“الحماقي”: بيع الشركات الحكومية في ظروف إدارة ضعيفة يُعتبر “إسرافًا في الأصول”.. والإصلاح هو الأولوية.

قالت الدكتورة يمن الحماقي، أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس، إن التوسع في بيع حصص من شركات قطاع الأعمال العام كجزء من خطة الخصخصة يمثل مخاطرة كبيرة، محذّرة من أن هذه الشركات قد تُباع “بثمن بخس” نتيجة تدني كفاءتها وسوء إدارتها، وهو ما يُفقد الدولة أصولاً استراتيجية دون تحقيق العائد العادل منها.
وأضافت “الحماقي” في تصريحات خاصة لـ”البوصلة نيوز”، أن صندوق النقد الدولي لا يزال يرى أن مساهمة القطاع الخاص في الاقتصاد المصري لم تُفعل بالشكل المطلوب، على الرغم من الجهود الحكومية المبذولة لتحسين مناخ الاستثمار، وعلى رأسها تبسيط الإجراءات، وتطوير منظومة الضرائب، وتوحيد الجهات المحصلة للضرائب لتخفيف العبء عن المستثمرين.
وأشارت إلى أن حجم الجهود الحكومية لا يزال غير متناسب مع حجم المعوقات التي تواجه القطاع الخاص، خاصة فيما يتعلق بدوره في التنمية، ومعالجة ملفات كبرى مثل تعثر المصانع، وتعزيز الصناعات الصغيرة والمتوسطة، لافتًة إلى تصريحات رئيس الوزراء بشأن استثمار الطاقات العاطلة في قطاع الأعمال العام، مؤكدة أن هذا لن يحدث دون تحسين شامل في إدارة هذه الشركات، وتطبيق معايير صارمة للمحاسبة، وبناء شراكات جادة مع القطاع الخاص.
وشددت “الحماقي” على أن القطاع الخاص، بطبيعته، يسعى لتحقيق الربح وزيادة رأس المال، وهو ما يمكن أن يكون محفزًا لتطوير قطاع الأعمال العام إذا تمت الشراكة بشكل منظم وعادل.
وأكدت رفضها القاطع لبيع الشركات العامة قبل إصلاحها، قائلة: “الحل ليس في البيع، بل في تحسين الأداء أولًا ثم طرحها بعد ذلك لتحقيق قيمتها الحقيقية”، مشددة على أهمية الحفاظ على ملكية الدولة مع فتح الباب أمام شراكات استراتيجية، مع القطاع الخاص.
وأوضحت أستاذ الاقتصاد أن حماية الفئات محدودة الدخل من تبعات الإصلاح الاقتصادي يجب أن تقوم على التمكين الاقتصادي وليس فقط على المساعدات، ودعت إلى دعم المشروعات الصغيرة، وبناء قدرات الشباب، وتوسيع مشاركة المرأة في سوق العمل، مشيرة إلى أن نسبة مشاركة النساء في مصر لا تتجاوز 16%، وهي من أدنى المعدلات عالميًا.
وأكدت “الحماقي” أن تحقيق العدالة في توزيع الدخل وتوفير فرص العمل لا يمكن أن يتم دون استثمار حقيقي في البشر، عبر التدريب والتشغيل، وليس الاتكال على نمط حياة قائم على الإعانات فقط.
كان صندوق النقد الدولي قد أعلن، بعد زيارته الأخيرة لمصر، أن المناقشات مستمرة لاستكمال المراجعة الخامسة لبرنامج التمويل، مشيرًا إلى تحقيق تقدم ملموس في استقرار الاقتصاد، ورفع توقعات النمو إلى 3.8% للعام المالي 2024/2025، لافتًا إلى ارتفاع حصة الاستثمار الخاص إلى نحو 60%، مع تراجع تدريجي للتضخم، مؤكدًا أن تقليص دور القطاع العام وتكافؤ الفرص الاقتصادية من أولويات المرحلة المقبلة.