“اختصاصيون”: قصور الكفاءات الحكومية يعرقل تطوير الخدمات.. والديون تزيد من معاناة المواطن

“اختصاصيون”: قصور الكفاءات الحكومية يعرقل تطوير الخدمات.. والديون تزيد من معاناة المواطن

في ظل التحديات الاقتصادية المتفاقمة التي تواجهها الموازنة العامة للدولة خلال العام المالي الجديد تتزايد الشكوك حول قدرة الحكومة على تلبية احتياجات الشعب المصري وتطوير الخدمات وتحسين جودة الحياة.. وأرجع الخبراء الاقتصاديين تراجع جودة الخدمات العامة وزيادة الأعباء على المواطنين إلى سوء إدارة الموارد وغياب الكفاءات وضعف الرؤية التنفيذية في بعض القطاعات الحكومية، كما حذروا من استمرار الاعتماد على القروض دون استراتيجية مالية واضحة، مؤكدين أن ذلك يؤدي إلى تدهور في مستوى الخدمات وتراجع الرضا الشعبي.
 
في هذا السياق، انتقد الدكتور رشاد عبده، الخبير الاقتصادي ورئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، أداء الحكومة في تحسين الخدمات المُقدمة للمواطنين، موضحًا أن غياب التحسن الملموس في هذه الخدمات يمنع المواطن من الشعور بأي عائد فعلي على حياته، لافتًا إلى أن قرارات رفع أسعار المحروقات أثرت سلبًا على أسعار معظم السلع والخدمات، مما فاقم معاناة المواطنين، وأثار مخاوفهم من احتمال حدوث زيادة جديدة في أسعار الوقود خلال شهر يوليو المُقبل.
 
وشدد على أهمية الاعتماد على الكفاءات في إدارة مختلف القطاعات، موضحًا أن تشكيل حكومة تضم وزراء ذوي كفاءة عالية في كل مجال كفيل بضمان تعظيم استفادة المواطن بشكل فعلي، منتقدًا ضعف الأداء المهني لدى بعض الوزراء الحاليين، معتبرًا أن غياب هذا العنصر يحدّ من قدرة الدولة على تحقيق التقدم المرجو وتحسين جودة الخدمات المقدمة.

من جانبه، قال الدكتور أحمد خزيم، الخبير الاقتصادي، إن بنية الموازنة العامة للدولة تعكس بوضوح اختلال الأولويات المالية، موضحًا أن أكثر من 60% من الموازنة خلال العامين 20242025 و20252026 يُوجه لسداد الأقساط وفوائد الديون، بينما يذهب ما تبقى إلى الأجور والخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم والنقل.
 
وأوضح “خزيم” في تصريحات خاصة لـ مجلة “البوصلــــــة الاقتصادية”، أن هذا التوزيع يتسبب في عجزًا ماليًا كبيرًا، يدفع الحكومة إلى الاقتراض عبر أذون الخزانة، وهو ما ينعكس على المواطن في شكل زيادات مُستمرة في الرسوم والخدمات، فضلًا عن رفع أسعار الوقود، رغم انخفاضها عالميًا.
 
وأشار إلى أن استمرار هذا النمط المالي دون معالجة هيكلية يضعف قدرة الدولة على تلبية احتياجات المواطنين، داعيًا إلى تحفيز القطاعات الإنتاجية كالصناعة والزراعة والسياحة لتقليل الاعتماد على القروض، ورفع الناتج القومي، مما يسهم في تقوية الوضع المالي وتخفيف الأعباء على المواطنين.
 
ويرى أن سوء إدارة القطاعات الاقتصادية يدفع مصر نحو المزيد من الاقتراض، محذرًا من أن تجاوز نسبة الدين 60% من الناتج القومي، حيث أنه يُعرض الدولة لمخاطر اقتصادية حادة، ويؤثر سلبًا على ثقة المواطنين ومدخراتهم.
 

