئياً بسبب الضغط الإضافي الذي نجم عن إعلان الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، فرض رسوم جمركية على معظم الدول، ما حرك تقلبات عالمية واسعة النطاق.

اتهام بعدم الشفافية ينفيه المحافظ

اتهمت شخصيات من المعارضة البنك المركزي بانعدام الشفافية، وهو ما نفاه قرة خان. وألمح أحدهم، وهو سعد الله كيساجك، عضو البرلمان عن حزب الديمقراطية والتقدم “ديفا” الصغير، إلى أن البنك المركزي يتبع “نظام سعر صرف مربوط” بدلاً من النظام الأفضل المعتمد على التعويم الحر.

قال قرة خان إن عمليات البيع من قبل المستثمرين الأجانب في 19 مارس كانت “أعلى بكثير” من المتوسطات التاريخية، كما أيد نشر البنك المركزي بيانات تتعلق بإجراءاته.

ذكر: “ننشر يومياً الميزانيات التحليلية، وهي مفصلة للغاية.. لذا، يمكن حساب التغير في صافي مركز العملات الأجنبية بشكل يومي. لا أعتقد أن هناك مشكلة في الشفافية”.

وأوضح أن البنك المركزي سيحاول إعادة بناء الاحتياطيات قدر الإمكان. وكانت الاحتياطيات قد ارتفعت بشكل ملحوظ خلال العامين الماضيين مع رفع البنك المركزي أسعار الفائدة للحد من التضخم.

قيود جديدة على الدولار

رغم أن الأسواق التركية هدأت منذ منتصف أبريل، مع تراجع الطلب على الدولار بين السكان المحليين والمستثمرين الأجانب، لا يزال البنك المركزي قلقاً، وأعلن نهاية الأسبوع الماضي عن قواعد جديدة تهدف إلى كبح الإقبال على العملات الأجنبية، من بينها جعل الاحتفاظ بأصول غير مقومة بالليرة أكثر كلفة بالنسبة للبنوك.

ولم تشهد الليرة تغيراً يُذكر صباح الخميس، إذ كانت عند 38.6 ليرة لكل دولار. وقد تراجعت بنسبة 8.5% منذ بداية العام الجاري.

قال قرة خان: “ستتواصل الإجراءات الهادفة إلى تعزيز الإقبال على الليرة التركية، وسنواصل من خلالها دعم الاحتياطيات”.

خسائر وقلق سياسي يردعان المستثمرين

لكن وفقاً لغرانت ويبستر، مدير الأموال في لندن لدى شركة “ناينتي ون” (Ninety One)، التي تدير أصولاً بنحو 170 مليار دولار، فإن إعادة بناء تلك الاحتياطيات ستكون مهمة صعبة في ظل استمرار تأثر المستثمرين بالخسائر التي تكبّدوها في مارس.

وأضاف أن اعتقال إمام أوغلو – الذي كانت تأمل المعارضة الرئيسية في ترشيحه للانتخابات الرئاسية المقبلة المقررة في عام 2028 – يعني أن على المستثمرين أخذ حالة عدم الاستقرار السياسي في الحسبان.

وقال: “من غير المرجح أن نشهد نفس حجم تدفقات المحافظ الاستثمارية التي شهدتها تركيا خلال عام 2024”. وأضاف: “عديد من المستثمرين الذين لا يتداولون عادة في تركيا دخلوا السوق، ثم شعروا بخيبة أمل عندما ضعفت العملة وارتفعت التقلبات. ومن الواضح أيضاً أن الجدول السياسي المؤدي إلى انتخابات 2028 قد تم تسريعه، وهو ما يستدعي شيئاً من الحذر”.

المصدر:
اقتصاد الشرق