جنين ثأرت لكِ يا شيرين أبو عاقلة..وثائقي أمريكي يكشف عن قاتلها

بعد ثلاث سنوات على اغتيال الصحفية شيرين أبو عاقلة برصاص قنّاص إسرائيلي أمام مرأى العالم، عُرض في مدينة نيويورك لأول مرة الفيلم الوثائقي الأمريكي “من قتل شيرين؟” من إنتاج منصة “زيتيو”، كاشفًا تفاصيل جديدة عن هوية الجندي الإسرائيلي الذي ارتكب الجريمة، والمساعي المتعمدة من حكومتي الولايات المتحدة وإسرائيل لطمس الحقيقة.الفيلم، الذي استغرق الإعداد له عدة أشهر، يُظهر أن الجندي الذي أطلق الرصاصة يُدعى ألون سكاجيو، وقد لقي مصرعه في يونيو الماضي خلال عملية عسكرية إسرائيلية في مدينة جنين، المدينة ذاتها التي ارتقى فيها صوت شيرين للأبد. وبحسب الوثائقي، فإن سكاجيو قُتل على يد مقاومين فلسطينيين من أبناء مخيم جنين، وكأن المدينة ثأرت لابنتها التي اغتيلت غدرًا.
إدانة للتواطؤ الأمريكي
يسلط الوثائقي الضوء على ما وصفه بـ”التقاعس المتعمد” من إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، التي رفضت الكشف عن اسم الجندي القاتل، حتى لكبار المسؤولين الأمريكيين، بذريعة الحفاظ على العلاقات مع إسرائيل، ويصف مسؤولون أمريكيون سابقون هذا التواطؤ بأنه خذلان فادح لشيرين ولقيم العدالة، متهمين واشنطن بالتستر على الجريمة.الفيلم مدته 40 دقيقة، ويتضمن شهادات حصرية من مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين سابقين، بالإضافة إلى زملاء مقربين من شيرين، كما توفرت نسخة مختصرة مدتها 8 دقائق للمشاهدة المجانية عبر منصة “زيتيو”.
من هي شيرين أبو عاقلة؟
قالت ذات يوم: “ليس سهلاً ربما أن أُغيّر الواقع، لكنني على الأقل كنت قادرة على إيصال ذلك الصوت إلى العالم”بهذه العبارة لخّصت شيرين أبو عاقلة رسالتها، وقدّمت حياتها قربانًا للحقيقة.على مدار أكثر من ربع قرن، كانت شيرين، المراسلة البارزة لقناة الجزيرة، شاهدة على كل فصول العدوان الإسرائيلي على الضفة والقدس، وتواجدت في كل موقع اشتعل فيه جمر المقاومة، لم تترك مدينة أو قرية فلسطينية إلا وسجلت فيها الحقيقة، رغم المضايقات المتكررة من جنود الاحتلال والمستوطنين المسلحين.
جريمة قتل علنية وجنازة مُهاجمة
في صباح 11 مايو 2022، كانت شيرين تُغطي اقتحامًا جديدًا لمخيم جنين، مسقط رأسها، وبينما ترتدي السترة الصحفية وتؤدي واجبها، أصابتها رصاصة غادرة خلف الأذن أطلقتها بندقية قنّاص إسرائيلي، لتسقط شهيدة الكلمة والصوت. ولم تكتفِ قوات الاحتلال بقتلها، بل اعتدت بعنف على جنازتها، وضربت حاملي نعشها خلال تشييعها من مستشفى القديس يوسف في القدس المحتلة، حتى كاد نعشها يسقط أرضًا، في مشهد هزّ ضمير العالم.في البداية أنكرت إسرائيل الجريمة، وادعت كذبًا أن القاتل فلسطيني، قبل أن تُثبت الأمم المتحدة مسؤولية الاحتلال وتطالب بمحاكمة الفاعل، وهو ما رفضته تل أبيب، في استمرار لنهج الإفلات من العقاب.
شيرين والصحافة المُستهدفة
شيرين لم تكن أول صحفية يقتلها الاحتلال بدم بارد، ولن تكون الأخيرة، فخلال العدوان المستمر على قطاع غزة، قُتل أكثر من 200 صحفي فلسطيني لم يكن ذنبهم إلا نقل الحقيق، لكن صوت شيرين، وإن صمت، سيظل شاهدًا على جبن الرصاصة، وصدق الكلمة.