فرنسا: توازن بين الأمن وانتهاك الحريات.. هل يعد ‘قانون النركوترفيك’ تهديدًا للحريات تحت ذريعة مكافحة المخدرات؟

فرنسا: توازن بين الأمن وانتهاك الحريات.. هل يعد ‘قانون النركوترفيك’ تهديدًا للحريات تحت ذريعة مكافحة المخدرات؟

أثار المجلس الدستوري الفرنسي جدلاً واسعاً بعد مصادقته على معظم بنود قانون مكافحة الاتجار بالمخدرات “النركوترفيك”، الذي يهدف إلى مواجهة تهديد تجارة المخدرات. وبينما وصفه البعض بأنه خطوة حاسمة ضد الجريمة، اعتبرت فئات حقوقية هذا القانون بمثابة تهديد صارخ للحقوق الفردية وحريات المواطنين.

إجراءات قانونية مشددة لوقف المخدرات

في جلسة مثيرة، وافق المجلس الدستوري الفرنسي، يوم الخميس، على غالبية مواد “قانون النركوترفيك”، الذي تم تقديمه لمكافحة انتشار شبكات المخدرات في البلاد. كما تمت المصادقة على 32 مادة من أصل 38، مما يُظهر التزام الحكومة الفرنسية بمحاربة هذه الجريمة المنظمة، ومع ذلك، لم تخلُ هذه المصادقة من الانتقادات الحقوقية التي ترى في بعض البنود تهديدًا لحقوق الإنسان.

ومن أبرز النقاط المثيرة للجدل في هذا القانون كان العزل الانفرادي داخل السجون، الذي سيتم تطبيقه على أخطر تجار المخدرات. وأثارت هذه المادة، التي تم استلهامها من قوانين مكافحة المافيا الإيطالية، الجدل، إذ يرى البعض فيها حلاً ضروريًا لمواجهة الجريمة، بينما يراها آخرون انتهاكًا لحقوق السجناء، معتبرين أنها قد تفتح الباب لتطبيقات غير قانونية تمس الكرامة الإنسانية.وفي هذا السياق، قرر المجلس الدستوري الموافقة على الإجراءات ولكن مع تحفظات تتعلق بضوابط التفتيش الجسدي، الذي يعتبره الحقوقيون “تعديًا على الخصوصية”.

تحذيرات حقوقية من تجاوزات محتملة

من بين القرارات المثيرة كانت الموافقة على التفتيش الكامل للسجناء في حال الشك في تواصلهم مع أطراف خارجية. وفقًا للقانون، سيكون بإمكان السلطات إجراء تفتيش جسدي كامل إذا تم الكشف عن محاولات غير مراقبة للتواصل، حيث أن منظمات حقوق الإنسان انتقدت هذا البند، محذرة من إمكانية إساءة استخدامه واعتبرته انتهاكًا للحقوق الأساسية للمحتجزين.

إلغاء مواد لحماية الحياة الخاصة وحقوق الدفاع

في خطوة لاقت ترحيبًا من الحقوقيين، قام المجلس الدستوري بإلغاء بعض المواد التي اعتُبرت مخالفة للحقوق الأساسية. من أبرز هذه المواد، تلك التي كانت تسمح للأجهزة الاستخباراتية بالوصول المباشر إلى البيانات الضريبية، وكذلك المادة التي كانت تتيح إصدار أحكام بالإدانة دون منح المتهم الفرصة للطعن في الأدلة ضده، وهو ما يُعد خرقًا صارخًا لمبادئ العدالة.