لبنان: الجيش يحل محل “يونيفيل”!

لبنان: الجيش يحل محل “يونيفيل”!

لم يعد بالإمكان الفصل بين مساعي إسرائيل لعدم التجديد لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) وبين تركيز ضرباتها العسكرية شمال نهر الليطاني، خصوصاً في الضاحية الجنوبية لبيروت.

حتى الآن ترفض إسرائيل الانسحاب من النقاط الخمس، على الرغم من كل الجهود التي بذلها لبنان، وقد رفضت بشكل مطلق الصيغة المتكاملة التي عملت عليها نائبة المبعوث الخاص للشرق الأوسط، مورغان أورتاغوس، التي تنتظر إقالتها رسمياً من منصبها.

وتنص هذه المعادلة على انسحاب إسرائيل من بعض النقاط، وإطلاق سراح الأسرى اللبنانيين، ووقف الضربات ضد الحزب، وإعطاء الدولة اللبنانية مهلة زمنية محددة لاستكمال نزع سلاح الحزب، لكن تل أبيب تصر على مواصلة التصعيد وترفض الانسحاب، وسط معلومات تشير إلى أن أي انسحاب إسرائيلي سيكون خاضعاً للتفاوض على شروط كثيرة أمنية وعسكرية، وربما سياسية.

بشكل خاص لا ترى تل أبيب أي فائدة من الحديث اللبناني عن استراتيجية أمن وطني أو استراتيجية دفاعية تعالج معضلة سلاح حزب الله، لأنها تعتبر أن الحزب قد يشكل جزءاً حيوياً من هذه الاستراتيجية في وقت تريد هي حرمانه من أي دور عسكري أو أمني.

ولذلك، فإن الكثير من الشروط الإسرائيلية التي تتسرب، تتصل بترتيبات أمنية حول الوضع في الجنوب وتحركات الجيش اللبناني فيه، وهي إجراءات مرفوضة لبنانياً، خصوصاً أنها قد تشبه بعض بنود «اتفاق 17 أيار»، معاهدة السلام التي تم التوصل إليها بين بيروت وتل أبيب بعد الاجتياح الإسرائيلي لبيروت، التي سقطت بسبب رفض قوى وشرائح لبنانية أساسية لها وفيتو سوري عليها.

على وقع هذه الضغوط الإسرائيلية، يأتي التلويح بعدم التجديد لقوات «يونيفيل» في التصويت، الذي سيجري في مجلس الأمن الدولي شهر أغسطس المقبل.

وهنا لا بُد من الإشارة إلى أنه لا إسرائيل ولا إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب يريدان استمرار قوات «يونيفيل»، خصوصاً وفق التفويض الذي تعمل به حالياً، وهما تعتبران أن لا لزوم لعمل هذه القوة جنوب نهر الليطاني مادام تم تفكيك البنى العسكرية لحزب الله، وأن العمل الحقيقي سيكون شمال نهر الليطاني.

ومع فشل كل محاولات توسيع تفويض «يونيفيل» وإدراجه تحت بند «الفصل السابع» الذي يسمح باستخدام القوة العسكرية لأسباب متعددة بينها رفض روسيا والصين وربما دول أخرى مثل فرنسا لهذا الأمر، ووسط استمرار اعتراض الدوريات الأممية من بعض السكان المحليين، فإن واشنطن تدرس خيار منح لجنة مراقبة اتفاق وقف إطلاق النار التي يرأسها جنرال أميركي صلاحيات معززة تمكنها من تفعيل دور الجيش اللبناني في التعامل مع المواقع العسكرية.

ينص هذا السيناريو على أن تعمل لجنة المراقبة على توجيه الجيش اللبناني باتجاه المواقع العسكرية المستهدفة التي تريد تفكيكها، بدلاً من التوجه إلى «يونيفيل»، خصوصاً أن القوات الدولية ليس لديها تفويض للعمل شمال نهر الليطاني.

وبحسب ما تشير مصادر متابعة، فإن حسم مصير التجديد لـ «يونيفيل» في مجلس الأمن من عدمه، سيكون مرتبطاً بزيارة سيجريها وفد عسكري أميركي إلى لبنان لدراسة وضع القوات الأممية والوضع العسكري وما حققه الجيش اللبناني حتى الآن، وكيف سيتم التعاطي في المرحلة المقبلة.

ونقلت صحيفة يسرائيل هيوم، أمس الأول، عن مصادر أن إسرائيل كانت ترى حتى فترة قريبة أن وجود «يونيفيل» في جنوب لبنان رغم ضعفها أفضل من غيابها، لكن هذا التقييم تغيّر مؤخراً بعد أن «لاحظت المنظومة الأمنية الإسرائيلية بشكل إيجابي الأنشطة التي بدأ الجيش اللبناني باتخاذها ضد تسلح حزب الله».

وبحسب المصادر، فإن إدارة ترامب تسعى لتوفير التكاليف المرتبطة بتشغيل «يونيفيل» المنتشرة في جنوب لبنان منذ 47 عاماً، وأن إسرائيل باتت تعتبر أن التنسيق مع الجيش اللبناني فعّال ولا ضرورة لوجود قوات دولية.

ونقلت الصحيفة عن مصدر مطلع للصحيفة أنه قد يتم التوصل في النهاية إلى حل وسط يتضمن تقليصاً تدريجياً لنشاط قوات «يونيفيل»، مؤكداً أن القرار النهائي سيكون في يد الرئيس الأميركي.

ونقلت صحيفة الشرق الأوسط، أمس الأول، عن مصادر أن منسوب القلق يرتفع في لبنان نتيجة «انكفاء الولايات المتحدة عن التدخل، مباشرة أو عبر لجنة الرقابة المشرفة على تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار، لدى إسرائيل لمنعها من توسيع غاراتها، كما حصل أخيراً في الضاحية الجنوبية لبيروت، حيث دمرت عدة مبانٍ سكنية، بخلاف ما تذرعت به إسرائيل بأنها استهدفت طوابقها السفلية التي يستخدمها حزب الله لتصنيع مسيَّرات».