"البوصلة الاقتصادية" تفتح ملف بيع بنك القاهرة المستمر منذ سنوات

تجربة طرح “المصرف المتحد” بالبورصة فشلت في جذب استثمارات خارجية وسعر السهم في هبوط مستمر
معتصم الشهيدي: الأفضل طرح بنك القاهرة لمُستثمر إستراتيجي في ظل ظروف السوق الحالية
حسام عيد: دخول مُستثمر إستراتيجي في هيكل الشركات هو الحل الأسرع لتنفيذ الطروحات الحكومية
مصطفى بدرة: طرح بنك القاهرة بالبورصة يسهم في تحسين كفاءته ويعود بالنفع على المجتمع المصري
أحمد شوقي: دخول مُستثمر إستراتيجي يُعزز المُنافسة والتطور التكنولوجي في السوق المصرية
تسعى الحكومة من خلال تنفيذ برنامج الطروحات الحكومية عبر إدراج حصة من الشركات المملوكة لها في البورصة أو طرحها لمُستثمر إستراتيجي بهدف جذب الاستثمارات وتعزيز إدارتها وكفاءتها، وفي ظل تزايد الاهتمام بالبحث عن حلول مُبتكرة لضمان نجاح هذه الطروحات، التي يأتي أبرزها طرح “بنك القاهرة” كأحد الخيارات المُرتقبة والذي يتم تداوله منذ سنوات كثيرة وفي كل مرة يتم التراجع عن التنفيذ لأسباب غير معلومة.
وفي ظل الأنباء التي انتشرت مؤخرًا عن بيع البنك لإحدى المؤسسات الاستثمارية الإمارتية بنحو مليار دولار، أكد الدكتور مصطفي مدبولي رئيس الوزراء أنه لم يتم حتى الآن اتخاذ أي قرار بشأن البيع وتم تكليف شركات مختصة عدَّة في إعداد تقرير يتضمن القيمة العادلة للبنك، تمهيدًا لاتخاذ القرار سواء بطرح في البورصة أو البيع لمستثمر إستراتيجي.
“البوصلة الاقتصادية” استطلعت آراء “الخبراء” حول أفضلية طرح جزء من بنك القاهرة في البورصة أم لمُستثمر إستراتيجي لضمان تحقيق مستهدات الحكومة من برنامج الطرحات الذي اتفقت عليه مع صندوق النقد الدولي ضمن خطة الإصلاح الاقتصادي التي تطبقها.
بداية، قال الدكتور معتصم الشهيدي، عضو مجلس إدارة شركة هوريزون لتداول الأوراق المالية، وخبير أسواق المال، إن طرح بنك القاهرة في البورصة المصرية يتطلب توافر عدد من الشروط، أبرزها وجود رواج في سوق الأسهم المصرية وتقييم عادل لأسهم البنوك الأخرى، ما يُتيح تقييم سهم البنك بسعر منخفض نسبيًا لجذب المُستثمرين، وهذا الشرط غير متوفر حاليًا في ظل ارتفاع تقييم أسهم البنوك المُدرجة مقارنة بالطروحات الجديدة المتوقعة، وذلك يُمثل تحديًا رئيسيًا في تحديد سعر طرح مناسب وجذاب.
وأوضح “الشهيدي” في تصريحات خاصة لمجلة “البوصلــــة الاقتصادية”، أن نجاح الطرح يعتمد على عوامل عدَّة، وهى نسبة الحصة المطروحة من البنك، حيث إن طرح حصة إستراتيجية بنسبة 75% أو 100% فسيكون الأنسب دخول مُستثمر إستراتيجي يمتلك خبرة دولية يمكن أن يُضيف قيمة من خلال التكنولوجيا أو الفكر الإداري، وبالتالي هو الأفضل حال وجود نسبة كبيرة من الحصة المطروحة، حيث سيعمل المُستثمر الإستراتيجي على تغيير شكل إدارة البنك بما يعود بالنفع على السوق.
