البنك المركزي التركي يعمل على الحد من تدفقات الأموال السريعة إلى الليرة

البنك المركزي التركي يعمل على الحد من تدفقات الأموال السريعة إلى الليرة

يتحرك صانعو السياسات في تركيا للحد من تدفقات ما يُعرف بـ”الأموال الساخنة” إلى الليرة، في محاولة للتصدي لأحد أكثر الرهانات ربحية على العملات في العالم.

على الرغم من إبقاء البنك المركزي قبضته مشددة على سوق الليرة، والسماح للعملة بالانخفاض تدريجياً، إلا أن المتعاملين يشيرون إلى أن تحركات السوق باتت أقل قابلية للتنبؤ مؤخراً. تشير حسابات “بلومبرج” إلى أن الليرة، خلال أيام الجمعة الأخيرة تحديداً، كانت تتراجع بمعدل يفوق بثلاثة إلى أربعة أضعاف وتيرة الهبوط المعتادة في بقية أيام الأسبوع.

يُضعف هذا التراجع المتسارع يوم الجمعة استراتيجية استثمارية قصيرة الأجل كانت تلقى رواجاً، وتعتمد على شراء الليرة مساء الخميس من خلال عقود مبادلة لأجل ليلة لجني الفائدة خلال عطلة نهاية الأسبوع، ثم تصفية المراكز يوم الإثنين. لكن أي تراجع حاد لليرة يوم الجمعة يجعل هذه الرهانات غير مجدية.

تركيا جذابة لتجارة الفائدة

مع وصول أسعار الفائدة في البنك المركزي إلى حوالي 50%، أصبحت تركيا مجدداً وجهة جذابة لما يُعرف بصفقات “تجارة الفائدة”؛ حيث يقترض المستثمرون من دول منخفضة الفائدة ويضخون الأموال في أصول بدول ذات معدلات فائدة مرتفعة. وفقاً لأشخاص مطلعين طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم، يعمل المسؤولون الأتراك على كبح هذه التدفقات شديدة القصر من حيث الأجل، خشية أن تؤدي عمليات الخروج السريعة إلى موجات تقلب حادة.

حدث ذلك فعلاً في مارس الماضي، عندما هوت الليرة بنسبة 10% خلال ساعات قليلة عقب توقيف مفاجئ لرئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو، أبرز منافسي الرئيس رجب طيب إردوغان الذي يحكم البلاد منذ أكثر من عقدين.

صرح وزير المالية محمد شيمشك آنذاك بأن عمليات البيع الكثيفة نتج بشكل كبير عن تخارج المستثمرين الأجانب من مراكزهم في الليرة.

قال إركين إيشيك، كبير الاقتصاديين في “بنك كيو إن بي” في إسطنبول: “السلطات لا تُبدي حماسة كبيرة لجذب تدفقات تجارة الفائدة قصيرة الأجل”، مضيفاً أن المسؤولين رأوا “التقلبات الكبيرة في سعر الصرف واحتياطات النقد الأجنبي خلال النزوح السريع للتدفقات”.

امتنع البنك المركزي عن التعليق.

رفع الفائدة في تركيا

تم احتواء أزمة مارس في نهاية المطاف من خلال استئناف رفع أسعار الفائدة، واتخاذ إجراءات جديدة لتقليص السيولة بالليرة، إضافة إلى زيادة نسب الاحتياطي الإلزامي على التزامات البنوك القصيرة الأجل في الخارج. كما ساعد في ذلك التحسن العام في شهية المستثمرين تجاه أصول الأسواق الناشئة، لا سيما بعد تعليق بعض من أشد الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

على الرغم من استمرار تراجع الليرة باضطراد أمام الدولار، تنتهج الحكومة سياسة “التقدير الحقيقي” للعملة، ما يعني الحفاظ على وتيرة انخفاض أقل من معدل التضخم. في ظل توقعات بتباطؤ التضخم الشهري، يتعذر قياس وتيرة هذا التقدير الحقيقي.

مع ذلك، لا تزال صفقات تجارة الفائدة تجني المكاسب. سجلت عوائد هذه الصفقات المقومة بالليرة خلال مايو أعلى مستوياتها منذ عام 2021، مما عوض خسائر مارس، بحسب مؤشر “بلومبرج” المستند إلى العقود الآجلة المجددة شهرياً. قدّرت حسابات الخبير الاقتصادي التركي المستقل هالوك بورومجيكجي تدفقات رؤوس الأموال الناتجة عن هذه الصفقات بنحو 3.4 مليار دولار من 18 أبريل حتى الأسبوع الماضي.

يحقق هذا النوع من التداول أرباحاً للفصل الخامس على التوالي، وهي أطول سلسلة أرباح من هذا النوع منذ عام 2012. لكن غالبية هذه الأرباح تعود لتدفقات رأسمالية قصيرة الأجل للغاية، تُعرف بـ”الأموال الساخنة”، تراهن على الليرة لفترات لا تتجاوز غالباً أسبوعاً واحداً، وفقاً لمتداولين تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هوياتهم.

كانت بنوك “مورجان ستانلي” و”دويتشه بنك” و”آي إن جي” جددت مؤخراً توصياتها بالدخول في صفقات تجارة الفائدة المقومة بالليرة، في حين أوصى بنك “إتش إس بي سي” بشراء سندات محلية طويلة الأجل مقومة بالعملة التركية.

المصدر:
اقتصاد الشرق