هالة البدر: عبد الحسين عبد الرضا رمز خالد للأجيال

أقامت مكتبة الكويت الوطنية فعالية ثقافية بعنوان «من الكويت إلى لندن: عبد الحسين عبد الرضا في الذاكرة الفنية»، بمناسبة مرور 250 عاما على العلاقات الكويتية البريطانية.
وأعد الفعالية الباحث في العلاقات الكويتية البريطانية عيسى دشتي، وشهدت حضور عدد من الشخصيات، من بينهم المديرة العامة لمكتبة الكويت الوطنية سهام العازمي، والشيخة هالة البدر الصباح، إلى جانب عدد من أقارب وأصدقاء الفنان الراحل، ومجموعة من الفنانين، مثل حسين المفيدي، د. خالد أمين، خالد المظفر.
وانقسمت الفعالية إلى قسمين، تناول الأول معرضا وثائقيا يضم مقتنيات من أرشيف المسرحية الشهيرة «باي باي… لندن»، أما القسم الثاني فاستهل بعرض مؤثر تضمن مقطع فيديو ظهر فيه الفنان الراحل عبد الحسين عبد الرضا متحدثاً أثناء وجوده في لندن، وأعقبته مشاهد مختارة من أعمال الراحل.
قاعدة للتقارب
وتوالت بعد ذلك كلمات المشاركين في الفعالية، وكانت البداية مع العازمي التي قالت: «إن ما يضاعف من قيمة هذه الفعالية الكبيرة أنها ترصد العلاقة الخاصة بين فناننا الراحل الكبير، وبين العاصمة البريطانية لندن، وتستكشف آفاق المحبة الخاصة التي كانت تربط هذا الفنان العظيم بمدينة الثقافة والأدب والفنون، وفي القلب منها، كما ترصد كثيرا من المحطات المؤثرة والفارقة، التي تجسد المكانة الخاصة التي تحتلها لندن في قلب عملاق الكوميديا الكويتية رحمه الله، ومن ثم فإن هذه الفعالية – بالمعرض الذي تتضمنه – تتشابك فيها غصون من الفن والثقافة والسياسة والتاريخ، وتلقي بظلالها ليس على تأثير الفنون في الإنسان فحسب، بل أيضا على تأثيرها في العلاقات بين الشعوب والمجتمعات المتباينة، وتبين دورها في بناء قاعدة للتقارب البناء بين الثقافات المتباينة، وتعزيز التفاعل الخلاق والتكامل الحضاري بين سكان الأرض بدلا من الصدام والصراع اللذين يقلقان العالم، وينشران أشباح الخوف على مسرحه بدلا من الوئام والسلام».
رسالة جميلة
وذكرت الشيخة هالة البدر: «هذه الفعالية التي عكست مدى ارتباط دولة الكويت بالمملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وأيرلندا الشمالية من خلال القوى الناعمة، وهي القوى الثقافية التي تمثلت اليوم في شخصية خدمت وأعطت الكويت كل ما تستطيع من جهد وقوة وصحة ووقت ومال، وكان لها التأثير الكبير في تاريخ الكويت الفني حتى أصبحت هذه الشخصية أسطورة خالدة بأعمالها وذكرها وتراثها الذي تركته من بعدها، فنحن نتحدث عن قامة كبيرة وعلم من أعلام الكويت والوطن العربي الأسطورة عبد الحسين عبد الرضا».
وشددت الصباح، في حديثها، على «أن الفن بأنواعه هو رسالة جميلة وترويح للنفس، كما يعد من القوى الناعمة، ويساهم في رفع الذوق العام، ويتطرق إلى مشاكل المجتمع مع إيجاد حلول لها، وهو أحد طرق التوثيق التاريخي المهمة».
