لماذا خفّض البنك المركزي المصري سعر الفائدة لأول مرة منذ خمس سنوات؟

في قرار مفاجئ لكنه مدروس، أعلن البنك المركزي المصري يوم الخميس 17 أبريل 2025 خفض أسعار الفائدة الأساسية بواقع 225 نقطة أساس، ليصل سعر عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة إلى 25% و26% على التوالي، وسعر العملية الرئيسية إلى 25.5%، كما تم خفض سعر الائتمان والخصم بنفس النسبة إلى 25.5%، في أول تحرك تيسيري بهذا الحجم منذ عام 2019.

أسباب القرار داخليًا.. تعافي النشاط الاقتصادي وتراجع التضخم

القرار يأتي مدفوعًا بتحسن ملحوظ في مؤشرات الاقتصاد المحلي، حيث أظهرت البيانات الأولية للربع الأول من عام 2025 استمرار تعافي النشاط الاقتصادي للربع الرابع على التوالي، متجاوزًا معدل نمو 4.3% المسجل في نهاية 2024، وشهدت قطاعات الصناعة غير البترولية والتجارة والسياحة نموًا لافتًا، ما ساهم في دعم الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي.ورغم هذا التحسن، فإن تقديرات “فجوة الناتج” تشير إلى أن الاقتصاد لا يزال يعمل دون طاقته القصوى، وهو ما يحد من الضغوط التضخمية من جانب الطلب، في ظل استمرار القيود النقدية المفروضة منذ سنوات.

تراجع قوي في التضخم يدعم قرار الخفض

على صعيد الأسعار، تراجع معدل التضخم السنوي بشكل كبير خلال الربع الأول من 2025، مسجلًا 13.6% للتضخم العام و9.4% للتضخم الأساسي في مارس، وهو أدنى مستوى له منذ ثلاث سنوات، ويُعزى هذا التراجع إلى انحسار آثار الصدمات السابقة، وتراجع أسعار السلع الغذائية من 45% إلى 6.6% خلال عام واحد.كما بدأت مستويات التضخم الشهرية في العودة إلى معدلاتها التاريخية، مما يشير إلى استقرار نسبي وتراجع الضغوط السعرية، الأمر الذي أتاح للبنك المركزي هامشًا مناسبًا لبدء تخفيف السياسة النقدية تدريجيًا.

مشهد عالمي مضطرب لكن بتأثير محدود

وعلى المستوى الدولي، تسود حالة من عدم اليقين بسبب ضعف النمو العالمي، واضطرابات سلاسل الإمداد، والتقلبات في أسعار السلع الأساسية، خاصة النفط والحبوب، وبالرغم من هذا المشهد الحذر، فإن تأثيره على السوق المصرية ظل محدودًا نسبيًا، في ظل سياسات مالية ونقدية متشددة تم تطبيقها خلال العامين الماضيين.ويرى البنك المركزي، أن خفض أسعار الفائدة ضروري لدعم الاتجاه النزولي للتضخم، وترسيخ توقعات الأسعار المستقبلية، مع الحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي، ومع ذلك، شددت لجنة السياسة النقدية على أن قراراتها المستقبلية ستُتخذ بناءً على تقييم مستمر للتطورات الاقتصادية والمالية محليًا وعالميًا.كما أكدت اللجنة التزامها الكامل بتحقيق هدف استقرار الأسعار، وتوجيه معدلات التضخم نحو المستهدف البالغ 7% (±2%) بحلول الربع الرابع من عام 2026.ويحمل هذا الخفض في طياته رسالة اطمئنان بأن الاقتصاد المصري بات أكثر مرونة، وقادرًا على استيعاب تغييرات السياسة النقدية دون تأثير سلبي على الاستقرار، كما يشير إلى توجه لدعم النشاط الاقتصادي وزيادة الاستثمارات، مع استمرار مراقبة التضخم والاقتصاد العالمي عن كثب.