الصين تتهيأ لإبرام صفقة كبيرة مع “إيرباص” تتضمن شراء مئات الطائرات.

تدرس الصين تقديم طلبية لشراء مئات الطائرات من شركة “إيرباص”، وذلك في أقرب وقت خلال الشهر المقبل، بالتزامن مع زيارة مرتقبة لقادة أوروبيين إلى بكين للاحتفال بالعلاقات طويلة الأمد بين الجانبين، وفقاً لما نقلته “بلومبرغ” عن أشخاص مطلعين على الأمر.
قال الأشخاص الذين طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم نظراً لحساسية الموضوع، إن هناك مناقشات جارية حالياً مع شركات الطيران الصينية حول حجم الطلبية المحتملة.
أوضح الأشخاص أن الصفقة قد تشمل نحو 300 طائرة من الطرازات ذات الممر الواحد والعريض، بينما رجّح أحدهم أن يتراوح حجم الطلبية بين 200 و500 طائرة. وأضافوا أن المفاوضات لا تزال في مراحلها الأولى وقد تنهار أو تستغرق وقتاً أطول قبل التوصل إلى اتفاق نهائي.
رفضت شركة “إيرباص” التعليق، ولم ترد إدارة الطيران المدني الصينية على طلب للتعليق تم إرساله عبر الفاكس.
تعزيز العلاقات الصينية الأوروبية
يأتي ذلك فيما بُتوقع أن يزور كل من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني فريدريش ميرتس بكين في يوليو المقبل بمناسبة مرور 50 عاماً على العلاقات الدبلوماسية بين الصين والاتحاد الأوروبي. وتُعد فرنسا وألمانيا أكبر المساهمين في شركة “إيرباص”، ومن شأن إبرام صفقة بارزة مع الشركة الأوروبية أن يتيح للرئيس الصيني شي جين بينغ توجيه رسالة سياسية إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترمب وسط تصاعد التوترات التجارية.
وتخوض الصين والولايات المتحدة -أكبر اقتصادين في العالم- صراعاً متجدداً بشأن قواعد التجارة، إذ يسعى ترمب خلال ولايته الرئاسية الثانية لإعادة تشكيل تلك القواعد. وإذا ما توصل الطرفان إلى تسوية، فقد تكون “بوينغ”، المنافسة الرئيسية لـ”إيرباص”، هي الرابح الأكبر، خاصةً وأنها تُعد أكبر مصدر في أمريكا، وسبق أن كانت صفقات بيع الطائرات جزءاً من الاتفاقيات التجارية مثل الصفقة الأمريكية البريطانية في مايو الماضي.
تقييد “بوينغ” في الصين
لكن حتى الآن، تعاني “بوينغ” من قيود في السوق الصينية. ففي أبريل، طلبت السلطات الصينية من شركات الطيران تعليق استلام طائرات “بوينغ”. ويعود تاريخ التوترات التجارية وأزمات طائرة 737 ماكس إلى سنوات ماضية، ما أعطى “إيرباص” أفضلية واضحة في سوق كانت تُدار بتوازن حذر بين عملاقي تصنيع الطائرات.
وأشار المطلعون إلى أن الطائرات عريضة البدن قد تشكل جزءاً كبيراً من الصفقة الجديدة المحتملة، وتحديداً طراز “A330neo”، أصغر طراز مزدوج الممر من “إيرباص”. ويُذكر أن عدد طائرات البدن العريض المتبقية في سجل الطلبات الموجهة لشركات الطيران الصينية -الحكومية والخاصة- انخفض، حيث كانت “بوينغ” هي المورّد المهيمن سابقاً لهذا النوع من الطائرات.
وفي حال وصلت الصفقة إلى 500 طائرة، فستُعد من بين الأكبر في تاريخ صناعة الطيران، بل وقد تكون الأضخم على الإطلاق بالنسبة للصين، متجاوزة صفقة عام 2022 التي شملت شراء نحو 300 طائرة إيرباص ذات ممر واحد، والتي كانت تُقدّر قيمتها حينها بنحو 37 مليار دولار.
سباق بين “بوينغ” و”إيرباص”
للمقارنة، وقعت شركة طيران الهند صفقة في 2023 لشراء 470 طائرة من شركتي “إيرباص” و”بوينغ”، كما قامت شركة “إنديغو” الهندية بإبرام طلبية قياسية منتصف 2023 لشراء 500 طائرة ضيقة البدن من إيرباص.
أما “بوينغ”، فلم تفز بأي صفقة كبرى من الصين منذ عام 2017، نتيجة التوترات التجارية والمشكلات الداخلية التي واجهتها الشركة. وكانت الصين أول دولة تُوقف تشغيل طائرات 737 ماكس بعد حادثين مميتين في 2019، كما أسهمت الخلافات التجارية مع إدارتي بايدن وترمب الأولى في توجيه الطلبات الصينية نحو “إيرباص”. وفي 2024، تلقت “بوينغ” ضربة جديدة عقب حادثة خطيرة تمثلت في انفصال غطاء باب لطائرة أثناء الطيران في يناير، ما أدى إلى أزمة جديدة في جودة التصنيع.
وعادةً ما تُبرم مثل هذه الصفقات عبر الجهة الحكومية الصينية المعنية بشراء الطائرات، والتي تتولى التفاوض نيابة عن شركات الطيران المحلية.