خبير مصرفي: “رأس الحكمة” و”رأس شقير” استراتيجيتان مختلفتان لتحقيق هدف مشترك.. دعم التنمية وتقليل عبء الدين.

خبير مصرفي: “رأس الحكمة” و”رأس شقير” استراتيجيتان مختلفتان لتحقيق هدف مشترك.. دعم التنمية وتقليل عبء الدين.

في إطار سعي الدولة المصرية لتعزيز مصادر النقد الأجنبي وخفض الدين العام، برزت صفقتان استراتيجيتان تمثلان نهجين مختلفين لتحقيق أهداف التنمية الاقتصادية، وهما صفقة “رأس الحكمة” وصفقة “رأس شقير”.

وقال محمد عبد العال، الخبير المصرفي، إن الدولة المصرية تعمل على تأمين تدفقات مالية كبيرة ومستدامة لمواجهة التحديات التمويلية، وتوجيه تلك الموارد نحو خفض الدين وتمويل المشروعات التنموية، وفي هذا السياق، تتجلى صفقتا “رأس الحكمة” و”رأس شقير” كنموذجين اقتصاديين مختلفين، يشتركان في خدمة الاقتصاد الكلي، لكن يختلفان في الآليات والأهداف.

وأوضح “عبد العال” أن صفقة رأس الحكمة جاءت لتعزيز الاستثمار الأجنبي المباشر عبر مشروع عمراني وسياحي متكامل بمنطقة الساحل الشمالي، في حين أن صفقة رأس شقير اعتمدت على آلية تمويل سيادية من خلال إصدار صكوك إسلامية، باستخدام أراضي الدولة كأصل ضامن دون بيعها.

وأضاف أن صفقة رأس الحكمة تمت بين الحكومة المصرية، ممثلة في هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، وصندوق أبوظبي التنموي وشركة ADQ القابضة الإماراتية، وبلغت قيمتها نحو 35 مليار دولار، وتمثلت في بيع حقوق تطوير منطقة واسعة من رأس الحكمة، مع التزام المطور بتنفيذ مشروع متكامل.

أما صفقة رأس شقير، فقد أُبرمت بين وزارة المالية المصرية، باعتبارها المصدر للصكوك، والشركة المصرية للصكوك السيادية، حيث تم تخصيص أصول مملوكة للدولة (أراضي) لاستخدامها كضمان لإصدار صكوك، دون نقل ملكية الأرض نفسها، وإنما منح حق انتفاع لحملة الصكوك خلال مدة الإصدار.

وأشار “عبدالعال” إلى أن الأثر المباشر لصفقة رأس الحكمة تمثل في ضخ سيولة دولارية فورية في الاقتصاد، ساهمت في استقرار سوق الصرف وتخفيف الضغط على الجنيه، بينما تساهم صفقة رأس شقير في تنويع أدوات التمويل الحكومي وتوسيع قاعدة المستثمرين من خلال جذب شريحة مهتمة بالصكوك المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية.

ولفت الخبير إلى أن مستثمر رأس الحكمة يمتلك كامل حقوق التطوير والتنفيذ في المشروع، فيما تقتصر حقوق حملة صكوك رأس شقير على “حق الانتفاع”، ويحصلون على عوائد دورية تُصرف من إيرادات الأصول المؤجرة، مع رد أصل الصك في نهاية مدته.

واختتم بالتأكيد على أن الصفقتين تمثلان نماذج مبتكرة لدعم الاقتصاد المصري: فرأس الحكمة تمثل نموذجًا للاستثمار المباشر طويل الأجل، بينما رأس شقير تفتح بابًا لآلية تمويلية جديدة، تستهدف الاستفادة من أصول الدولة دون التفريط في ملكيتها.