الصين تستبدل أفريقيا بأمريكا وتهدد الصادرات المصرية

حذر مصدرون ومستثمرون، من أن استمرار فرض تعريفات جمركية أمريكية كبيرة على السلع الصينية، سيؤدى لإغراق الأسواق الأفريقية بالمنتجات الصينية مما يصعب تنافسية المنتجات المصرية في أسواق القارة.
وأضاف المصدرون والمستثمرون، أنه ينبغي دراسة كيفية تجنيب المنتج المصري أزمة إغراق السلع الصينية للأسواق الأفريقية، والبدء بالقضاء على تحديات التصدير إلى القارة، وتنشيط حركة الاستثمارات الصينية داخل مصر.
ودخلت دفعة جديدة من الرسوم الجمركية الأمريكية حيز التنفيذ أمس الأربعاء، ضد نحو 60 شريكا تجاريا للولايات المتحدة وهي تتراوح بين 11 ـ 50%، باستثناء الصين التي أصبحت منتجاتها تخضع لضريبة نسبتها 104%.
لكن الرسوم الجمركية ليست فقط هي من تقلق المصدرين والمستثمرين المصريين، بل حجم التبادل التجاري الكبير بين الصين ودول القارة والذي ينمو بصورة سنوية يعد سببًا آخر في قلقهم.
فحسب بيانات إدارة الجمارك الصينية، فإن حجم تجارة الصين مع أفريقيا بلغ 293 مليار دولار عام 2024، بزيادة 6.1% عن 2023.
وسجّل ما يقرب من نصف الدول الأفريقية نموًا مزدوجًا على أساس سنوي في حجم التجارة مع الصين، مع توقعات بزيادة حركة التجارة السنوات المقبلة.
كما وافق مجلس الدولة الصيني ، العام الماضي، على خطة عامة لإنشاء منطقة تجريبية للتعاون الاقتصادي والتجاري المعمق بين الصين وأفريقيا، ووفقًا للخطة، ستُنشئ الصين هذه المنطقة التجريبية كمنصة للانفتاح والتعاون مع أفريقيا، مع مستوى معين من النفوذ الدولي، بحلول عام 2027، كما يركز الإطار أيضًا على تطوير أشكال جديدة من تجارة المقايضة مع أفريقيا والمنتجات المالية المتخصصة لمساعدة الشركات على توسيع عملياتها في أفريقيا.
حنفي: شركاتنا تتعرض لمنافسة شديدة وتعاني من ارتفاع تكاليف الشحن
قال محمد حنفي، المدير التنفيذي لغرفة الصناعات المعدنية باتحاد الصناعات المصرية، إن حجم صادرات الصين إلى أمريكا كبير لدرجة أن الأسواق الأفريقية لن تتمكن من استيعابها، موضحًا أن خطة الصين لن تتوقف عند القارة السمراء فقط، بل ستتطور وتصل إلى أسواق جديدة في الدول العربية والآسيوية أيضًا.
أضاف أن الصين بدأت بالفعل منافسة الشركات المصرية في الأسواق الأفريقية .. الأمر الذي تسعى الشركات المصرية إلى تقليل تأثيره كي لا تتأثر مستهدفها في القارة السمراء.
وأوضح حنفي، أن هناك عددا من التحديات التي تواجه الشركات المصرية في الأسواق الإفريقية منها ارتفاع تكاليف الشحن رغم تحمل الحكومة المصرية جزءا من التكاليف ، بجانب عدم استقرار الأوضاع الأمنية في بعض الدول.
وأشار إلى أن معظم الشركات المصرية رغم وجود تلك التحديات إلا أنها تحاول العمل على استغلال الفرص المتاحة في الأسواق الإفريقية حتى لا تترك الطريق مفتوحًا أمام منافسيها.
وطالب المدير التنفيذي لغرفة الصناعات المعدنية باتحاد الصناعات المصرية، الحكومة بالتواصل مع نظيراتها في الأسواق الإفريقية لتأمين وصول منتجات الشركات المصرية إلى هدفها.
الشرقاوي: جمعية المصريين الأفارقة تسعى لتنظيم 6 زيارات الفترة المقبلة
وقال الدكتور يسري الشرقاوي، رئيس جمعية المصريين الأفارقة، إن الشركات المصرية تنافس العديد من الدول في الأسواق الإفريقية، موضحًا أن المصدرين المصريين يعملون دائمًا على معرفة اتجاهات المستهلك الإفريقي وهو ما يزيد من قدرتها على المنافسة.