مدينة الضباب
من جانبه، أفاد حفيد الراحل حسين بشار: «لقد كانت مدينة لندن بالنسبة لجدي، رحمه الله، مسرحا واسعا للدهشة والتأمل، ومصدر إلهام في أعماله التي جسد فيها الشخصية العربية بتلقائيتها وعمقها وإنسانيتها في مواجهة العالم وتناقضاته. تكررت لندن في أعماله لا كموقع جغرافي فقط بل كرمز ثقافي، ساخر أحيانا، ومحبب في أغلب الأحيان، واستطاع من خلالها أن يربط الجمهور الكويتي والعربي بمدينة كان لها تأثيرها الكبير في تكوينه الإبداعي والإنساني».
وتابع: «ارتبط الفنان المرحوم عبد الحسين عبد الرضا بمدينة الضباب ارتباطا وثيقا، وكان يهرب إليها بعيدا عن صخب الحياة، مستمتعا بأجوائها ومسارحها العريقة، وحين أسدل الستار على حياته كانت مدينة لندن هي محطته الأخيرة، وقال القدر كلمته الأخيرة باي باي… لندن».
أسطورة وأيقونة فنية
أما الباحث عيسى دشتي فقد أوضح أنه في هذا العام تحتفل دولة الكويت والمملكة المتحدة لبريطانيا العظمى بذكرى 250 عاما على العلاقات الكويتية البريطانية التي بدأت عام 1775، مضيفا أنه اعتاد الإعداد المسبق لأي فعالية تعنى بالعلاقات الكويتية البريطانية، واختار هذه الفعالية «لنبين أن علاقتنا مع بريطانيا هي أكثر من كونها علاقات دبلوماسية وسياسية أو عسكرية أو اقتصادية، بل تمتد العلاقات الثنائية ما بين الكويت وبريطانيا إلى علاقات اجتماعية وثقافية وفنية».
واعتبر أن «الفن هو إحدى أهم أدوات القوة الناعمة التي تسهم في دعم وتعزيز العلاقات بين الشعوب»، ومن هنا جاء اختياره للفنان والأسطورة والأيقونة الفنية الراحل عبد الحسين عبد الرضا، كخير مثال حول جمع العلاقات الكويتية البريطانية في أعماله الفنية.
اختيار المواضيع
بدوره، تحدث د. أمين خلال الفعالية عن حجم الجهد الذي يبذله كل فنان في مسيرته، مشيدا بمكانة الفنان الراحل عبد الحسين عبد الرضا، قائلاً: «عبد الحسين لم يكن مجرد فنان أو فارس على الساحة الفنية، بل كان قائدا»، لافتا إلى أن الراحل كان يمتلك قدرة فريدة على اختيار المواضيع التي يطرحها، سواء في المسرح أو التلفزيون، وتميز بذكاء لافت في تناول القضايا الاجتماعية بطريقة تمس الجمهور وتعكس همومه، وأكد أن عبد الحسين لم يكن يعمل وحده، بل كان محاطا بـ «فرسان حقيقيين» وقفوا إلى جانبه وساعدوه.
أما الفنان السعودي طارق الحارثي فقد عبّر عن أمنيته قائلاً إنه كان يحلم، كممثل سعودي وخليجي، بأن يحظى بفرصة العمل مع الفنان الراحل عبد الحسين عبد الرضا، حتى لو في مشهد صامت، أو أن تجمعه به مصادفة في أي مكان. وقال الفنان المظفر عن الراحل: «إنه ليس فنانا فقط بل ذاكرة حية لوجدان الكويت وصوتها في لحظات الصمت، ولم يحالفني الحظ في العمل معه، لكني كبرت وتربيت على أعماله منذ صغري حتى أصبحت فنانا»، مضيفا أن «ما يميز تجربة بوعدنان بالفن أن عروضه ما كانت للضحك فقط، بل كان يحول المسرح إلى أرشيف شعبي، فوثق من خلاله التحولات الكبيرة التي مر بها المجتمع الكويتي، مثل مسرحية بني صامت، ومسرحية فرسان المناخ، وغيرهما».