هل هاتفك يسمعك؟.. أسرار الاقتصاد الخفي وراء الإعلانات التي تلاحقك

هل هاتفك يسمعك؟.. أسرار الاقتصاد الخفي وراء الإعلانات التي تلاحقك

في ليلة هادئة، جلس مروان يتحدث مع زوجته في غرفة المعيشة، وكانا يناقشان فكرة شراء مكنسة كهربائية جديدة، ولم يكتب شيئًا على هاتفه، ولم يبحث عن المنتج في أي موقع، ولكن بعد دقائق، فتح فيسبوك ليتفاجأ بإعلان ضخم في منتصف الشاشة: “احصل على أحدث مكنسة ذكية بخصم 30%”.توقف مروان مندهشًا وهو يسأل نفسه “هل هاتفي بيتجسس عليَّ؟!”، ولكن لم تكن هذه المرة الأولى، ولن تكون الأخيرة، فالقصة تتكرر يوميًا في آلاف البيوت، هل ترى هذا أنه مجرد صدفة؟ أم أن هناك من يستمع؟ وإن لم يكن الهاتف هو المستمع.. فمن؟

اقتصاد البيانات.. نفط القرن الحادي والعشرين

ربما ترى أن هاتفك مجرد وسيلة للاتصال أو تصفح الإنترنت ، لكنه في الحقيقة جهاز مراقبة متنقل يرافقك في كل مكان، ويعرف عنك أكثر مما تتصور.ووفقًا لمجلة The Economist، التي وصفت البيانات في عام 2017، بأنها “أغلى من النفط”، وأكدت أن الشركات الكبرى مثل Google وMeta، تبني ثرواتها على “تعدين البيانات” وتحليل سلوك المستخدمين لتوجيه الإعلانات وتحقيق أرباح خيالية.

كيف يتجسس هاتفك الذكي عليك؟

1-  التطبيقات.. الجاسوس الخفيالكثير من التطبيقات تتطلب أذونات أكثر مما تحتاجها لعملها الأساسي، مثل تطبيق “كشاف الضوء” قد يتطلب أذن الوصول إلى الكاميرا أو الميكروفون أو حتى الموقع الجغرافي، دون اي سبب منطقي.2-  الميكروفون.. هل يستمع إليك حقًا؟بالرغم من أن الشركات الكبرى مثل Google تنفي أنها تستمع إلى مستخدميها، إلا أن شهادات العديد من المستخدمين تشير إلى ظهور إعلانات مرتبطة بأحاديث خاصة لم تكتب او تم البحث عنها على الإنترنت.3-  الكاميرا.. عين تراقبك بصمتتتحول الكاميرا في هاتفك إلى أداة تجسس دون أن تدري، فإن بعض التطبيقات تتطلب إذن الوصول إلى الكاميرا، وتتمكن من تشغيلها والتسجيل لك دون علمك.4-  الموقع الجغرافي.. أينما تذهب هناك يتبعكهاتفك يعرف دائما أين أنت حتى لو لم تكن تستخدم تطبيق الخرائط، وهذا لأن العديد من التطبيقات تجمع بيانات عن موقعك الجغرافي باستمرار، وتشاركها مع أطراف ثالثة مثل المعلنين او شركات التحليل.5-  شبكات الواي فاي والبلوتوث.. فخاخ خفيةالاتصال بشبكات واي فاي عامة أو ترك البلوتوث مفعلًا دون الحاجة إليه يجعل من السهل تتبع موقعك ونشاطك والوصول لبياناتك الأكثر خصوصية.6-  البصمة الرقمية.. أنت مميزدون تسجيل الدخول، يمكن لمواقع وتطبيقات التعرف على هويتك من خلال ما يعرف بـ “بصمتك الرقمية” التي تجمع معلومات عن؛ نوع جهازك، نظام التشغيل المستخدم، اللغة، الإعدادات، الموقع، الموضوعات المهتم بها، وحتى طريقة استخدامك في البحث عن هذه الموضوعات.وربما تتسأل، ما الفائدة من تتبع كل هذه التفاصيل عني؟ ولماذا تلاحقني الإعلانات حتى في أكثر اللحظات خصوصية؟ ولكن ببساطة تكمن الإجابة في أن: البيانات أصبحت نفط القرن الجحادي والعشرين، فكل نقرة وكل مكان تزورة، وكل صورة تلتقطها، وكل ما تبحث عنه، او فقط ماتتحدث عنه، يحول إلى سلعة تباع في سوق ضخم يعرف باسم اقتصاد البيانات.

لماذا تجمع هذه البيانات؟

الإجابة بسيطة: لأنك “المنتج”، فالإعلانات الموجهة تستند إلى بياناتك الشخصية لتقديم عروض مصممة خصيصًا لك، فكل صورة تلتقطها، وكل مكان تزوره، وكل كلمة تنطق بها، تتحول إلى سلعة تباع في سوق البيانات.ووفقًا لتقرير صادر عن شركة Statista، عائدات الإعلانات الرقمية العالمية بلغت حوالي 667 مليار دولار في عام 2024، ومعظمها معتمد على البيانات الشخصية.

نصائح سريعة.. كيف تحمي نفسك؟

راجع أذونات التطبيقات بانتظام.لا تترك البلوتوث أو الموقع مفعلاً طوال الوقت.استخدم محركات بحث تحترم الخصوصية مثل  DuckDuckGo.لا تصل هاتفك على شبكات Wi-Fi عامة بدون VPN.احذف التطبيقات غير الضرورية أو مجهولة المصدر.استخدم متصفحات توفر حماية من التتبع، مثل Firefox.

لا تكن الضحية الصامتة

ربما لا يكون هاتفك “يتنصت” حرفيًا، ولكن الحقيقة أن كل ما تفعله على هذا الجهاز يتم تحليله واستثماره تجاريًا، نحن نعيش في عصر تباع فيه الخصوصية لمن يدفع أكثر، ولهذا، فالمعركة الحقيقية اليوم ليست فقط على حماية البيانات، بل على بناء وعي رقمي حقيقي، فكن واعيًا، وابق متحكمًا في بياناتك.