ربع الشعب شارك فى حفرها.. تعرف على تاريخ قناة السويس شريان الحياة لمصر والعالم
مرت قناة السويس بمراحل تاريخية وشهدت تطورات وأحداث كبرى، فالملك المصرى سنوسرت الثالث من الأسرة الـ12 أول من فكر فى شق قناة لربط البحرين الأحمر والمتوسط عن طريق نهر النيل من الأسرة الثانية عشرة، وذلك بهدف توطيد التجارة بين الشرق والغرب، فكانت تمر السفن القادمة من البحر الأبيض المتوسط تسير في النيل حتى الزقازيق ومنها إلى البحر الأحمر عبر البحيرات المرة التي كانت متصلة به في ذلك الوقت.وقام الملك المصرى نخاو الثاني عام 610 ق.ع بإعادة شق القناة بعد امتلاء القناة بالرمال، ثم أعاد عمرو بن العاص عام 641 م الملاحة للقناة وأسماها قناة أمير المؤمنين، وقد خطر له أن يشق قناة مباشرة بين البحرين الأبيض والأحمر، ولكن الخليفة عمر بن الخطاب أثناه عن عزمه، اعتقادا منه بأن شق مثل هذا البرزخ قد يعرض مصر كلها لطغيان مياه البحر الأحمر. ثم أصدر الخديوى سعيد باشا فرمان عام 1854 بمنح فرديناند ديلسبس امتياز إنشاء شركة قناة السويس فى 30 نوفمبر 1854 وينص هذا الفرمان فى مادته الأولى على أن ديلسبس يجب أن ينشىء شركة ويشرف عليها، وفى مادته الثانية أن مدير الشركة يتم تعيينه بمعرفة الحكومة المصرية، وفى مادته الثالثة أن مدة الامتياز تسع وتسعون سنة تبدأ من تاريخ فتح القناة، وفى مادته الخامسة أن الحكومة المصرية تحصل سنوياً على 15 % من صافى أرباح الشركة، كما نص الفرمان أيضاً على أن رسم المرور فى القناة يتم الاتفاق عليه بين الخديوى والشركة، وأن تتساوى فيه كل الدول دون تفرقة أو امتياز، وأنه عند انتهاء امتياز هذه الشركة تحل الحكومة المصرية محلها.
ثم صدر فرمان الامتياز الثانى فى 5 يناير 1856 يتضمن 23 مادة توضح ما تضمنه الفرمان الأول من أحكام، ونصت المادة 14 منه ” القناة البحرية الكبرى من السويس إلى الطينة والمرافىء التابعة لها مفتوحة على الدوام بوصفها ممراً محايداً لكل سفينة تجارية “
وتأسست شركة قناة السويس برأس مال قدره 200 مليون فرنك مقسم على 400,000 سهم، قيمة السهم 500 فرنك.
وكان نصيب مصر 92136 سهما، ونصيب إنجلترا والولايات المتحدة والنمسا وروسيا 85506 سهما، ولكن هذه الدول رفضت الاشتراك فى الاكتتاب فاضطرت مصر لاستدانة 28 مليون فرنك بفائدة باهظة لشراء نصيبهم بغرض استكمال المشروع، وعليه أصبحت مصر تمتلك 177642 سهما قيمتها 89 مليون فرنك.وبدأ حفر القناة بمجهود المصريين، فشارك مليون مصرى فى حفرها وكان تعداد مصر السكانى وقتها 4,5 مليون نسمة أى ربع الشعب المصرى فحفرت القناة بطول 162 كيلومتر بأدوات بدائية في عشر سنوات ما بين عامي 1859 و1869، واستشهد ما بين 100 إلى 120 ألف مصري خلال حفر القناة، بعد استخراج 74 مليون متر مكعب من الأتربة ، وقد بلغت تكاليفه 433 مليون فرانك أي ضعف المبلغ الذي كان مقدرا لإنجازه.تلاقت مياه البحرين الأحمر والمتوسط فى أغسطس 1869، وافتتح الخديوي إسماعيل القناة في حفل أسطورى فى نوفمبر 1869، بحضور ستة آلاف مدعو فى مقدمتهم الإمبراطورة أوجينى زوجة إمبراطور فرنسا نابليون الثالث، وإمبراطور النمسا، وملك المجر، وولى عهد بروسيا، وشقيق ملك هولندا، والسفير البريطاني، حيث بلغت تكلفة حفل الافتتاح نحو 2 مليون و400 ألف جنيه.وفى عام 1956 أعلن الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر من ميدان المنشية بالإسكندرية قرار بتأميم الشركة العالمية لقناة السويس البحرية شركة مساهمة مصرية في 26 يوليو 1956 بعد سحب الولايات المتحدة عرض تمويل السد العالي ثم تبعتها بريطانيا والبنك الدولي.تعرضت القناة للإغلاق بعد نكسه عام 1967 لمدة 8 سنوات، وقام الرئيس الأسبق محمد أنور السادات السادات بإعادة افتتاحها فى 5 يونيو 1975وأصدر الرئيس السادات القانون 30 لسنة 1975 بنظام هيئة قناة السويس، ونصت المادة 6 من القانون أن تختص الهيئة بإصدار اللوائح المتعلقة بالملاحة في قناة السويس وغير ذلك من اللوائح التي يقتضيها حسن سير المرفق وتقوم على تنفيذها.ونصت المادة 8 أن تفرض هيئة قناة السويس وتحصل على الملاحة والمرور من مرفق القناة رسوم الملاحة والإرشاد والقطر والرسو وما إلى ذلك وفقًا لما تقضي به القوانين واللوائح.ونصت المادة 14 صراحة على أن “لا يجوز أن تتخذ الهيئة أي إجراء يتعارض مع أحكام اتفاقية 29 أكتوبر عام 1888 الخاصة بضمان حرية استعمال قناة السويس البحرية “اتفاقية القسطنطينية” ولا يجوز للهيئة أن تمنح أية سفينة أو أي شخص طبيعيًا كان أو اعتباريًا أية فوائد أو ميزات لا تُمنح لغيرها من السفن أو الأشخاص الطبيعيين أو الاعتباريين في نفس الأحوال، ولا يجوز لها أن تفرق في المعاملة أو تميز بين عملائها أو تحرم أو تفضل أحدًا منهم على غيره”.
ويبلغ طول قناة السويس حاليا 193 كيلومترا بعد ان اصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي قرار بحفر “قناة السويس الجديدة” في عام 2014-2015 وتم افتتاحها بعد عام واحد من بدء التنفيذ ليجعل زمن عبور القناة 11 ساعة بدلا من 22 ساعة، كما ارتفع عدد السفن التي تعبر يوميا إلى 60 و65 سفينة في المتوسط مقابل من 40 إلى 45 في المتوسط سابقا.وساعد توسيع القناة في عبور حاملات الحاويات، التي تمثل نصف السفن التي تمر من هذا الممر المائي، ذات الحمولات الكبيرة. كما أصبح بوسع ناقلات نفط عملاقة حمولتها 200 ألف طن عبور القناة.