شهادات وذكريات يرويها مصطفى بكري: قبل الانفجار الشعبي بقليل (خاص)

شهادات وذكريات يرويها مصطفى بكري: قبل الانفجار الشعبي بقليل (خاص)

– في حفل زفاف ابنة اللواء أبو الوفا رشوان وجدت المشير غاضبًا

– قلت لعمر سليمان: الاحتقان في البلاد قد يؤدي إلى الانفجار فابتسم ولم يعلق

– التقيت جمال مبارك وشكوت له من تقسيم دائرتي

كان عام 2010 هو أكثر الأعوام إثارة القلاقل قبيل أحداث ثورة 25 من يناير 2011، الاحتجاجات تتزايد في الشوارع، الوقفات الفئوية سادت العديد من المؤسسات والشركات والمصالح مطالبة بزيادة الأجور والحوافز، حركة كفاية رفعت شعار: «لا للتمديد.. لا للتوريث»، حالة من الغضب الشديد، كانت تبدو ظاهرة على كثير من المسئولين الكبار، حدة الصراعات تزايدت بين الأجهزة المعنية، مراكز القوى من رجال الأعمال تحالفت سويًا وسعت إلى فرض نفوذها ومطالبها على مجلس الشعب في هذا الوقت، لم يكن النظام مستقرًا وكانت حكومة أحمد نظيف هي خليط من رجال الأعمال وأصحاب النفوذ، حالة الاحتقان عكست نفسها على وسائل الإعلام الخاصة والرسمية على السواء.كان الجميع على ثقة أن الأوضاع في البلاد تتدهور سريعًا، وأن البؤر الملتهبة سوف تتوحد في لحظة ما، وأن إسقاط صورة الرئيس مبارك خلال مظاهرات عمال المحلة التي أعدت لها حركة شباب 6 أبريل في 6 أبريل 2008، كانت مؤشرًا مهما على أن نظام حكم الرئيس مبارك بدأ يتهاوى.. وكانت سطوة رجل الأعمال أحمد عز أمين تنظيم الحزب الوطني الحاكم وممثله القوي تتزايد بدعم من السيد جمال مبارك، وحتى عندما تقدمت ببلاغ ضده إلى مكتب النائب العام وتولى المستشار مصطفى خاطر التحقيق فيه، لم يتحقق المراد منه، كان الجميع يتساءل: متى يحدث التغيير؟ خاصة وأن مقتل الشاب خالد سعيد في هذا الوقت جرى استغلاله على نطاق واسع، إذ جرى تكوين حركة «كلنا خالد سعيد» التي كان لها دورها في أحداث 25 من يناير، والتي أدت في النهاية إلى إسقاط النظام.كان أحمد عز قد تمكن من خلال مجلس الشعب من تقسيم دائرة حلوان، التي كنت أمثلها داخل البرلمان، وكان الهدف إسقاطي في أية انتخابات مقبلة، خاصة إن انتخابات مجلس الشعب الجديدة كانت على الأبواب بعد نهاية دور الانعقاد الأخير في يونيو 2010.شكوت كثيرًا، ولم أجد أية استجابة، لم يكن أمامي خيار سوى الاعتصام والإضراب عن الطعام داخل البرلمان، ما دفع بالآلاف من أبناء حلوان الزحف إلى مبنى البرلمان ومحاصرته، بعد أن تم إخراجي من الاعتصام وحملوني على الأكتاف وراحوا يهتفون ضد أحمد عز وضد تقسيم الدائرة بلا مبرر.كانت الأجواء تنذر بحدوث شيء ما في المستقبل القريب، وفي هذا الوقت وتحديدًا في 13 من يونيو 2010 دعاني اللواء أبو الوفا رشوان رئيس سكرتارية رئيس الجمهورية، إلى حفل زفاف كريمته (مها)، والذي أقيم في قاعة السرايا بفندق «سيتي ستارز» بمدينة نصر.وتربطني باللواء أبو الوفا رشوان علاقة وثيقة، فهو من أبناء محافظة قنا، التي أنتمي إليها، وينتمى إلى واحدة من أكبر العائلات في مركز أبو تشت، كما أن علاقتي ببعض أفراد الأسرة، ومنهم النائب المرحوم أحمد رشوان تعود إلى سنوات طوال، حتى قبيل أن يتولى اللواء أبو الوفا رشوان هذا المنصب الرفيع في رئاسة الجمهورية.وقد كان اللواء رشوان، يتصل بي أحيانا، للرد على بعض الأمور التى كان الرئيس مبارك يريد توضيحها لي، أذكر أنني كنت في إحدى المرات ضيفًا على قناة «أوربت» مع الإعلامي القدير جمال عنايت، وكنت أتحدث عن صاحب عبارة السلام «ممدوح إسماعيل»، وقد تساءلت في اللقاء، من الذي عينه عضوًا بمجلس الشورى، ووفق أي معايير؟ وما أن خرجت من الاستوديو حتى وجدت اللواء رشوان يتصل بي، ويقول لي: «إن الرئيس مبارك شاهد الحلقة، ويريد أن يقول لك: إنه ليس هو الذى عَيَّنَ صاحب العبارة في مجلس الشورى، بل إن مَنْ رشحه لعضوية المجلس هو أحد قادة الحزب الوطني وذكر لي اسمه، وهناك وقائع أخرى عديدة سأسردها في مكانها في هذا الكتاب.