وفي السياق ذاته، قال الدكتور أحمد حنفي، الخبير الاقتصادي، إن العلاقة بين المواطن والخدمات المقدمة له تُقاس بمدى انعكاس تلك الخدمات على حياته اليومية، مؤكدًا أن جودة الخدمة ومستواها هي ما يحدد شعور المواطن بالرضا، وليس فقط توفيرها.
 
وأضاف أن غياب الرؤية التنفيذية المتكاملة يُضعف الأثر الاجتماعي للإنفاق العام، مشيرًا إلى أن تفاوت الدخول بين المواطنين ينتج عنه تباينًا في مستوى الرضا، حيث أن أصحاب الدخول المنخفضة يشعرون بعبء كبير مقابل ما يُنفقونه على خدمات متواضعة، بينما الفئات الأعلى دخلًا تكون أكثر قدرة على تحمّل التكاليف.
 
ولفت إلى القطاع الصحي، مشيرًا إلى أن هجرة الكفاءات الطبية ترجع إلى ضعف الأجور والحوافز، ما يؤثر سلبًا على مستوى الخدمات الصحية ويُفاقم حالة الاستياء المجتمعي.
 
وانتقد تأخر إصدار قانون التشغيل، معتبرًا أن هذا التأخير يُعمّق أزمة البطالة، خصوصًا بين الخريجين الجدد، دعيًا إلى الإسراع في إقرار القانون لتوفير فرص عمل حقيقية تدعم شعور الشباب بالانتماء والاستقرار.
 

من جانبه، قال الدكتور أحمد خطاب، الخبير الاقتصادي وعضو مجلس الأعمال المصري الكندي، إن مصر حققت طفرة ملموسة في البنية التحتية، خصوصًا في مشروعات الطرق والنقل، منوهًا إلى أن الدولة قفزت أكثر من 30 مركزًا عالميًا في هذا المجال، وفقًا لتقارير دولية.
 
وأضاف أن مترو الأنفاق يمثل نموذجًا لخدمة حكومية تتطور باستمرار رغم تحديات التسعير، مؤكدًا أن شعور المواطن بأثر هذا التحسن سيتعزز خلال العامين المُقبلين مع استقرار أسعار الخدمات.
 
وأشار إلى تحسن ملحوظ في قطاع الكهرباء والطاقة، حيث اختفت أزمة انقطاع التيار تدرجيًا، خاصة عن المناطق الصناعية، مما أسهم في دعم الإنتاج.
 
ولفت إلى القطاعات الإنتاجية، حيث أن الدولة توسعت في مشروعات الزراعة، عبر الدلتا الجديدة والصوب الزراعية، إلى جانب النمو الكبير في صادرات الغاز، التي ارتفعت بنسبة 220% سنويًا، مما يُعزز من تدفقات النقد الأجنبي والاستثمار.
 
وأكد أهمية تطوير الموانئ والمناطق الاقتصادية، مشيرًا إلى اتفاقيات استراتيجية مع دولة الإمارات لتطوير موانئ رئيسية، وهو ما يعزز من قدرة مصر التصديرية.
 
ونوه إلى التوسع في قطاع التعليم خاصة الجامعات الدولية، وذلك سيُمثل مصدر دخل جديدًا للدولة، ويسهم في جذب الطلاب من دول الخليج وأفريقيا، بما يدعم الاقتصاد المعرفي.
 
وذكر أن مشروع قناة السويس الجديدة لم يُحقق المُستهدف، حيث تراجعت إيرادات القناة، نتيجة التوترات الإقليمية وتأثيرها على حركة التجارة العالمية.
 
ودعا إلى ثقافة ريادة الأعمال بين الشباب، حيث أن البنوك الحكومية تُقدم قروض ميسرة، مثل البنك الأهلي وبنك مصر والبنك الزراعي، مما يمنح الشباب البدء في إنشاء مشروعات صغيرة تناسب البيئة المحلية لكل محافظة، مؤكدًا أن هذه الخطوة تُعد مدخلًا حقيقيًا لخفض البطالة وتحقيق تنمية مستدامة.