ريفولي… السينما التاريخية في القاهرة بين أنقاض الحريق ونداء الإنقاذ

تعود سينما ريفولي، إحدى أقدم وأعرق دور العرض في قلب القاهرة، إلى دائرة الضوء مجددًا بعد موجة واسعة من التفاعل على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تداول المستخدمون صورًا وفيديوهات صادمة تظهر تدمير المبنى من الداخل، ولم يتبق سوى واجهته كذكرى صامتة لمجد فني امتد لأكثر من قرنين.
تاريخ سينما ريفولي ليس مجرد مبنى، بل سجل حافل بالإبداع افتُتحت السينما منتصف القرن التاسع عشر، وكانت في الأصل مملوكة لشركة رانك البريطانية قبل أن تشهد نقلة نوعية عام 1948 على يد المعماري المصري سيد عبدالكريم، الذي وسّع مسرحها لاستيعاب 2500 مشاهد.
على مسرحها، وقفت كوكب الشرق أم كلثوم تُطرب الجماهير في حفلات خالدة، كما احتضنت عروضًا مسرحية مهمة مثل شارع محمد علي لفريد شوقي وعلشان خاطر عيونك لفؤاد المهندس وشريهان، مما رسّخ مكانتها كمنارة ثقافية وفنية في القاهرة.

لكن منذ ثمانينيات القرن الماضي، بدأت سينما ريفولي تفقد بريقها؛ إذ توقفت الحفلات الكبرى، وبدأت معالم الإهمال والزحف العشوائي تظهر، حتى سيطر الباعة الجائلون على محيطها.

في 8 أغسطس 2018، زادت معاناتها حين اندلع حريق هائل التهم صالة العرض بالطابق الأرضي وامتد إلى الدور الثاني، وسط ترجيحات بأن السبب ماس كهربائي أو عقب سيجارة ألقي عشوائيًا أثناء أعمال تجديد الحادث أسفر عن تفحم قاعة العرض بالكامل، وتم تحرير المحضر رقم 2132 لسنة 2018 بقسم الأزبكية.

من الناحية القانونية، أوضح المهندس محمد أبو سعدة، رئيس الجهاز القومي للتنسيق الحضاري، أن السينما مملوكة حاليًا لرجل الأعمال الوليد بن طلال ولا تخضع لوزارة الثقافة، مما يحد من صلاحيات الجهاز تجاه المبنى وأضاف أن الجهاز اكتفى بتحرير محضر مخالفات بسبب التعديات على الواجهة، ومن المنتظر أن تتولى محافظة القاهرة تنفيذ قرارات الإزالة للمخالفات.

اليوم، تقف ريفولي رمزًا لصراع بين الحفاظ على ذاكرة فنية لا تُقدّر بثمن، وبين إهمال يهدد بزوال معلم ثقافي شهد على حقب ذهبية في تاريخ الفن المصري والعربي السؤال الذي يطرحه كثيرون: هل ينقذ أحد ما تبقى من سينما ريفولي قبل أن يندثر كل شيء؟