أضاف أن الجمعية تسهم بالتنسيق مع كافة منظمات الأعمال والغرف التجارية والصناعية من أجل زيادة حجم التبادل التجاري لمصر مع دول القارة، مُشيرًا إلى أن الجمعية تمتلك 23 مكتب تمثيل لها في القارة الأفريقية؛ تعمل بالتنسيق مع جهاز التمثيل التجاري والسفارات المصرية لزيادة حجم الصادرات المصرية إلى الأسواق الإفريقية.
وأشار الشرقاوي، إلى أن الجمعية تسعى خلال العام الحالي إلى تنظيم 6 زيارات تجارية للدول الإفريقية، مطالبًا بزيادة استفادة مصر من مزايا اتفاقية التجارة الحرة البينية الإفريقية التي تم التوافق عليها خلال رئاسة مصر للاتحاد.
وتابع أن الجمعية تقوم بالتنسيق مع الاتحاد لتنظيم المعرض السنوي للتجارة البينية الإفريقية بهدف الترويج للمنتجات الإفريقية وحل المشكلات الجمركية والضريبية التي تعوق زيادة الصادرات وحجم التبادل التجاري.
أوضح رئيس جمعية المصريين الأفارقة، أن نصيب إفريقيا من مستهدف الحكومة المصرية للوصول بحجم الصادرات إلى 145 مليار دولار بحلول عام 2030 يتراوح بين 30 إلى 35 مليار دولار.
الصياد: الصادرات المصرية لاتتجاوز 1% من واردات القارة حتى الآن
وقال شريف الصياد رئيس المجلس التصديري للصناعات الهندسية، إن فقدان السوق الصيني جزءا من صادراته يفتح الباب أمام البحث عن بدائل أخرى، مشيرًا إلى أن القارة الإفريقية تمثل أحد أبرز هذه الوجهات المحتملة.
وأوضح أن حجم الصادرات المصرية إلى أفريقيا لايزال متواضعًا، إذ لا يتجاوز 1% من إجمالي واردات القارة السمراء التي تقدر بنحو تريليون دولار.
ولفت رئيس المجلس التصديري إلى أن حجم تواجد الشركات المصرية في السوق الإفريقي لا يزال محدودًا، وهو ما يقلل التأثير المحتمل على الصادرات في الوقت الحالي.
وأشار الصياد، إلى أن مدى تأثر الصادرات المصرية بالتغيرات العالمية يتوقف بشكل كبير على استمرار العمل بالرسوم الجمركية المفروضة على بعض السلع، موضحا أن المجلس يعمل منذ فترة طويلة على زيادة صادراته إلى أفريقيا، لنحو مليار دولار، مقابل 870.5 مليون دولار 2024.
وتابع: “تم إجراء العديد من الدراسات على الدول الأفريقية وتحديد أهم الدول المستهدفة وتنظيم بعثات تجارية إلى كينيا وأوغندا و تنزانيا وإثيوبيا ورواندا والكونغو الديمقراطية وزامبيا وموريشيوس وانجولا وغانا وكوت ديفوار ونيجيريا والسنغال والمغرب والجزائر”.
لفت الصياد، إلى أن أهم التحديات التي تواجه الصادرات الهندسية إلى أفريقيا، هى المنافسة الشرسة من قبل الصين وتركيا والهند، والتي تقوم بعمل برامج تحفيز خاصة للمصدرين إلى أفريقيا، بجانب عدم وجود خطوط شحن مباشرة للعديد من الدول الأفريقية، وعدم تطبيق بعض الدول المستهدفة للاتفاقيات التجارية كاتفاقية الكوميسا، ومنها السودان وإثيوبيا وأوغندا والكونغو الديمقراطية، بخلاف صعوبة تحويل الأموال من بعض الدول الأفريقية.
بشر: تكثيف التواصل مع المستوردين لاستعراض المزايا التنافسية للمنتجات الكيماوية
وقال حازم بشر، عضو المجلس التصديري للصناعات الكيماوية، إن التغيرات في السياسات التجارية العالمية، بما في ذلك الرسوم الجمركية المفروضة على الصين، تحتم على الشركات المصرية التحرك بشكل استراتيجي لتعزيز تواجدها في الأسواق العالمية.
