العطلات الممتدة في البورصة تعيق جهود المستثمرين.

تتميز الكويت بنظام عطلات رسمية قد يعتبره البعض كثيفا نسبياً، مقارنة بالعديد من الدول، وتشمل هذه العطلات الأعياد الدينية، مثل عيدي الفطر والأضحى، ورأس السنة الهجرية، والمولد النبوي، والإسراء والمعراج، والأعياد الوطنية مثل العيد الوطني ويوم التحرير، إضافة إلى المناسبات الرسمية الأخرى، مثل رأس السنة الميلادية.
ولا شك في أن هذه العطلات توفر فترات راحة ضرورية للمواطنين والمقيمين، لكن تكرارها وكثافتها وطول مدتها قد تحمل تحديات اقتصادية، لا سيما بالنسبة للأسواق المالية.
وتُعتبر بورصة الكويت كغيرها من أسواق المال في المنطقة عرضة لتأثير هذه العطلات، مما يثير تساؤلات حول مدى تأثيرها على حجم السيولة المتداولة وحتى معنويات المستثمرين وقراراتهم.
وتؤدي فترات الإغلاق الطويلة للبورصة إلى انخفاض ملحوظ في السيولة المتاحة بالسوق، قبل وأثناء وبعد العطلات مباشرة، كما يصيب تداولاتها خلال تلك الفترة نوع من الجمود.
البورصة يمكن استثناؤها من بعض الإجازات أو الأيام إذا كانت طويلة
ويعود ذلك إلى العديد من الأسباب، منها تفضيل المستثمرين غالباً الاحتفاظ بالسيولة أو تأجيل قرارات التداول إلى ما بعد انتهاء العطلة لتجنّب المخاطر المحتملة المرتبطة بالإغلاق الطويل.
إضافة إلى غياب الأخبار الاقتصادية المهمة التي عادة ما تحرّك السوق، مما قد يؤدي إلى حالة من الترقب أو الجمود في السوق وفي بعض الأحيان يمكن أن تخلق العطلات الطويلة حالة من عدم اليقين لدى المستثمرين، خصوصاً إذا كانت هناك أحداث اقتصادية او سياسية عالمية يمكن أن تؤثر على السوق خلال فترة الإغلاق.
وقد يتردد بعض المستثمرين في اتخاذ قرارات استثمارية كبيرة قبل العطلات الطويلة لتجنّب أي تقلبات غير متوقعة عند إعادة فتح السوق وقد تواجه بعض الشركات والمؤسسات المالية ضغطاً في العمليات بعد العطلات الطويلة بسبب تراكم المهام.
وتفوت البورصة فرصة للتفاعل مع التطورات العالمية التي تحدث خلال فترات إغلاقها، مما قد يؤثر على قدرتها على الاستجابة السريعة للظروف المتغيرة.
وعادة يكون تأثير انخفاض السيولة أكثر وضوحاً على الأسهم الصغيرة والمتوسطة، حيث تكون هذه الأسهم أكثر حساسية للتغيرات في حجم التداول.
الإجازات المتكررة والطويلة عامل طارد للمستثمرين الأجانب
مرونة أكبر
ولدى الكويت عدد أيام عطلات أكبر على مدار العام، مقارنة ببعض دول مجلس التعاون الخليجي، إضافة إلى أن بعض الدول لديها مرونة بالنسبة للمناسبات اليومية، وقد لا تعتمدها، عكس ما هو معمول به في الكويت التي عادة ما يتم تأجيل تلك المناسبات إلى نهاية الأسبوع أو في بدايته.
كما أن الأسواق الأكبر والأكثر سيولة، مثل السوق السعودي، تكون أكثر قدرة على امتصاص تأثير العطلات مقارنة بالأسواق الأصغر، فضلاً عن أن الأسواق التي تتمتع بتنوع أكبر في قاعدة المستثمرين المحليين والأجانب قد تكون أقل تأثراً بتقلبات السيولة الناتجة عن العطلات.
ويمكن للجهات المعنية مراجعة تقويم العطلات الرسمية بهدف تقليل عدد أيام الإغلاق المتكررة قدر الإمكان، مع الحفاظ على أهمية المناسبات، ويمكن استثناء سوق المال من بعض الإجازات والعطلات الرسمية أو بعض الأيام إذا كانت طويلة، خصوصاً وسط وجود مستثمرين أجانب، والسعي وراء جذب المزيد منهم، أو جعل بورصة الكويت في مصاف البورصات المتقدمة.
كما يمكن الاستفادة من تجارب البورصات العالمية الكبرى التي تتعامل مع فترات عطلات مختلفة وكيفية إدارتها لضمان استمرارية وكفاءة السوق، إضافة إلى توعية المستثمرين بأهمية التخطيط لقراراتهم الاستثمارية قبل وأثناء فترات العطلات.
ختاماً، لا شك في أن العطلات الرسمية ضرورية لأي مجتمع، ولكن في سياق سوق المال، فإن تكرارها المفرط قد يمثّل تحدياً من حيث السيولة وحجم التداول ومعنويات المستثمرين وقراراتهم، ويجعله سوقاً غير جاذب للمستثمرين، فالأمر يتطلب دراسة متأنية وربما إعادة تقييم لسياسة العطلات الرسمية، إضافة إلى جهود مستمرة لتعزيز كفاءة السوق وجاذبيته، ضماناً لاستمرارية أدائه وتحقيق أهدافه.