نقص الخيارات غير المدخنة يعيق جهود إفريقيا في مكافحة التبغ

نقص الخيارات غير المدخنة يعيق جهود إفريقيا في مكافحة التبغ

في الوقت الذي يشهد فيه العالم تحولات كبيرة نحو تقليل مخاطر التدخين من خلال دعم البدائل الخالية من الدخان، لا تزال القارة الإفريقية تواجه تحديات ضخمة في هذا المجال.

فملايين الأسر الإفريقية تجد نفسها أمام خيارين لا ثالث لهما: الإقلاع التام عن التدخين، وهو أمر صعب دون دعم فعّال، أو الاستمرار في استخدام السجائر التقليدية بما تحمله من مخاطر صحية جسيمة.

ورغم أن بدائل التدخين المبتكرة، مثل التبغ المسخن وأكياس النيكوتين والسجائر الإلكترونية، قد ساعدت ملايين المدخنين حول العالم على تقليل الأضرار أو الإقلاع، إلا أن هذه المنتجات ما زالت محدودة الانتشار في إفريقيا، بسبب الحظر أو ارتفاع الأسعار أو انعدام التوافر.

وفي هذا السياق، صرّح جوزيف ماجيرو، رئيس حملة البدائل الأقل خطورة (CASA): “تُعامل إفريقيا كسوق رئيسية للسجائر، بينما تُعتبر بدائل النيكوتين مجرد إضافات اختيارية. هذا النهج يبقي ملايين المدخنين البالغين عالقين في حلقة مفرغة دون مخرج حقيقي.”

من جانبه، عبّر الدكتور أولاتونجي أوشي، المدير الإقليمي لمبادرة تقليل مخاطر التبغ (THR) في نيجيريا، عن قلقه قائلاً: “من الصعب تصديق وعود مستقبل خالٍ من الدخان، بينما القارة التي تشهد أعلى معدلات نمو للمدخنين لا تزال غارقة في السجائر التقليدية.”

ويُعزى ذلك إلى السياسات السائدة في معظم الدول الإفريقية، والتي تعتمد على الحظر الشامل دون التفرقة بين السجائر والبدائل الأقل ضررًا. ففرض ضرائب موحدة أو الحظر الكامل يحدّ من فرص تحسين الصحة العامة ويقيد خيارات المدخنين.

وتُعد جنوب إفريقيا مثالًا على هذا التوجه، إذ تقترح قوانين صارمة تساوي بين السجائر والبدائل مثل السجائر الإلكترونية، من حيث الحظر والإعلانات والعقوبات.

وفي نيجيريا، تسود حالة من الفوضى القانونية بسبب غياب التشريعات الواضحة، مما يعرض المدخنين لمخاطر استخدام منتجات غير موثوقة. ولا تقتصر المشكلة على الجانب التشريعي فحسب، بل تشمل تحديات سلاسل التوريد والضرائب المرتفعة، حيث إن غياب مصانع محلية للبدائل يجعل القارة تعتمد على الاستيراد، مما يزيد التكلفة ويجعلها حكرًا على الفئات القادرة ماديًا.

في المقابل، اعتمدت دول مثل المملكة المتحدة والسويد سياسات ناجحة لتقليل المخاطر، مستندة إلى تقييم علمي دقيق.

فمثلًا، قررت السويد خفض الضرائب على “السنوس” بنسبة 20%، بينما رفعتها على السجائر التقليدية بنسبة 9%، ما شجع المدخنين على التحول للبدائل الأقل خطورة.

ونتج عن هذه السياسات أن وصلت السويد إلى أدنى معدل تدخين في أوروبا بنسبة 5.6%، وتقترب من تحقيق هدف منظمة الصحة العالمية بتصنيفها دولة خالية من الدخان (أقل من 5%).

وتبرز تجربة السويد أهمية تبني نهج يعتمد على تقليل المخاطر لا الحظر الشامل، بما يتيح للمدخنين البالغين التحول نحو بدائل أقل ضررًا، دون الإخلال بالصحة العامة.

ومع أن هذه البدائل لا تخلو تمامًا من المخاطر، إلا أنها تظل أقل ضررًا مقارنة بالسجائر التقليدية. ويظل الإقلاع التام عن التدخين هو الخيار الأفضل دائمًا.