وزير الاتصالات: الأمن السيبراني مسألة وطنية وتنموية تتطلب توعية مجتمعية وتعاونًا عربيًا متكاملًا

وزير الاتصالات: الأمن السيبراني مسألة وطنية وتنموية تتطلب توعية مجتمعية وتعاونًا عربيًا متكاملًا

 البنية التحتية الرقمية – مهما كانت متطورة – تظلّ غير كافية إن لم تكن محمية بكوادر بشرية مؤهلة

 

رحّب الدكتور عمرو طلعت، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، بالسادة الحضور من أصحاب المعالي الوزراء والسفراء وممثلي الدول العربية، وأضاف في كلمته الافتتاحية نيابة عن دولة رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي أن الأمن السيبراني لم يعد شأنًا تقنيًّا يخص جهة بعينها، بل أصبح قضية حيوية تمسّ مختلف القطاعات والمجالات، نظرًا لما يشكّله من خطر متنامٍ ومتعدد الأبعاد.

وأشار إلى أن أسامة كمال، رئيس شركة ميركوري كومينيكيشنز المنظمة للحدث قد قدّم عرضًا وافيًّا لعدد من الهجمات السيبرانية الخطيرة التي طالت دولاً متقدمة تكنولوجيًّا، ورغم ما تمتلكه من إمكانات، لم تستطع صدّ تلك الهجمات، التي أدّت بعضها إلى شلل تام في قطاعات حيوية كمنظومات الرعاية الصحية، وهو ما يعكس جسامة التحدي وخطورته.

وشدد الوزير في كلمته التي ألقاها نيابة عن دولة رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي على أن المخاطر السيبرانية تتسارع وتتعاظم، في ظل الاعتماد المتزايد على البيانات، التي باتت تُعدّ من أهم ثروات الدول، والتي تمثل كذلك عنصرًّا رئيسيًّا في تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي، وأوضح أن هذا الاعتماد المتنامي يحمل معه جانبًا مظلمًا يتطلب استعدادًا وتحوطًا عاليًّا.

وأضاف أن المرحلة المقبلة ستشهد تطورًّا نوعيًّا في التهديدات، لا سيما مع بروز الحوسبة الكمية، التي باتت واقعًا يلوح في الأفق، وهي تقنية ذات قدرات هائلة قد تُستخدم في كسر الشيفرات والدروع السيبرانية التقليدية، مما يستدعي تطوير دفاعات “آمنة كميًّا” قادرة على مواجهة هذا التهديد المستقبلي.

وأكد الدكتور عمرو طلعت أن مصر تدرك تمامًا أبعاد هذا المشهد المتغير، وتعمل من خلال المجلس الأعلى للأمن السيبراني على تنفيذ إستراتيجية وطنية لـ 5 سنوات، ترتكز على 5 محاور رئيسية:
 

1. تعزيز الثقافة المجتمعية: لرفع وعي المواطن بأن الأمن السيبراني لم يعد مسألة فنية فقط، بل ضرورة لحماية ممتلكاته الرقمية، تمامًا كما يحمي ممتلكاته المادية.

2. الإطار التشريعي: من خلال تطوير القوانين لحماية البيانات وتعزيز خصوصيتها، ومنح الجهات المعنية الصلاحيات اللازمة.

3. الدفاعات السيبرانية: عبر بناء مراكز متخصصة للاستجابة للحوادث، وتحديث أنظمة البنية التحتية الرقمية بشكل مستمر.

4. الكوادر البشرية: باعتبار الإنسان هو محور أي إستراتيجية، من خلال دعم البحث والتطوير والابتكار في مجالات الأمن السيبراني.

5. التعاون الإقليمي والدولي: مؤكدًا أهمية اللقاءات العربية مثل هذا المؤتمر، لتوحيد الرؤى وبناء منظومات دفاعية مشتركة لمواجهة التحديات العابرة للحدود.

ونوّه إلى أن البنية التحتية الرقمية – مهما كانت متطورة – تظلّ غير كافية إن لم تكن محمية بكوادر بشرية مؤهلة، وأشار إلى وجود نقص عالمي يقدّر بنحو 3.5 مليون متخصص في الأمن السيبراني، ما يعكس فجوة واضحة بين تطور الأنظمة الرقمية وقدرة البشر على حمايتها.

وأوضح أن وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات تنفذ منظومة متكاملة لبناء القدرات، تشمل طلاب المدارس والجامعات والخريجين والعاملين بمختلف القطاعات، بهدف إنشاء قاعدة صلبة من الكفاءات الوطنية القادرة على مواجهة هذه التحديات.

واختتم الدكتور عمرو طلعت كلمته بالتأكيد أن الأمن السيبراني لم يعد موضوعًا نخبويًا أو محصورًا في المختبرات، بل أصبح قضية سيادية، وتنموية، وإنسانية في آن واحد، تستدعي تضافر جميع مؤسسات الدولة والمجتمع، وكلما تعمقنا في التحول الرقمي، زادت أهمية الأمن السيبراني وتزايدت الحاجة إلى رؤى مبتكرة وتعاون مشترك.

ووجّه في ختام كلمته الشكر للشركة المنظمة لمؤتمر CAISEC، مرحبًّا بضيوف مصر الكرام من الدول العربية الشقيقة، ومؤكداً ضرورة استثمار هذا المحفل لتعزيز التعاون العربي في مواجهة المخاطر الرقمية.