مصطفي بكري مع المشير طنطاوي في الحفل

لقد لبيتُ الدعوة لحضور الفرح، وتواعدت مع اللواء عادل لبيب على اللقاء سويًا هناك، وذهبتُ للحفل مبكرًا، وبعد فترة من الوقت وصل المشير حسين طنطاوي، وزير الدفاع والإنتاج الحربي، واللواء عمر سليمان رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية، وجلسنا سويًا على مائدة واحدة، ودار بيننا حوار حول الأوضاع في مصر.وكان المشير طنطاوي متألمًا كثيرًا من سوء الأوضاع في البلاد، وكان اللواء عمر سليمان يتحدث عن التحديات التي تواجه البلاد في الداخل والخارج، وقد تحدثتُ معهما في هذا المساء عن حالة الاحتقان التي تسود البلاد بسبب سوء الأوضاع السياسية والاقتصادية، ودور بعض منظمات المجتمع المدني الممولة من الخارج في الإساءة لسمعة مصر خارج البلاد، وتقديم تقارير تحوى كثيرًا من الأكاذيب عن بعض الأوضاع المجتمعية السائدة في هذا الوقت.بعد قليل، جاء د. فتحى سرور رئيس مجلس الشعب، ودار الحديث حول دائرتي التي جرى تقسيمها، وأشهد أن الدكتور فتحي سرور كان متعاطفًا معي، وهو يتحدث حول هذا الأمر، بينما كان السيد عمر سليمان يستمع إلى ما كنت أقوله حول ما جرى وأسبابه.وبعد وصول اللواء عادل لبيب انتقلتُ إلى المائدة التي يجلس عليها، ثم جاء السيد أحمد قذاف الدم، منسق العلاقات المصرية – الليبية، ودار حوار بيننا، وفجأة وصل السيد جمال مبارك نجل رئيس الجمهورية، وأمين لجنة السياسات بالحزب الوطني الحاكم.

<strong alt=مصطفي بكري وجمال مبارك وأنس الفقي في زفاف ابنة ابوالوفا رشوان” width=”720″ height=”1280″>مصطفي بكري وجمال مبارك وأنس الفقي في زفاف ابنة ابوالوفا رشوان”>مصطفي بكري وجمال مبارك وأنس الفقي في زفاف ابنة ابوالوفا رشوان

 وبعد أن صافح عددًا من الحاضرين كان واقفًا بجوار المائدة التي أجلس عليها، وبعد أن انتهى من الحديث مع أحد الشخصيات المهمة، قمت بمصافحته، وتحدثت معه سريعًا عن دائرتي التي جرى تقسيمها، وكان ودودًا للغاية، وهو يستمع، واتفقنا على أن نلتقي في مكتبه بمقر الحزب الوطني على كورنيش النيل. كانت الموسيقى صاخبةً، فاقتربت منه لأستمع إلى كلماته، وأعطيته أذني باتجاه ما يقول، ثم مضيت إلى مكاني وهو جلس على مقعده.

مصطفي بكري وعمر سليمان في حفل الزفافمصطفي بكري وعمر سليمان في حفل الزفاف

بعد أيام قليلة اتصلت باللواء أبو الوفا رشوان، وطلبت منه مجموعةً من الصور لنشرها في صحيفة «الأسبوع» كنوع من المجاملة لأحد أبناء محافظتي، وبالفعل أرسل لى مجموعة كبيرة من الصور، وكان من بينها صورتي مع السيد جمال مبارك، وقمت بنشر الصورة المرسلة ضمن صور أخرى على صفحة كاملة فى جريدة «الأسبوع»، ولم يكن هناك شيء لافت للنظر في صورتي مع جمال مبارك، ونحن واقفان، بدليل أنني أنا الذي اخترتها للنشر على صفحات «الأسبوع» في شهر يونيه 2010، ولم تلفت هذه الصورة نظر أحد من القراء، أو غير ذلك. 

وبعد أحداث 25 يناير، وموقفي من وقائع ما جرى، وتحديدًا بعد خطاب مبارك في الأول من فبراير، ومطالبتي للمتظاهرين بإيجاد حل سلمي يقضي بتفويض عمر سليمان لإدارة الدولة لحين انتهاء الفترة الرئاسية لمبارك، ووقف التصعيد خوفًا من الفوضى والانهيار، إذا باللجان الإلكترونية تبدأ في استغلال صورتي مع جمال مبارك، ويتم التدخل فيها فنيًا لإظهاري، وكأننى أنحني لجمال مبارك، وهو أمر غريب، إذ كيف أفعل ذلك في فرح عام؟ وأمام الحاضرين؟ وكيف أقبل على نفسى ذلك وأنا المعروف بمعارضتي للنظام؟ وكيف أقبل ذلك أصلاً على كرامتي وتاريخي؟ لكنهم أرادوا اغتيالي معنويًا ردًّا على موقفي، خاصة أنهم استهدفوا في هذا الوقت كافة الشخصيات والرموز الوطنية، حتى لا يبقى في هذا البلد شخص يمكن الاعتداد به.