مع قدوم العيد.. توقعات بزيادة أسعار الأضاحي بنسبة 10% عن العام السابق

وزير الزراعة: الأضاحي الحكومية بسعر 170 جنيهًا للكيلو لمواجهة ارتفاع الأسعار .. وطرح 15 ألف رأس لتلبية الاحتياجات
“المدثر للإنتاج الحيواني”: ارتفاع بأسعار الأضاحي.. وركود في الأسواق مع اقتراب عيد الأضحى
“البنداري”: نقص الأطباء البيطريين يهدد سلامة اللحوم في عيد الأضحى
“مجزر البساتين”: ارتفاع أجور الذبح بنسبة 20%… ونقص في عدد الجزارين وسط تراجع الإقبال على الأضاحي
مع اقتراب عيد الأضحى، يشهد سوق اللحوم الحية والمذبوحة حالة من الارتباك والتذبذب الواضح في الأسعار، وسط ارتفاع ملحوظ في سعر الأضاحي مقارنة بالعام الماضي، وزيادة في أجور الذبح بنسب تتجاوز 20%، يقابلها ضعف في إقبال المواطنين على الشراء نتيجة الضغوط الاقتصادية، وفي محاولة لضبط الأسواق وتخفيف الأعباء عن المواطنين، أعلنت وزارة الزراعة خطة موسعة لتوفير نحو 15 ألف رأس من الأضاحي بأسعار مخفضة، تتنوع ما بين الخراف والعجول الحية، من خلال التعاون مع الجامعات الزراعية وقطاعات الوزارة المختلفة، ويأتي هذا في الوقت الذي تواجه فيه المجازر والشوادر أزمة حادة في أعداد الأطباء البيطريين، ما يهدد بكفاءة منظومة الذبح والرقابة على اللحوم خلال موسم الأضاحي.
وتواصلت مجلة “البوصلة الاقتصادية” مع عدد من المختصين لرصد المشهد الحالي من داخل الأسواق والمجازر، واستطلاع آراء الخبراء في قطاعات الإنتاج الحيواني والطب البيطري، حول تحديات الموسم الحالي والجهود الحكومية المبذولة.
بداية، أعلن الدكتور علاء فاروق، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، خطة موسعة لتوفير الأضاحي للمواطنين بأسعار مناسبة، بالتعاون بين الوزارة وجميع الجمعيات الزراعية على مستوى المحافظات، من خلال قطاع الإنتاج، وهيئة الإصلاح الزراعي، وقطاع استصلاح الأراضي.
وأوضح أن كل جهة من هذه الجهات قامت بتجهيز ما يتراوح بين 1000 إلى 3000 رأس من الأضاحي، بإجمالي نحو 15 ألف رأس، تتنوع بين الخراف والعجول، بهدف تلبية احتياجات المواطنين خلال العيد.
وأشار إلى أن الوزارة عقدت أيضًا عددًا من التعاقدات مع شركات من القطاع الخاص لزيادة الكميات المطروحة، مع الالتزام بتقديم لحوم بأسعار منضبطة تقل عن مثيلاتها في الأسواق.
وأكد “فاروق” أن سعر الكيلو القائم لدى التجار يتراوح حاليًا حول 185 جنيهًا، بينما ستقوم الوزارة بطرح الكيلو القائم بسعر 170 جنيهًا فقط، وذلك للتخفيف عن كاهل المواطنين ومواجهة جشع بعض التجار خلال الموسم.
وعلى الجانب الآخر، أكد وسام الحكمدار المدير التنفيذي لشركة المدثر للإنتاج الحيواني، أن أسعار الأضاحي هذا العام سجلت زيادات جديدة تتراوح بين 15 إلى 25 جنيهًا في الكيلو الواحد، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وسط حالة من الركود في حركة البيع وفتور في إقبال المواطنين على الشراء.
وقال “الحكمدار” إن أسعار اللحوم الطازجة في الأسواق الشعبية بلغت في المتوسط 400 جنيه للكيلو، في حين تراوحت أسعار الأضاحي الحية كالآتي:
– العجول البقري: من 175 إلى 195 جنيهًا للكيلو، مقارنة بـ160–170 جنيهًا العام الماضي، أي بزيادة تتراوح بين 8.8% و15.6%.
– الجاموس: من 155 إلى 165 جنيهًا للكيلو، مقابل 140–150 جنيهًا العام الماضي، بزيادة نسبتها نحو 10%.
– الخراف البرقي: من 220 إلى 260 جنيهًا، مقارنة بـ200–240 جنيهًا، بزيادة تصل إلى 8.3% تقريبًا في المتوسط.
ورغم هذه الزيادة، أشار “الحكمدار” إلى أن السوق يشهد حالة من ضعف السحب على الأضاحي، مرجعًا ذلك إلى الضغوط الاقتصادية وارتفاع الأسعار، مما يجعل الكثير من المواطنين يؤجلون الشراء في انتظار تدخل حكومي أو عروض منافسة.
وأكد أن العجل البلدي ما زال الخيار المفضل للمواطنين رغم وجود العجول المستوردة بأسعار أقل، وذلك بسبب ثقة المستهلك في جودة اللحوم البلدية، مشيرًا إلى أن الطلب على المستورد “قليل للغاية”.
وأوضح الحكمدار أن نحو 5% فقط من المواطنين يلجؤون إلى صكوك الأضحية، وهي نسبة لم تتغير كثيرًا عن العام الماضي، وتظل محصورة في فئة اجتماعية معينة.
