زيادة أسعار الوقود تضع الصناعة والنقل والعقارات أمام اختبار جديد

تحوّل قرار الحكومة برفع أسعار الوقود إلى نقطة ارتكاز جديدة في معادلة الاقتصاد، بعدما أعاد خلط أوراق التكلفة في قطاعات الصناعة والنقل والخدمات.
ورغم أن الزيادة كانت متوقعة في ضوء متغيرات السوق العالمي وسعر الصرف، إلا أن آثارها بدأت تظهر سريعًا في صورة مراجعات داخلية للأسعار، وضغوط على هوامش ربح الشركات.
وفي الوقت ذاته، توقّع مطورون عقاريون أن تسجل أسعار العقارات ارتفاعًا قد يصل إلى 15% خلال عام 2025، مدفوعًا بزيادة أسعار المحروقات، خاصة السولار.
وقررت لجنة تسعير المواد البترولية رفع أسعار البنزين بكافة أنواعه والسولار، اعتبارًا من أول أمس الجمعة بزيادة نحو جنيهين للبنزين بأنواعه والسولار، فيما ثبتت أسعار المازوت المورد لقطاعى الكهرباء والصناعات الغذائية.
“شيرين”: الوقود يستحوذ على 70% من تكاليف إنتاج الأسمنت
وقال أحمد شيرين كريم رئيس شعبة الأسمنت بغرفة صناعة مواد البناء باتحاد الصناعات المصرية، إن تحريك أسعار الوقود سيؤثر بشكل سريع على زيادة أسعار طن الأسمنت بداية من الأسبوع الجارى.
أضاف لـ«البورصة»، أن الوقود يستحوذ على 60- 70 % من تكاليف إنتاج الأسمنت، وذلك بخلاف أسعار النقل وأجور العمالة، موضحا أن الشركات لم توضح نسب الزيادة لحين دراستها بشكل جيد.
وأكد سمير فتح الله، المدير التنفيذى لشركة ترانس أفريكا لصناعة الملابس الجاهزة، أن الزيادة الأخيرة فى أسعار الوقود سيكون لها تأثير مباشر على تكاليف التشغيل، خاصة فيما يتعلق بنقل العمالة اليومية ونقل الخامات محليًا.
وأضاف «فتح الله» لـ«البورصة»، أن أسعار المحروقات تمثل نحو 8% من تكلفة المنتج النهائي، ولن ترتفع الأسعار بشكل مباشر فى الوقت الحالى نتيجة العقود التى أبرمتها الشركات مع عملائها والتى تتضمن المنتجات بأسعار ها القديمة قبل زيادة الوقود.
وحول اتجاه الشركات إلى وضع زيادة فى الأسعار أثناء إبرام العقود تحسبًا لأى ارتفاعات جديدة فى أسعار الوقود، أوضح «فتح الله» أنه لا يمكن للشركات استخدام هذا السيناريو نظرًا لدخولها فى مناقصات أمام العديد من الشركات سواء المحلية أو العالمية.
وأوضح، أن حجم إنتاج الشركة الحالى يقدر بنحو 4 ملايين قطعة، ومن المخطط زيادته ليصل إلى 5 ملايين قطعة بنهاية العام الجارى.
وقال محمد عارف رئيس الجمعية المصرية الإفريقية لصناعة الرخام والجرانيت، إن زيادة أسعار الوقود سترفع الرخام بنسبة 20% بعد زيادة تكاليف الإنتاج من مصاريف النقل ، وأجور العمالة وغيرها.
“جابر”: 10% زيادة متوقعة فى أسعار الورق الأسابيع المقبلة
وقال أحمد جابر، نائب رئيس مجلس إدارة غرفة الطباعة والتغليف باتحاد الصناعات، إن إرتفاع أسعار المحروقات له تأثير مباشر على تصنيع الورق الذى يعتمد على الغاز بشكل أساسى والذى يتم تمريرها على سعر المنتج النهائى بنسبة تتراوح 5 إلى 10% على الأقل.
وأوضح «جابر» لـ«البورصة»، أنه سيظهر أثر الزيادة على المنتج تام الصنع بعد أسبوع من صدور القرار.
وأكد محمد خليفة، رئيس مجلس إدارة شركة الحمد لصناعة وتعبئة المنظفات، أن تكلفة الوقود اللازم لشحن المنتجات لا تتخطى 15% على المصنعين بينما تصل إلى 30 و 40% على الموزعين .
وأوضح أن خلال 6 أيام سيتم معرفة نسبة الزيادة فى أسعار الخامات من المستوردين عقب زيادة الوقود .
وأشار إلى أن نسبة زيادة سعر المنتج النهائى لا تتخطى 5% بعد تمرير زيادة سعر الوقود عليها .
وطالب خليفة الدولة بحماية المستهلك من خلال تحديد نسبة زيادة محددة على سعر المنتج النهائى يتم تطبيقها على التجار والمصنعين والموزعين .