وأشار إلى أن الوضع الجديد يتطلب تكثيف التواصل مع المستوردين الأفارقة لاستعراض المزايا التنافسية للمنتجات الكيماوية المصرية، بالإضافة إلى استهداف جذب الاستثمارات من الصين ودول الاتحاد الأوروبي الراغبة في الاستفادة من موقع مصر كمركز إقليمي للتصنيع والتصدير.
وأوضح أن مصر لديها فرصة حقيقية لتنشيط اتفاقياتها التجارية واستغلال موقعها الجغرافي المتميز كبوابة للأسواق المختلفة، في إطار شراكات استراتيجية تعود بالنفع على جميع الأطراف.
الضوي: نستهدف جذب استثمارات صينية تبحث عن قاعدة تصديرية بديلة
وقال تميم الضوى المدير التنفيذي للمجلس التصديري للصناعات الغذائية، إن التوجه نحو الأسواق الأفريقية يمثل فرصة نمو كبيرة للصناعة الوطنية والصادرات المصرية، في ظل وجود تنافسية كبيرة مع الشركات الصينية هناك.
أضاف أن إفريقيا تعد من الأسواق الواعدة في استراتيجية المجلس لتنمية الصادرات، ويأتي ذلك استكمالًا للمبادرة التي بدأها المجلس في النفاذ إلى الأسواق الأفريقية.
لفت الضوي، إلى أن المجلس يعمل على تشجيع الشركات المصرية المتخصصة في الصناعات الغذائية على استغلال هذه الفرصة، بالإضافة إلى استهداف جذب استثمارات صينية تبحث عن قاعدة تصديرية بديلة.
وأكد أهمية أن تقوم مصر بزيادة التواصل مع الجانب الإفريقي، فى تنظيم زيارات وبعثات تجارية ومنح تسهيلات استثمارية، ودعوة وفود من رجال أعمال مصريين وخاصة مع كبرى الشركات المصدرة.
وقال مصطفى إبراهيم نائب رئيس مجلس الأعمال المصرى الصينى، إن قطاع الملابس والمنسوجات من أكثر القطاعات المستفيدة من الرسوم الجمركية، والتى ستكون البديل الأول لمنافسيها مثل الصين.
أضاف أن زيادة الاستثمارات الأجنبية ستعمل على تنشيط الاتفاقيات التجارية مع مصر، نظرا لزيادة الطاقات الإنتاجية الموجهة للتصدير، واستخدام الدول المفروض عليها رسوما جمركية أكثر لجعل مصر مركزا لتصدير البضائع لأمريكا.
وأكد إبراهيم، أن الاستغلال الأمثل للتعريفات الجديدة يعد فرصة جيدة لن تعوض، ويجب أن تستفيد منها الدولة من خلال التواصل مع المستوردين الأمريكيين الذين كانوا يتعاملون في السابق مع الدول المنافسة، إضافة إلى بحث الفرص الاستثمارية مع الدول المفروض عليها رسوم أكثر من مصر.
وقال أحمد عبدالحميد، رئيس غرفة مواد البناء باتحاد الصناعات المصرية، إن الغرفة تكثف جهودها في مساندة الشركات المصدرة فى القطاع لفتح أسواق جديدة فى أفريقيا وزيادة حجم نفاذ المنتجات المصرية إلى أفريقيا.
وأوضح أن وفرة خامات التصنيع وخاصة من المواد المحجرية فى مصر يُعد عاملا جيدا لدخول أسواق جديدة، نظرًا لقدرة الشركات على المنافسة في السعر والجودة مقارنة بدول أخرى لا تمتلك نفس الموارد.
أكد عبدالحميد، أن الغرفة تتواصل بشكل مستمر مع الشركات لحل المشكلات التى تواجهها، وتسعى لتنظيم اجتماع يضم أكبر عدد من الشركات للتوصل إلى آليات تدعم القطاع والاتفاق على استراتيجية تعزز إنتاجية القطاع وترفع صادراتها.
ويبلغ إجمالي عدد شركات القطاع 15 ألف شركة، قادرة على تحقيق طموحات الدولة التصديرية في الأسواق الإفريقية حال توفير المساندة والدعم لها من قبل الحكومة.