المفاعلات الصغيرة: فرصة الكويت لتأمين مصادر الطاقة والمياه

مقدّمة ممهدة
في جولةٍ دراسية نظّمها برنامج FIRST الأميركي – الخليجي داخل مختبر أيداهو الوطني (INL)، اطّلع وفد من دول مجلس التعاون على أحدث التقنيات النووية المدمجة التي قد تغيّر قواعد اللعبة في أمن الطاقة والمياه والصناعات البتروكيميائية. المفاعلات النووية المعيارية الصغيرة اختصاراً المعروفة بـSMRs والميكرو- مفاعلات قفزت من المخططات إلى التشغيل التجريبي في الصين وروسيا، وتستعد الولايات المتحدة لإطلاق أوّل ميكرو- مفاعل تجريبي عام 2027. هذه السرعة والتنوّع تمنح الكويت ودول الخليج نافذة زمنية محدودة كي تتحرّك قبل أن تُحجز خطوط الإمداد ويقود السباق جيرانها.
لماذا تناسب SMRs دول الخليج الصغيرة؟
يبلغ نطاق التخطيط للطوارئ في المفاعلات التقليدية نحو 50 كم²، أما في تصميمات SMR الحديثة فلا يتعدى حدود الموقع (1.5–3 كم²)، ما يسهّل اختيار مواقع قريبة من مراكز الطلب.
• توليد مزدوج (Cogeneration): مفاعل مائي – مضغوط بقدرة تصل من 20 إلى 300 ميغاواط كهربائي يستطيع إنتاج الكهرباء وتوريد بخار منخفض الضغط عند 80–120 °م لوحدات التحلية متعددة التأثير MED أو تقطير الوميض متعدد المراحل MSF، ما يخفض استهلاك الطاقة الكلي لمحطات المياه وخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
• حرارة صناعية مرتفعة: المفاعل الصيني HTR-PM يوفّر درجات حرارة عالية عند 750–800 °م تصلح للتكسير البتروكيميائي وإنتاج الهيدروجين الأخضر أو الأمونيا ذات البصمة الكربونية المنخفضة – وهي منتجات يحتاجها قطاع النفط الكويتي لتعزيز الربحية وخفض الانبعاثات الكربونية.
• ميكرو – مفاعلات 0–20 ميغاواط: نماذج مثل MARVEL في INL تُصنَّع في المصانع، تُنقل بالشاحنات، وتغذّي المدن الجديدة أو منشآت النفط النائية بطاقة نظيفة ومستقرة خلال أسابيع من الوصول للموقع.
سباق عالمي متسارع
• الصين شغّلت HTR-PM (200 ميغاواط) وتُشيّد ACP100 ليكون أول SMR تجاري يعمل عام 2026.
• روسيا تجاوزت محطة أكاديميك لومونوسوف العائمة إنتاج مليار ك.و.سٍّ، وتبني مفاعلاً برياً RITM-200N في ياكوتيا للتشغيل في 2028.
• الولايات المتحدة تسرّع ميكرو- مفاعل MARVEL وشراكات NuScale لإنتاج الهيدروجين والأمونيا بواسطة حرارة المفاعل والبخار.
عدم مواكبة هذا الحراك يعرّض الكويت لخطر فقدان «أفضلية المتحرك الأول» في سلاسل التوريد والاستثمارات.
من الفضول إلى القدرة: فريق عمل وطني مقترَح
لتحويل الاهتمام إلى جاهزية، أقترح تشكيل فريق عمل كويتي للطاقة النووية المتقدمة برئاسة وزارية يضم:
• وزارة الكهرباء والماء والطاقة المتجددة – تكامل الشبكة والتحلية والهيئة العامة للبيئة – التراخيص والأثر البيئي ومعهد الكويت للأبحاث العلمية (KISR) – الدراسات الفنية والاقتصادية ووزارة النفط – تطبيقات الحرارة الصناعية ووزارة الداخلية وقوة الإطفاء – الأمن والاستجابة للطوارئ ووزارة الصحة (قسم الحماية من الإشعاع) – الرقابة الصحية وأخيرا وزارة الخارجية – التعاون الدولي عبر FIRST ومبادرات الصين – الخليج.
التفويض الأول: إنجاز دراسة جدوى مقارنة بين SMR وميكرو-مفاعلات لمدن الكويت المخطَّطة، ومحطات التحلية، وعنقود الصناعات البتروكيميائية، بالاستفادة من بيانات ومقترحات التعاون التي عُرضت خلال جولة FIRST.
إن دمج SMRs في مزيج الطاقة الكويتي ليس طموحا بعيد المدى، بل خطوة عملية لتأمين الكهرباء والمياه وتقليل الانبعاثات وتعظيم القيمة المضافة للنفط. السباق بدأ بالفعل، ومن يتحرّك اليوم سيحصد ثمار الغد.