اليابان تدعم نموها في أفريقيا مع تعديل استراتيجياتها الاستثمارية بعد سنوات من التراجع

أعلن نائب وزير الشؤون الدولية بوزارة الاقتصاد والتجارة والصناعة اليابانية تاكيهيكو ماتسوأو، أن اليابان تدعم شركاتها لتوسيع أنشطتها في أفريقيا وتعزيز الروابط التجارية في القارة، التي طالما عُرفت فيها طوكيو بدورها كممول للمساعدات وليس كشريك تجاري فاعل.
وفي تصريحات أدلى بها من مدينة أبيدجان، العاصمة الاقتصادية لساحل العاج، أوضح ماتسوأو أن خروج الاقتصاد الياباني من ثلاثة عقود من الانكماش قد عزز شهية القطاع الخاص للمخاطرة، ما يدفع الشركات اليابانية إلى اعتماد استراتيجية توسعية أكثر جرأة على مستوى العالم، وأفريقيا تمثل إحدى الوجهات المستهدفة لذلك التوسع.
وأضاف: “الذهنية السائدة بين قادة الأعمال اليابانيين قد تغيّرت جذريًا، وهم الآن أكثر حماسًا للتوسع دوليًا… وأفريقيا إحدى الوجهات التي نتوقع أن تنمو فيها الشركات اليابانية”.
وتسعى اليابان اليوم إلى إعادة تشكيل علاقتها الاقتصادية مع أفريقيا، في وقت يُظهر فيه القطاع الخاص رغبة متزايدة في الاستثمار الخارجي.. وعلى الرغم من أن الحكومة اليابانية لم تُعلن رسميًا بعد انتهاء فترة الانكماش الاقتصادي، فإن بيانات حديثة أظهرت أن معدلات التضخم تجاوزت هدف بنك اليابان البالغ 2% على مدى ثلاث سنوات متتالية.
وسجل صافي الأصول الخارجية لليابان رقمًا قياسيًا في عام 2024، إذ واصل المستثمرون والشركات اليابانية تعزيز استثماراتهم في الخارج، لا سيما في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة. إلا أن نصيب أفريقيا من هذه الاستثمارات لا يزال ضئيلاً، إذ لم تتجاوز 0.5% من إجمالي الاستثمارات اليابانية المباشرة في الخارج.
ويأتي هذا التحول في العلاقة في وقت حرج لأفريقيا، خاصة مع خفض الولايات المتحدة لمساعداتها الخارجية عقب عودة الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، مما زاد من الحاجة الملحة إلى تعبئة الاستثمارات الخاصة.
وترى طوكيو أن هذا التحول قد يكون فرصة مشتركة، إذ تشير أبحاث مجموعة “غولدمان ساكس” إلى أنه بحلول عام 2075، ستصبح ست من أكبر الاقتصادات العالمية في الجنوب العالمي، منها نيجيريا، بينما سيُشكّل الأفارقة شخصًا من كل أربعة على مستوى العالم بحلول عام 2050.
وتركز اليابان بشكل خاص على قطاعات المعادن الاستراتيجية والمعادن الأساسية والعناصر الأرضية النادرة، في ظل سعيها لتقليل اعتمادها على الصين، التي تُعد حاليًا الشريك التجاري الأول للقارة.
وقال ماتسوأو: “نحن نعتمد بشكل كبير على الشركات الصينية. لا أقول إننا لا يمكننا التعاون مع الصين، لكن الاعتماد على دولة واحدة فقط قد يشكل مصدر ضعف”.
وكانت شركة “ميتسوي آند كو” اليابانية قد تقدمت بأعلى عرض للاستحواذ على حصة في مناجم النحاس التابعة لشركة “فيرست كوانتوم مينيرالز” في زامبيا، بحسب ما أوردته بلومبرج في نوفمبر الماضي.
وأشار ماتسوأو إلى أن التوسع لا يقتصر على قطاع التعدين، بل يمتد إلى مجالات التكنولوجيا، إذ تسعى شركات يابانية مثل “فوجي فيلم” إلى تقديم خدمات الرعاية الطبية الوقائية، وهي تكنولوجيا ذات أهمية خاصة في أفريقيا التي تعاني من انخفاض معدلات التغطية التأمينية. كما تدرس “تويوتا تسوشو” إدخال أنظمة إعادة تدوير السيارات، في حين تعمل “هيتاشي لمعدات البناء” على تطوير شاحنات نقل هجينة تُستخدم في التعدين الأخضر.
وأضاف أن المستثمرين اليابانيين مهتمون أيضًا بتقنيات الهيدروجين الأخضر والأمونيا لاستخدامها في إزالة الكربون من القطاعات الصناعية.
وأعلن ماتسوأو عن مبادرة جديدة أطلقتها اليابان هذا الشهر لربط الشركات الناشئة اليابانية والأفريقية من أجل تعزيز الابتكار المشترك.
وتحتل اليابان المرتبة الثالثة بين دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في تقديم المساعدات الإنمائية الرسمية لدول أفريقيا جنوب الصحراء، بإجمالي بلغ 1.68 مليار دولار في 2022، وفقًا للبيانات الحكومية، دون إعلان نية لتقليص تلك المساعدات على غرار ما فعلته الولايات المتحدة والمملكة المتحدة.
واختتم ماتسوأو تصريحاته بالإشارة إلى انعقاد النسخة التاسعة من مؤتمر طوكيو الدولي لتنمية أفريقيا في مدينة يوكوهاما في أغسطس المقبل، قائلًا: “سيكون هذا الحدث الأكبر هذا العام في مجال التعاون بين اليابان ودول أفريقيا… ومن هذه الزاوية، فإننا نبذل جهودًا حقيقية لتوسيع شراكتنا مع القارة”.
المصدر:
أ.ش.أ