ورجح انخفاض أعداد المضحين هذا العام بنسبة لا تقل عن 15% مقارنة بالعام الماضي، نتيجة تراجع القدرة الشرائية، مضيفًا أن أغلب عمليات الذبح لا تزال تنفذ أمام المنازل أو المحلات.
وفيما يخص جهود الدولة، لفت إلى أن الحكومة تستعد لطرح شوادر بيع الأضاحي بأسعار تنافسية بدءًا من 20 مايو الحالي، غير أن الأسعار الرسمية لتلك الأضاحي لم تعلن بعد.
وفي سياق متصل حذر الدكتور أحمد البنداري، مقرر لجنة الثروة الحيوانية بالنقابة العامة للأطباء البيطريين، من استمرار النقص الحاد في أعداد الأطباء البيطريين بالمجازر والشوادر، مؤكدًا أن ضعف الرقابة البيطرية يهدد صحة المواطنين، خصوصًا مع اقتراب موسم الذبح في عيد الأضحى، وارتفاع معدلات تداول اللحوم الحية والمذبوحة.
وأوضح “البنداري” أن هناك شروطًا شرعية وفنية يجب توافرها في الأضحية لضمان سلامتها الدينية والصحية، تبدأ من السن القانونية لكل نوع: الخروف: لا يقل عن 6 أشهر، والماعز: عام واحد، والبقر: عامان، والجمل: 5 أعوام.
أما من الناحية البيطرية، فأكد أنه لا يجوز شرعًا ولا صحيًا ذبح أي أضحية تعاني من الهزال أو العرج أو كسر في القرون أو الإصابة بأمراض جلدية أو معدية، مشددًا على ضرورة أن تكون تحت إشراف طبيب بيطري معتمد.
وفيما يتعلق بحملات الفحص والرقابة، لفت إلى أن المحافظات، خاصة القاهرة، تعاني من عجز شديد في أعداد الأطباء البيطريين، حيث لا يتجاوز عددهم بين 10 إلى 14 طبيبًا فقط مسئولين عن التفتيش على المجازر والشوادر والأسواق كافة، وهو رقم لا يغطي الحد الأدنى من الاحتياجات.
وقال “البنداري” لا يمكن الحديث عن ضبط الذبح خارج المجازر دون توفير العنصر البشري، فالمجازر لا تعمل بكامل طاقتها بسبب نقص الكوادر، وهو ما يستدعي تدخلًا عاجلًا من الدولة لتعيين أطباء بيطريين وضمان الرقابة على اللحوم التي تصل إلى المستهلك.
ورغم أن الوضع الحالي لا يشهد تفشيًا وبائيًا، أوضح “البنداري” أن العام الماضي شهد ظهور جدري الأبقار قبل أيام من العيد، مما يؤكد الحاجة إلى رقابة وقائية مستمرة.
وشدد على أن الذبح خارج المجازر يجب أن يقابله عقوبات رادعة، ولكن بشرط أن يسبقه تجهيز بنية رقابية كاملة تشمل الأطباء والمعدات، للحفاظ على صحة المواطنين ومكافحة أي أمراض قد تنتقل عبر اللحوم، مشيرًا إلى أن صحة الإنسان تبدأ من صحة الحيوان.
وفي السياق نفسه، كشف الجزار محمد سلامة، العامل بمجازر البساتين، عن ارتفاع واضح في أجور الذبح خلال موسم عيد الأضحى الحالي بنسبة تصل إلى 20% مقارنة بالعام الماضي، وذلك في ظل تراجع ملحوظ في الإقبال على الأضاحي.
وأوضح “سلامة” أن متوسط أجور ذبح العجول يتراوح حاليًا بين 3500 إلى 5000 جنيه للعجل الواحد، في حين تتراوح تكلفة ذبح الخروف بين 600 إلى 1000 جنيه، وذلك وفقًا لحجم الذبيحة، مضيفًا أن تلك الزيادة تأتي نتيجة لعوامل عدَّة، من بينها ارتفاع تكاليف التشغيل وزيادة الطلب النسبي على خدمات الذبح في أيام العيد.
وأرجع، أن أجور الذبح تختلف حسب نوع الأضحية، إذ يتطلب ذبح العجول أو الجاموس مجهودًا بدنيًا أكبر، وعددًا أكبر من العمال، وأدوات مخصصة، ما يؤدي إلى ارتفاع تكلفته مقارنة بالأغنام والماعز.
وأشار إلى أن الإقبال على الذبح هذا العام أقل من العام الماضي، لافتًا إلى أن بعض المواطنين باتوا يترددون في اتخاذ قرار الأضحية في ظل ارتفاع أسعار اللحوم ومستلزمات الذبح.
وفيما يتعلق بالعمالة الموسمية، أكد سلامة أن عدد الجزارين المحترفين لم يشهد زيادة، إلا أن موسم عيد الأضحى يشهد دائمًا ظهور عدد من الأشخاص غير المتخصصين الذين يدخلون المجال مؤقتًا بهدف الربح، دون امتلاك المهارة أو الخبرة الكافية، وهو ما قد يؤدي إلى أخطاء في الذبح قد تؤثر على جودة وسلامة اللحوم.
ونوه “سلامة” إلى أهمية الرقابة على عمليات الذبح، خصوصًا تلك التي تتم خارج المجازر الرسمية، لضمان الالتزام بالمعايير الصحية والشرعية، مؤكدًا أن دخول غير المتخصصين إلى المهنة في موسم العيد يعد أحد أبرز التحديات التي تواجه القطاع سنويًا.