التعاون والشراكات: أداة قوية لمكافحة التجارة غير المشروعة على مستوى العالم

التعاون والشراكات: أداة قوية لمكافحة التجارة غير المشروعة على مستوى العالم

تشكل ظاهرة التجارة غير المشروعة تحديًا عالميًا متناميًا يهدد الاستقرار الاقتصادي والصحي في مختلف أنحاء العالم. وتطال هذه الظاهرة قطاعات حيوية مثل الأدوية، والإلكترونيات، والكحوليات، والسجائر، ومستحضرات التجميل، والعطور، والمنتجات الاستهلاكية اليومية، مما يؤدي إلى خسائر ضريبية جسيمة، وتراجع ثقة المستهلك، فضلًا عن المخاطر الصحية الناتجة عن تداول سلع مهربة غير مطابقة للمواصفات والمعايير.

وتُغذَّى هذه التجارة بعدد من العوامل المعقدة، أبرزها: ضعف تطبيق القوانين، تفشي الفساد، الأوضاع الاقتصادية المتردية، ارتفاع أسعار المنتجات القانونية، وتزايد نشاط الشبكات الإجرامية المنظمة، ما يصعّب جهود التصدي لهذه الظاهرة.

وفي ظل هذه التحديات، يُعد التعاون بين الحكومات والقطاع الخاص والمجتمع المدني عنصرًا حاسمًا في مكافحة التجارة غير المشروعة، خصوصًا في القطاعات الأكثر تأثرًا مثل التبغ.

وقد برزت نماذج عالمية ناجحة تؤكد فعالية هذا النهج؛ ففي كندا، أُطلقت برامج مشتركة بين الحكومة وشركات التكنولوجيا لتتبع حركة السجائر المهربة باستخدام أنظمة تعقّب متطورة.

وفي أمريكا اللاتينية، تكوّنت تحالفات دولية بين الحكومات والمنظمات غير الحكومية للحد من التهريب عبر الحدود وتقليص آثاره الاقتصادية.

وتُبرز هذه التجارب أهمية النهج التكاملي الذي يجمع بين التشريعات الصارمة، والرقابة الذكية، وحملات التوعية الشاملة، من أجل معالجة فعّالة للتجارة غير المشروعة.

وفي هذا السياق، قال كونيو ميكوريا، الأمين العام لمنظمة الجمارك العالمية (WCO) من اليابان:  “إن تجارة التبغ غير المشروعة قضية عابرة للحدود تتطلب عملاً جماعيًا. فالتعاون بين إدارات الجمارك والهيئات الدولية والقطاع الخاص أمرٌ بالغ الأهمية لتفكيك شبكات التهريب”.

 كما وصف دانيال ويت، رئيس المركز الدولي للضرائب والاستثمار (ITIC) من الولايات المتحدة، التجارة غير المشروعة بأنها: “سرطان اقتصادي ينخر في جسد الدول من الداخل”، مشددًا على أهمية تبني مقاربة شاملة تضم جميع الفاعلين من حكومات وجهات إنفاذ قانون إلى مؤسسات القطاع الخاص.

ومع استمرار توسع رقعة التجارة غير المشروعة عالميًا، تزداد الحاجة إلى استجابة جماعية شاملة تتجاوز الجهود الحكومية التقليدية.

فنجاح جهود المكافحة مرهون بقدرة جميع الأطراف – حكومات، قطاع خاص، مجتمع مدني – على التنسيق، وتبادل الخبرات، وتبني أدوات تكنولوجية وتشريعية فعّالة.

ومن خلال بناء منظومة متكاملة قائمة على الشفافية والمساءلة، يمكن الحد من التأثيرات المدمرة لهذه التجارة على الاقتصاد، والصحة، والأمن المجتمعي.