وتابع أن حجم الحصيلة المتوقعة ونوع العملة المُستهدفة من عملية الطرح سيُحددان الاتجاه الأمثل للطرح، لافتًا إلى أنه إذا كانت الحصيلة المطلوبة بعملة أجنبية، فإن جذب مُستثمر إستراتيجي سيمنح الطريق الأسرع لتحقيق هذا الهدف، مُقارنة بطرح تقليدي في البورصة الذي يتطلب وقتًا أطول لجذب مُستثمرين أجانب.
وأشار إلى أن تقييم بنك القاهرة يتطلب الدقة ويعتمد على جودة محفظته الائتمانية، ومعدلات النمو، وقيمة الأصول ومشاركات البنك الأخرى، وذلك يستدعي تدخل بنوك استثمار متخصصة لاستخراج القيمة العادلة للطرح.
لافتًا إلى تجربة طرح المصرف المتحد بالبروصة، بأن نجاحه في التغطية لا يعني نجاحه في جذب شرائح جديدة من المُستثمرين أو تحقيق تسعير جيد، وبالتالي الأفضل عدم تكرار السيناريو نفسه مع بنك القاهرة.
وفي سياق متصل، قال حسام عيد، عضو مجلس إدارة شركة كابيتال فاينانشال القابضة، وخبير أسواق المال، إن دخول مُستثمر إستراتيجي في هيكل ملكية الشركات يُعد الحل الأمثل والأسرع لتخارج الحكومة من بعض الشركات وتنفيذ برنامج الطروحات الحكومية، مشيرًا إلى أن هذه الخطوة ستؤتي بثمارها في وقت قصير، بعكس عملية الطرح في البورصة التي تتطلب انتظار التغطية وطلبات المُستثمرين من الأفراد والمؤسسات في الطرح الخاص والعام، مؤكدًا أن المُستثمر الإستراتيجي يُمثل خطوة أسرع في بِدء تنفيذ برنامج الطروحات.
وأوضح “عيد” أن نجاح الطروحات أو صفقات الاستحواذ، سواء عبر مُستثمر إستراتيجي أو عن طريق الطرح في البورصة، يتطلب عاملين أساسيين، هما: الترويج الجيد والتسعير المناسب، منوهًا إلى أن وجود تسعير جيد للحصة المطروحة سواءً للمُستثمر الإستراتيجي أو في البورصة سيُسهم بشكل كبير في إتمام عملية الطرح بسرعة ونجاح.
وتابع أن تحديد القيمة العادلة لبنك القاهرة من قِبل بنوك الاستثمار سيكون سهلًا نسبيًّا لأنهم سيحصلون على البيانات الخاصة بذلك مقارنة بالمستثمرين الآخرين، خصوصًا أن البنك لا ينشر القوائم المالية السنوية بشكل دوري لعدم قيده في البورصة، ولكن توقع “عيد” أن يكون تقييم بنك القاهرة منخفضًا بنسبة 30% مقارنة بنظائره في القطاع المصرفي، مشيرًا إلى أن القيمة العادلة للبنك قد تقترب من 1.5 مليار دولار في حال دخول مُستثمر إستراتيجي في المُستقبل القريب.
وفيما يخُص الانتقادات الموجهة لبرنامج الطروحات الحكومية، أفاد بأن هذا البرنامج بمثابة “قبلة الحياة” للبورصة المصرية والاقتصاد المصري، خصوصًا في ظل التحديات التي يواجهها الاقتصاد العالمي وتأثيراتها السلبية على الاقتصاد المصري، مؤكدًا أن برنامج الطروحات سيُسهم في جذب المزيد من رؤوس الأموال من مُستثمرين إستراتيجيين ومؤسسات وأفراد عبر البورصة المصرية، ما سينعكس إيجابًا على الاقتصاد ويُعزز استدامة تدفقات الأموال، سواء من الاستثمارات الأجنبية أو العربية بالفترة المقبلة.
من جهته، قال الدكتور مصطفى بدرة، الخبير الاقتصادي، إن عملية طرح بنك القاهرة في البورصة المصرية تُمثل خطوة مهمَّة، ثم يليها دخول مستثمر إستراتيجي، حيث إن الهدف هو أن تستفيد البورصة المصرية من الطروحات التي تقوم بها الدولة لشركاتها، مما يسهم في إعادة تقييم الشركات، وتحسين إدارتها وأرباحها لصالح المساهمين المصريين، لافتًا إلى أن هذا التوجه سيُسهم في تحقيق أرباح للمجتمع المصري، إلى جانب إمكانية دخول مستثمر أجنبي لشراء حصة من البنك، وذلك الأمر يعد خطوة طبيعية.
