هل تكرر شركات “المدفوعات الرقمية” سيناريو قطاع الاتصالات مطلع الألفية؟

هل تكرر شركات “المدفوعات الرقمية” سيناريو قطاع الاتصالات مطلع الألفية؟

قالت بحوث سيجما كابيتال في تقرير حديث لها، إن سوق المدفوعات الرقمية في مصر تشهد تطورًا ملحوظًا، مدعومًا بتوجهات حكومية قوية نحو التحول الرقمي، وزيادة في مستويات الشمول المالي، بالإضافة إلى تسارع تبنّي المستهلكين لحلول الدفع غير النقدي. هذا الزخم يضع شركتي “إي فاينانس” و”فوري” في موقع متميز للاستفادة من التحولات الهيكلية داخل القطاع، رغم اختلاف الاستراتيجيات التشغيلية لكل منهما.

التحركات في قطاع المدفوعات الرقمية، تعيد إلى الأذهان، إعادة تنظيم قطاع الاتصالات، وتأسيس جهاز تنظيم الاتصالات، وما نتج عنه من طفرة في نسبة اختراق قطاع الاتصالات، لترتفع أعداد المشتركين من نحو 3 ملايين مشترك في عام 2002 إلى أكثر من 70 مليون مشترك بحلول عام 2008.

قادت تلك الطفرة مضاعفة أسعار أسهم شركات المحمول حينها بمئات المرات، مع تحقيق أرباح غير عادية للمستثمرين.

وأوضحت “سيجما كابيتال” في تقريرها الذي اطلعت عليه “البورصة”، أن شركة “إي فاينانس” بمثابة الذراع الرقمية للحكومة المصرية، حيث تلعب دورًا رئيسيًا في بناء وتشغيل البنية التحتية للمدفوعات الإلكترونية في القطاع العام. وتستفيد الشركة من شراكاتها القوية مع الجهات الحكومية، ما يمنحها درجة عالية من الاستقرار التشغيلي. إلا أن اعتمادها الكبير على المشاريع الحكومية يجعلها أكثر حساسية لأي تغييرات تنظيمية أو سياسية مفاجئة.

اقرأ أيضا: شركات المدفوعات الناشئة تتجه للحصول على تراخيص إصدار خدمات “آبل باى”

على الجانب الآخر، تحتل شركة فوري مكانة مختلفة في شركات القطاع الخاص، حيث تقدم خدماتها للأفراد والتجار على حد سواء. وبفضل قاعدة عملاء ضخمة وشبكة نقاط بيع واسعة، وسعيها الحثيث للتوسع في خدمات التمويل متناهي الصغر، والخدمات المصرفية الرقمية، تسعى فوري لتعزيز مكانتها كمزود شامل للخدمات المالية. تعمل الشركة حاليًا على تحويل تطبيق “ماي فوري” إلى بنك رقمي مرخص، ما يعكس طموحها في أن تكون منصة مالية متكاملة، وفقًا لـ”البحوث”.

وتشير بيانات البنك المركزي إلى أن الشمول المالي ارتفع بنسبة 181% بين عامي 2016 و2024، ليصل إلى 71.5% من البالغين. هذا التوسع جاء مدفوعًا بالقيود المرتبطة بجائحة كورونا، والتي ساهمت في تسريع اعتماد المواطنين على الخدمات الرقمية، خصوصًا في مجالات التجارة الإلكترونية والمدفوعات عبر التطبيقات.

الأمن السيبراني أبرز تحديات تواجه نمو القطاع

وأكدت سيجما، على الرغم من هذا النمو السريع، لا تزال هناك تحديات تعيق الانتشار الكامل للتكنولوجيا المالية، أبرزها ضعف البنية التحتية في المناطق الريفية، وانخفاض الوعي المالي الرقمي بين شرائح من السكان. كما تمثل المخاطر الأمنية والهجمات السيبرانية تحديًا متزايدًا يتطلب تعزيز مستويات الحماية والاستثمار في نظم أمن المعلومات.

وأوصت سيجما كابيتال بالشراء لكل من “إي فاينانس”، و”فورى”، مع تحديد سعر مستهدف لسهم الأولى يبلغ 23.37 جنيه، ما يمثل صعودًا بنسبة 31% عن السعر الحالي، بينما حددت السعر المستهدف لسهم فوري عند 15.60 جنيه، بنسبة صعود تبلغ 64%، مع الأخذ في الاعتبار أن كلا الشركتين تعملان ضمن قطاع في حالة توسّع مستمر، وبفرص واعدة للنمو الإقليمي مستقبلاً.

وسجلت إي فاينانس نموًا في صافي أرباحها بنسبة 41% في 2024 لتصل إلى 1.8 مليار جنيه، مستفيدة من الأداء القوي لذراعها “العمليات الرقمية” الذي ساهم بنسبة 88% من إجمالي الإيرادات. كما ارتفعت الإيرادات بنسبة 34% على أساس سنوي، مدفوعة بنمو خدمات المعاملات، والحوسبة السحابية، وحلول الدفع في قطاعات مثل السياحة والجمارك.

أما شركة فوري، فقد حققت نتائج لافتة خلال العام ذاته، بنمو في صافي الأرباح بنسبة 125% ليصل إلى 1.6 مليار جنيه، مدعومًا بارتفاع في الإيرادات بنسبة 68%، ونمو قوي في الإيرادات المتولدة من الخدمات المصرفية بنسبة 83%، والتي مثلت 42% من إجمالي الإيرادات. كما استفادت الشركة من توسعها في خدمات التمويل، والتأمين، والدفع عبر سلاسل الإمداد.