المنشطات الرياضية.. الوجه القبيح للمنافسة

في قلب الرياضة النابض بقيم الشرف والانضباط والتنافس النزيه، بدأت تنخر بعض الممارسات غير القانونية في نسيج هذه القيم، أبرزها استخدام المنشطات، وباتت ظاهرة تهدد مستقبل المواهب الرياضية، وتضرب مصداقية البطولات في مقتل، وعلى إثرها، سقط كثير من الرياضيين في فخ العقوبات، ليتحول الحلم إلى كابوس، والمجد إلى هاوية.
المنشطات والمكملات..الفارق بين السم والغذاء
يخلط البعض بين المكملات الغذائية والمنشطات، بينما الفارق بينهما جوهري وخطير، فالمكملات تُصنّع من مواد طبيعية وتهدف إلى دعم الصحة العامة وتحسين الأداء بشكل مشروع، بينما تُعد المنشطات مواد كيميائية مُصنّعة تُستخدم لتحفيز الأداء بصورة مصطنعة ومخالفة للأعراف والقوانين، ما يجعلها جريمة رياضية مكتملة الأركان.
المنشطات.. خرق هرموني وفساد أخلاقي
تشمل المنشطات الرياضية هرمونات مثل: التستوستيرون، الأندروستينيدون، الجونداتروبين، الإرثروبيوتين، والكرياتين، آثارها لا تتوقف عند اختلال التوازن الهرموني فحسب، بل تتعداه إلى تدمير المبادئ الأخلاقية، وإشاعة الفوضى داخل الملاعب، ونسف مبدأ تكافؤ الفرص، ليتحوّل التنافس الشريف إلى معركة غشّ وخداع.يتناول الرياضيون هذه المواد في هيئة حبوب أو حقن، ظنًّا أنها تعزز القوة البدنية، غير مدركين أنهم يفتحون على أنفسهم بابًا لأمراض قاتلة، مثل اعتلال عضلة القلب، وتلف الكبد، وقد يصل الأمر إلى الوفاة. ولإخفاء آثارها، يلجأ البعض إلى مدرات البول، ما يؤدي إلى انهيار أجهزة الجسم الحيوية.لم يَسلم الرياضيون العرب من هذا الفخ، فقد أُوقف السباح التونسي أسامة الملولي 18 شهرًا بعد سقوطه في اختبار منشطات عام 2006، كما نال العداء الجزائري علي سيف عقوبة عامين، وكذلك اللاعب يوسف بلايلي في 2015، والمصارع المصري كرم جابر الذي حُرم من اللعب لعامين بعد تغيبه المتكرر عن فحوص الكشف.
نجوم عالميون على رصيف السقوط
لم تكن الساحة العالمية بمنأى عن هذه الظاهرة؛ فالنجم الفرنسي بول بوغبا أُوقف 4 أعوام بعد سقوطه في اختبار منشطات عشوائي عام 2023، قبل أن تُخفف العقوبة إلى 18 شهرًا، كما أُوقف الحارس الكاميروني آندريه أونانا لتسعة أشهر بعد ثبوت تناوله مادة الفوروسيميد المحظورة.وفي قضية حديثة، واجه رمضان صبحي أزمة كبرى حين كشفت عينة تحليلية أنها لا تعود لمكون بشري، ما يثير الشكوك حول تلاعب أو استخدام وسائل محظورة، ومن المنتظر أن تنظر الوكالة الدولية لمكافحة المنشطات في قضيته خلال جلسة تُعقد في 19 مايو المقبل.المنشطات تُحظر عالميًا، ويُعد تداولها أو استخدامها خارج الإشراف الطبي جريمة يُعاقب عليها القانون. فالإيقاف لأربع سنوات هو العقوبة الأولية، وتتضاعف عند التكرار، حتى تصل إلى الشطب النهائي ومنع اللاعب من ممارسة أي نشاط رياضي مدى الحياة.باتت التوعية بمخاطر المنشطات ضرورة ملحة في زمن تتسابق فيه الأرقام القياسية على حساب الجسد والضمير، فالحل لا يكمن في الغش الكيميائي، بل في التدريب العلمي، والتغذية السليمة، والانضباط الحقيقي، حتى تبقى الرياضة كما وُجدت.. ميدانًا للنقاء، لا مسرحًا للخداع.