وأوضح “بدرة” أن الأهمية تكمن في أن المجتمع المصري سيحصل على نصيبه من الأرباح، خصوصًا أن هذه الشركات التي ستطرح تحقق أرباحًا جيدة، مشيرًا إلى أن عملية الطرح في البورصة تسهم في زيادة حصة المستثمرين المصريين، ومن ثم يليه دخول مستثمر إستراتيجي يعزز كفاءة الشركة من خلال تطوير التكنولوجيا، زيادة الأموال، وتحسين أداء مجلس الإدارة مما يساعد في التوسع وزيادة حركة التداول بالبورصة.
وأفاد بأن التقييم يعتمد على الكثير من المعايير التي تتعلق بقيمة أصول البنك ومحفظته المالية، حيث يتم تحديد مسار محفظة البنك بحيث هل تُحقق أرباحًا أم خسائر، منوهًا إلى أنه سيكون من الأفضل انتظار التقييم الأساسي للبنك، بناءً على معايير محددة، حيث إن التقييم يحتاج إلى دراسة معمقة للتأكد من عدالته.
وأضاف أن التقييم النهائي للبنك يجب أن يتم وفقًا لمعايير دقيقة لضمان دقته وشفافيته، مؤكدًا أنه يصعب التكهن بتحديد القيمة العادلة للبنك إلا بعد التحقق من هذه المعايير، وبالتالي سيكون التقييم أكثر دقة ويمكن أن يُساعد في اتخاذ القرار المناسب بشأن الطرح.
من جانبه، قال الدكتور أحمد شوقي، الخبير المصرفي، إن بنك القاهرة شهد محاولات كثيرة منذ فترة طويلة لطرح أسهمه بالبورصة المصرية، ولكن الأهمية تكمن في عملية التقييم، نظرًا إلى اختلافها عن الشركات، حيث إن أصول البنوك تشمل التسهيلات الائتمانية التي يتم تصنيفها حسب درجة المخاطر، بالإضافة إلى الاستثمارات المالية التي لها أيضًا تصنيف خاص، لافتًا إلى أن الأصول مثل الأراضي يتم تقييمها بقيمتها التاريخية، وهو ما يجعل عملية التقييم للبنوك معقدة وتحتاج إلى دراسة دقيقة للأصول المختلفة داخل ميزانية البنك.
ويرى “شوقي” أن دخول مستثمر إستراتيجي له الكثير من الإيجابيات ولا يفرض رأيه على السوق كما يُشاع، حيث إنه يعمل تحت إشراف البنك المركزي المصري ويلتزم بشروطه، مما يعزز المنافسة ويُشجع على تطوير التكنولوجيا وتقديم خدمات جديدة للمواطنين سواء كانوا مدينين أو مقترضين.
وأشار إلى أن الطرح في البورصة ليس مجرد “بيع” للشركات، بل هو عملية إستراتيجية تهدف إلى جذب مستثمرين إستراتيجيين وفقًا لتقييم عادل، مما ينعكس بالنفع على البنك والاقتصاد المصري.
وتوقع أن تتخطى قيمة تقييم بنك القاهرة المليار دولار بكثير، وذلك بسبب المحفظة المالية القوية للبنك والمراكز المالية التي يمتلكها، مؤكدًا أن التقييم العادل سيكون أساسًا لنجاح عملية الطرح سواء في البورصة أو لمستثمر إستراتيجي.
ولفت إلى أن طرح المصرف المتحد في البورصة المصرية شهد تراجعًا في سعر سهمه، متوقعًا أن طرح بنك القاهرة لمستثمر إستراتيجي سيسهم في تعزيز عملية دخوله إلى البورصة بشكل أسرع وأكثر استقرارًا، حيث إن البنك سيكون له خطة محددة بجدول زمني معتمد من البنك المركزي، متوقعًا أيضًا أن يشهد سوق الأسهم المصرية دخول بنك بيت التمويل الكويتي، قريبًا.