خبير لـ«الجمهور»: بناء مناعة اقتصادية يتطلب رؤية قائمة على الإنتاج والتشغيل

خبير لـ«الجمهور»: بناء مناعة اقتصادية يتطلب رؤية قائمة على الإنتاج والتشغيل

في ظل الاضطرابات الدولية المتجددة، وآخرها التوتر الذي شهدته الحدود بين الهند وباكستان، شدد الخبير الاقتصادي الدكتور أحمد خزيم على أهمية تقوية الجبهة الاقتصادية الداخلية لمواجهة أي هزات قد تطرأ على الساحة العالمية، مشيرًا إلى أن التجارب أثبتت أن قدرة الدول على الصمود ترتبط ارتباطًا وثيقًا بمدى تنوعها الإنتاجي واستقلالها في مواردها الأساسية.وقال «خزيم» في تصريحات خاصة لموقع الجمهور، إن التغيرات المتسارعة في النظام الدولي — من جائحة كورونا، مرورًا بالحرب الروسية الأوكرانية، وصولًا إلى تداعيات الوضع في البحر الأحمر والتوترات الآسيوية — أكدت الحاجة إلى بنية اقتصادية مرنة تستند إلى الإنتاج الحقيقي، وليس الاعتماد المفرط على مصادر تمويل قصيرة الأجل أو أدوات مؤقتة.وأوضح أن الاقتصاد المصري، رغم ما يشهده من مشروعات تنموية واسعة واستثمارات في البنية التحتية، بحاجة ماسة إلى توجيه الجهود نحو تعظيم العائد من هذه المشروعات، وتحقيق قيمة مضافة مستدامة على المدى البعيد، من خلال توطين الصناعة، وتحفيز التصدير، وتوسيع قاعدة الإنتاج الوطني في مختلف القطاعات.وأشار إلى أن التجربة العالمية بيّنت أن الدول التي استفادت من الأزمات كانت تلك التي أعدّت خططًا بديلة واغتنمت الفرص، مثلما حدث خلال أزمة الرسوم التجارية بين الصين وأمريكا، داعيًا إلى تعزيز الشراكات الاستراتيجية مع قوى اقتصادية ناشئة مثل الصين وروسيا، والانفتاح على السوق الأفريقية التي تضم أكثر من خمسين دولة وتعد مجالًا واعدًا للصادرات والاستثمار المشترك.وفيما يتعلق بالأزمة بين الهند وباكستان، والتي هدأت نسبيًا في أعقاب وساطات دولية، رأى خزيم أن تأثيراتها المباشرة على الاقتصاد العالمي – ومنه الاقتصاد المصري – تظل محدودة في الوقت الراهن، لكنها تعكس توجهًا عالميًا نحو إعادة تشكيل التحالفات الدولية، حيث باتت الهند ضمن المعسكر الأمريكي الإسرائيلي، فيما تميل باكستان أكثر إلى التعاون مع الصين وروسيا، ما يُنذر بإمكانية نشوب أزمات جديدة مستقبلاً، بما يستدعي استعدادًا دائمًا من الدول النامية لتقلبات الخارطة الجيوسياسية.وشدد «خزيم» على أن بناء مناعة اقتصادية حقيقية يتطلب رؤية متكاملة قائمة على الإنتاج والتشغيل، وتحقيق التوازن بين السياسات المالية والنقدية، وتحفيز الاستثمار المحلي، وإعادة النظر في أولويات التمويل، مؤكدًا أن مصر تمتلك من الإمكانات البشرية والجغرافية والموارد الطبيعية ما يؤهلها للعب دور محوري في الإقليم، إذا ما تم استثمار هذه المقومات عبر سياسات اقتصادية مرنة واستباقية.واختتم الخبير الاقتصادي حديثه بالتأكيد على أهمية التقييم المستمر للسياسات الاقتصادية ومراجعة التوجهات العامة، مع الاستفادة من الخبرات الوطنية والرؤى العلمية، مشيرًا إلى أن التطوير لا يعني التقليل من الجهود القائمة، وإنما البناء عليها لتحقيق نتائج أكثر استدامة وعدالة.