محمد فؤاد: تبني نموذج «التطوير من أجل التأجير بالقطاع العقاري» يؤسس لسوق أكثر نضجًا واستدامة 

محمد فؤاد: تبني نموذج «التطوير من أجل التأجير بالقطاع العقاري» يؤسس لسوق أكثر نضجًا واستدامة 

أكد محمد فؤاد – خبير التنميه والتطوير العمراني ، وعضو جمعيه رجال الأعمال المصريه البريطانيه ؛ بأن القطاع العقاري المصري يشهد تحولًا ملحوظًا في الآونة الأخيرة، وهو مادفع نحو ضروره تبني نموذج “التطوير من أجل التأجير” بدلاً من الاعتماد الكلي على البيع النهائي كوضع افتراضي للمطورين العقاريين.

وأضاف فؤاد؛ بأن هذا التحول لا يأتي من فراغ، بل ينبع من الحاجة إلى تنشيط السوق، ومواكبة المتغيرات الاقتصادية، وتلبية احتياجات شرائح مختلفة من المجتمع، خاصة الشباب والطبقة المتوسطة.

ما هو نموذج “التطوير من أجل التأجير”؟

وأوضح فؤاد ؛ بأن نموذج “التطوير من أجل التأجير” هو نموذج استثماري يهدف إلى تطوير العقارات (سكنية أو تجارية أو إدارية بهدف تأجيرها على المدى الطويل بدلاً من بيعها مباشرة بعد الإنشاء، ويتيح هذا النموذج تدفقات نقدية منتظمة للمطورين والمستثمرين، كما يخلق منظومة أكثر استدامة مقارنة بنموذج البيع الفوري.

أسباب التوجه نحو هذا النموذج في مصر

وحول أسباب و مدي ضروره التوجه نحو هذا النموذج في مصر خلال الفتره الحاليه ؛ لفت فؤاد الإنتباه ؛ إلي أن هناك عده عوامل تدعم هذا التوجه ؛ منها تراجع القدرة الشرائية للطبقة المتوسطة ؛ حيث أن ارتفاع أسعار العقارات بشكل كبير مع تراجع القوة الشرائية جعل شريحة واسعة من المصريين غير قادرة على الشراء، لكن لا تزال هناك حاجة ملحّة إلى السكن، ما يجعل الإيجار خيارًا واقعيًا ، وكذلك تغير أنماط الحياة ، فالأجيال الشابة تميل إلى المرونة وعدم الالتزام الطويل بالأماكن، وتفضل الإيجار على التملك، خاصة في المدن الكبرى والعواصم الإدارية ، هذا بالإضافه إلي التضخم وتذبذب السوق ؛ لأنه مع التضخم المتزايد وعدم استقرار أسعار العقارات، أصبح من الصعب التنبؤ بجدوى البيع، في حين أن التأجير يوفر عوائد دورية أكثر أمانًا نسبيًا ، وأخيرا نضوج السوق العقاري ؛ وذلك لأن السوق المصري بدأ في التحول من كونه سوقًا أوليًا (بيع وحدات) إلى سوق أكثر نضجًا يُقيم على التدفقات النقدية والعوائد المستمرة.

كيف يسهم هذا النموذج في إنعاش القطاع العقاري؟

وأشار فؤاد ؛ إلي أن نموذج “التطوير من أجل التأجير” سيحقق بالتأكيد إنعاش لسوق العقارات المصري في حاله تطبيقه ، وذلك من خلال تحقيق عوائد مستدامة للمطورين ، وذلك لأنه بدلاً من الاعتماد على البيع الفوري، يحصل المطورون على تدفقات نقدية مستمرة من الإيجارات، مما يقلل من المخاطر ويعزز استقرار النشاط العقاري ، هذا بجانب جذب المستثمرين الأجانب والمحليين ، وذلك لأن المستثمرون يفضلون الأصول المدرة للدخل المنتظم (مثل العقارات المؤجرة)، ما يعزز من فرص جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة (FDI) إلى مصر ، هذا بالإضافه إلي إعادة تدوير رأس المال ، حيث يمكن للمطورين استخدام العقارات المؤجرة كضمانات للحصول على تمويلات إضافية، ما يساعدهم على تنفيذ مشاريع جديدة، وبالتالي توسيع النشاط الاقتصادي ، وكذلك تحفيز الطلب الحقيقي ، لأن الإيجار يجعل الحصول على وحدة سكنية أو تجارية أكثر سهولة، ما يزيد من إشغال الوحدات المطورة ويمنع حالة “الركود العقاري” التي تحدث عندما ترتفع المعروضات دون طلب فعلي ، وأخيرا توفير حلول إسكان مرنة ، حيث يمكن عبر هذا النموذج تقديم منتجات سكنية جديدة مثل “الإيجار طويل الأجل”، “الإيجار المؤجر بالتملك”، أو “الإيجار مع خدمات مضافة” (مثل صيانة وأمن وإدارة مرافق)، ما يخلق تنوعًا في السوق العقاري.

تحديات تطبيق هذا النموذج في مصر

وذكر فؤاد ؛ أنه رغم مزايا هذا النموذج ، إلا أن هذا النموذج يواجه عددًا من التحديات مثل ضعف ثقافة الإيجار طويل الأجل لدى المواطنين ، و الحاجة لتشريعات داعمة تضمن حقوق المالك والمستأجر ، بالإضافه إلي التحديات التمويلية لأن المطورين يحتاجون إلى رأس مال كبير في البداية دون بيع مباشر ، وكذلك نقص الخبرة الإدارية في إدارة العقارات المؤجرة بشكل احترافي.
، إلا أن هذه التحديات يمكن التغلب عليها تدريجيًا من خلال إدخال شركات إدارة متخصصة ، و توفير حوافز حكومية ، وتطوير قوانين الإيجار لحماية الطرفين ، وإطلاق صناديق استثمار عقاري REITs تركز على العقارات المؤجرة.

نماذج عالمية ناجحة يمكن الاستفادة منها

وإختتم فؤاد ؛ بأن هناك نماذج عالمية ناجحة يمكن الاستفادة منها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة تطبّقان هذا النموذج بنجاح، خصوصًا في مشاريع الإسكان المؤسسي والمجمعات السكنية ، وكذلك الإمارات والسعودية بدأتا في السنوات الأخيرة الاعتماد على نموذج “التطوير من أجل التأجير” في المدن الجديدة مثل الرياض، وجدة، ودبي ، لذا ؛ فإن التحول نحو نموذج “التطوير من أجل التأجير” في مصر يمكن أن يكون منقذًا للقطاع العقاري في ظل التحديات الاقتصادية الراهنة، فالنموذج يقدم حلًا واقعيًا يوازن بين احتياجات السوق وقدرات العملاء، ويؤسس لسوق عقاري أكثر نضجًا واستدامة، ومع وجود دعم حكومي وتنظيم تشريعي مناسب، يمكن لهذا التوجه أن يكون رافعة قوية للرواج العقاري والاقتصادي في مصر خلال السنوات القادمة.