وأضاف أن الشركات المصدرة بعقود الآجل هى الفئة المتضررة من ارتفاع تكاليف الوقود باستثناء الشركات التى تمتلك مخزون من المنتجات.
في سياق آخر، توقع عدد من المطورين العقاريين ومسئولى شركات المقاولات أن تؤدى الزيادة الأخيرة فى أسعار الوقود إلى ارتفاع أسعار العقارات بنسبة 15% خلال عام 2025، نتيجة الزيادة المباشرة فى تكاليف التنفيذ، بالتزامن مع ضغوط متصاعدة على هوامش الربحية، وصعوبة الحفاظ على معدلات الطلب الحالية.
“لقمة”: ارتفاع أسعار الطاقة تنعكس سريعًا على الوحدات العقارية
وقال المهندس محمد لقمة، رئيس مجلس إدارة شركة ديتيلز للمقاولات والإنشاءات، إن زيادة أسعار الوقود سينعكس تأثيرها بصورة مباشرة وسريعة على أسعار مواد البناء، متوقعًا ارتفاعًا قد يصل إلى 15% نتيجة الزيادة فى تكاليف الإنتاج والنقل.
وأضاف أن التأثير لا يقتصر على عمليات البناء، بل يمتد إلى تكلفة تصنيع الخامات الأساسية، مثل الأسمنت والحديد، ما سيدفع المطورين العقاريين إلى إعادة تسعير الوحدات السكنية لتغطية فروق التكلفة.
وأشار إلى أن قطاع المقاولات سيكون الأكثر تأثرًا، نظرًا لاعتماده الكبير على الوقود فى تشغيل المعدات الثقيلة وأعمال النقل، محذرًا من أن هذه المستجدات قد تؤثر على استمرارية تنفيذ المشروعات الجارية، ما لم يتم اتخاذ خطوات عاجلة لدعم الشركات وموازنة فروق التكلفة.
من جانبه، أكد طارق الغمراوي، رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة بيت مصر لخدمات التمويل العقاري، أن الوقود يمثل عنصرًا محوريًا فى دورة إنتاج مواد البناء، وبالتالى فإن أية زيادات فى أسعاره تترجم مباشرة إلى ارتفاع فى تكلفة المشروعات العقارية.
وأوضح أن غياب آليات واضحة ومرنة لتسعير فروق التكاليف وتعويض الشركات عن التغيرات المستمرة فى أسعار مدخلات الإنتاج يشكل عبئًا متزايدًا على القطاع، ما يهدد بتأخر أو توقف بعض المشروعات قيد التنفيذ.
يوسف: المقاولون لا يلتزمون بالتعاقدات والتعويضات لا تواكب الزيادات
بدوره، قال شمس الدين يوسف، رئيس مجلس إدارة شركة الشمس للمقاولات، إن الزيادة الأخيرة فى أسعار الوقود أضافت أعباءً جديدة على قطاع المقاولات، خاصة فى ظل وجود تعاقدات طويلة الأجل أُبرمت قبل حدوث تلك المتغيرات.
وأضاف أن الزيادات المتتالية فى أسعار مواد البناء، إلى جانب انخفاض قيمة العملة المحلية، تسببت فى صعوبات كبيرة أمام التزامات الشركات بتنفيذ المشروعات وفق الجداول الزمنية والتكلفة المحددة.
وأشار إلى أن التعويضات التى تُمنح للشركات لا تغطى فعليًا الارتفاعات الحقيقية فى الأسعار، ما يزيد من الفجوة التمويلية للمشروعات.زيادة أسعار المحروقات تشعل تعريفة النقل البري للبضائع
“شلبي”: 17% ارتفاعا في أسعار “نوالين الشحن”
على صعيد آخر، قال إبراهيم شلبي، رئيس شعبة النقل الدولي واللوجيستيات ببورسعيد، إن مكاتب نقل البضائع بالمحافظة رفعت الأسعار بنسبة تتراوح بين 15% و17%، موضحًا أن نقل الحاوية من ميناء الإسكندرية إلى السادس من أكتوبر ارتفع إلى 12 ألف جنيه، مقارنة بـ10.5 ألف سابقًا.
وأكد شلبي أن هذه الزيادة مبالغ فيها، مشددًا على أن تعريفة الشحن يجب ألا تزيد على 5%، مطالبًا الحكومة بالتدخل لتحديد تسعيرة عادلة تضمن التوازن بين تكاليف التشغيل وعدم تحميل المستوردين أعباء إضافية.
كما دعا إلى تشكيل لجنة من وزارة النقل وجهاز تنظيم النقل البري لتحديد تعريفة موحدة بدلاً من التسعير العشوائي.
قال محمد العرجاوي، نقيب مستخلصي جمارك الإسكندرية، إن مكاتب نقل البضائع بالمحافظة رفعت نوالين الشحن بنسبة 15%، مشيرا إلى أن الزيادة تتجاوز نسبة ارتفاع أسعار الوقود.
وأوضح العرجاوي أن نقل الحمولة الواحدة داخل الإسكندرية وصل إلى 7 آلاف جنيه، فيما بلغ سعر الحمولة من الإسكندرية إلى بورسعيد 15 ألف جنيه، داعيًا إلى حصر الزيادة بنسبة لا تتجاوز 10% فقط، مؤكدًا أن المستهلك هو الطرف المتضرر من هذه الزيادات.
قال أيمن الشيخ، رئيس شعبة النقل الدولي بالغرفة التجارية بالقاهرة، إن زيادة أسعار نقل البضائع يجب ألا تتجاوز 10%، محذرًا من أن هذه الزيادات قد تضر الشركات الصغيرة والمتوسطة، بينما تمنح الشركات الكبرى فرصة أكبر للسيطرة على السوق.
من جانبه، قال عصام صالح، رئيس مستخلصي جمارك السويس، إن مكاتب النقل في السويس والسخنة بدأت تطبيق زيادة بنسبة 15% موضحا أن سعر الحمولة من السخنة إلى المحلة ارتفع من 15 ألف جنيه إلى 17.2 ألف جنيه، ومن السخنة إلى القاهرة من 10.2 إلى 11.7 ألف جنيه.
على نحو متصل تبدأ شركات المحمول العاملة بالسوق المحلي دراسة تأثير ارتفاع أسعار الوقود الأخيرة على التكاليف التشغيلية الأسبوع الجاري بحسب مصدرين بشركتي محمول تحدثا مع “البورصة”.
قالت المصادر إن جزء من التكلفة التشغيلية بشركات المحمول يتغير بصفة يومية لارتباطه بعدة أمور منها تكاليف تشغيل سيارت نقل الموظفين وصيانة الأبراج وتشغيل المحطات نفسها، لذا يجب دراسة الأمر بشكل أكبر وأشمل.
وشهدت شركات الاتصالات خلال الأشهر الماضية ضغوطًا متزايدة على مستوى التكاليف التشغيلية، نتيجة تقلبات سعر الصرف وزيادة أسعار الوقود والكهرباء وارتفاع أسعار الأجهزة والمعدات المستوردة، ما دفعها إلى إعادة النظر في استراتيجيات تسعير خدماتها.
وأدى ذلك إلى تحريك أسعار الباقات والفواتير الشهرية لخدمات الاتصالات والإنترنت كان آخرها ديسمبر الماضي، بزيادة تُقدّر بنحو 30%.
وفى سياق آخر، قال أحمد الزيني، رئيس الجمعية التعاونية لنقل البضائع، إن الجمعية سترفع مذكرة لوزارة التموين والتجارة الداخلية لزيادة أسعار نقل السلع التموينية من الموانئ، وذلك بعد الزيادة الأخيرة للمحروقات.
وأضاف الزينى لـ”البورصة”، أن الجمعية تقدمت بمقترح لزيادة أسعار النقل بنسبة 20% لضمان استمرارية أسطول النقل دون تكبد خسائر.
وأوضح الزينى أن الجمعية تقوم حالياً بنقل البضائع والسلع التموينية من الموانئ بأسعار تتراوح بين 200 و250 جنيها للطن، وهى الأسعار التى تم تعديلها وفقاً للزيادة فى أسعار المواد البترولية.
كما أشار إلى أن أسعار نقل السلع والحاصلات الزراعية لن تتأثر بشكل كبير، حيث سترتفع تكلفة نقل الكيلو بنحو 5 قروش فقط.
من جهة أخرى، قال حاتم النجيب، نائب رئيس شعبة الخضراوات والفاكهة بغرفة القاهرة التجارية، إن السولار يعد عنصراً أساسياً فى تكاليف الزراعة، حيث يعتمد عليه فى تشغيل أكثر من 90% من المعدات والآلات الزراعية المستخدمة فى الزراعة والحصاد، ما سينعكس بدوره على زيادة أسعار المنتجات النهائية.
وأضاف النجيب لـ”البورصة”، أن الشعبة ستعد دراسة لمعرفة تأثير ارتفاع أسعار المحروقات على تكاليف السلع الزراعية فى الموسم المقبل، وستشمل الدراسة كافة المحاصيل الزراعية، وسيتم تقديمها إلى الجهات المعنية.
وأشار النجيب إلى أن زيادة أسعار المحروقات لن تؤثر بشكل كبير على تكلفة نقل السلع الزراعية، حيث ستتراوح الزيادة بين 20 و25 قرشاً لكل كيلو، ولكن الزيادات المتوقعة ستكون ناتجة عن ارتفاع تكاليف الزراعة والحصاد، ما سينعكس على الأسعار خلال المواسم الزراعية المقبلة.
وأوضح أن العرض والطلب هما العاملان الرئيسيان فى تحديد أسعار الخضراوات والفاكهة، حيث إذا زاد المعروض من سلعة انخفضت أسعارها، والعكس صحيح.