قصة تمتد لـ 98 عامًا.. سر الماء والبنجر وراء الفوز بلقب ملكة جمال مصر

من فساتين السهرة إلى الكعب العالي، ومن الأسئلة المحرجة إلى الابتسامات الدائمة، مسابقات ملكات الجمال في مصر تواصل الحفاظ على طابعها الخاص، فهي لا تقتصر على كونها عرضًا للجمال، بل تمثل منصة تتيح للفتيات التعبيرعن أنفسهن، وتقديم أفكارهن، وربما تحقيق أحلامهن. ومع كل دورة جديدة، تُفتح أبواب لقصص جديدة، وطموحات متجددة، وأحيانًا مفاجآت لم تكن في الحسبان.تُعد مسابقات ملكات الجمال في مصر من أبرز الفعاليات التي تجمع بين الجمال والثقة بالنفس والمواهب المتنوعة، وتسهم بشكل مباشر في تمثيل مصر بالمحافل الدولية.
نشأة المسابقة
تعود نشأة المسابقة إلى عام 1926، بينما أُقيمت أول نسخة منها عام 1927 في كازينو سان ستيفانو، حيث حصلت يولاند كسار على لقب “أجمل فتاة في مصر”، وهو اللقب الذي كان يُستخدم حينها بدلاً من “ملكة جمال مصر” بسبب وجود ملكة رسمية في البلاد. وفي عام 1934، فازت شارلوت واصف باللقب. وتُعد أنتيجون كوستاندا أول مصرية تفوز بلقب ملكة جمال العالم، بعد حصولها على لقب ملكة جمال مصر لعام 1953 ثم ملكة جمال العالم لعام 1954. أما ملكة جمال مصر لعام 1954، فكانت إيوولاندا جيجليوتي، التي اشتهرت لاحقًا عالميًا باسم “داليدا” بفضل مسيرتها الفنية في الغناء والتمثيل.توقفت المسابقة بين عامي 2012 و2013 نتيجة الاضطرابات السياسية التي أعقبت ثورة 25 يناير، إلى جانب غياب الدعم المالي الكافي من رجال الأعمال. وفي عام 2014، عادت المسابقة إلى الواجهة بتنظيم من وكالة “فيس تو فيس” بالتعاون مع وزارة السياحة وهيئة تنشيط السياحة، تحت شعار “جمالك يا مصر”.وشهدت السنوات الأخيرة تطورًا ملحوظًا في طبيعة المسابقة، حيث تم فتح باب المشاركة أمام المحجبات والمطلقات، في خطوة تعكس توجهًا نحو الشمولية وتوسيع قاعدة التمثيل النسائي.
دور قيادي لآمال رزق في تنظيم المسابقة
برزت الدكتورة آمال رزق كأحد الأسماء المهمة، في إحياء وتنظيم مسابقة ملكة جمال مصر، وفق رؤية تراعي القيم الثقافية والاجتماعية المصرية، إلى جانب الالتزام بالمعايير الدولية. وحصلت رزق على ترخيص تنظيم المسابقة من منظمة “Miss World” بعد مسيرة في العمل الدولي ضمن الأمم المتحدة، وجاء اختيارها لتمثيل المنظمة بناءً على سجلها الحافل في خدمة المجتمع. وأوضحت أن هذه التراخيص تُمنح فقط للأشخاص المعروفين بسمعتهم الجيدة، وهو ما انطبق عليها.
معايير المشاركة في المسابقة
للانضمام إلى مسابقة “ملكة جمال مصر – بنت مصر”، على المتقدمات استيفاء عدد من الشروط:أن تكون المتقدمة مصرية الجنسية وتحمل جواز سفر مصري. يتراوح عمرها بين 21 و34 عامًا قبل الأول من يناير من العام السابق للمسابقة، مع تقديم وثائق رسمية لإثبات ذلك. أن تكون اللغة العربية لغتها الأم، وأن تكون قادرة على التحدث والكتابة باللغة الإنجليزية. وتُعد اللغات الأخرى ميزة إضافية. ألا يقل طول المتسابقة عن 155 سم، على أن يتناسب الوزن مع الطول. أن تكون طالبة جامعية أو حاصلة على شهادة جامعية. أن تمتلك القدرة على إدارة مشاريع خيرية، وتكون لديها أهداف واضحة تتعلق بالدفاع عن قضايا المرأة والبيئة. أن تتمتع بالأناقة، الذكاء، والثقافة، إلى جانب الإلمام بوسائل التواصل الاجتماعي وكيفية استخدامها لأهداف مفيدة.وأكدت د. آمال رزق فى تصريحات لـ”الجمهور” أن منظمة “Miss World” أرسلت نحو 20 صفحة تحتوي على معايير دقيقة يجب الالتزام بها لاعتماد الفائزة كممثلة رسمية لمصر، ووصفت هذه المعايير بـ”الدستور” الحاكم للمسابقة. وأشارت إلى أن المنظمة تتابع الالتزام بهذه القواعد من خلال ما يُنشر على وسائل التواصل الاجتماعي، وتسجيلات الحفلات المرسلة إليهم، موضحة أن أي إخلال بهذه المعايير قد يؤدي إلى فقدان الاعتراف بالمشاركة.
ردود على الانتقادات
في مواجهة الانتقادات التي تطال المسابقة بدعوى عدم وجود قانون مصري واضح ينظمها، قالت د. آمال رزق: “في ناس مش عايزين الناس المحترمة تعمل حاجة، ولا عايزين البنات المحترمات يشاركوا”.وأضافت: “أنا حسّنت صورة المسابقة واخترت منها اللي يناسب مجتمعنا الشرقي. لغيت فقرة المايوه وأبلغت منظمة ملكة جمال العالم إن المتسابقة المصرية مش هتشارك فيها، لأنها مش عليها درجات، وهم تفهّموا ده. الأهم بالنسبة لي هو الحفاظ على البنات وعلى العادات والتقاليد”.
سلمى علي.. ملكة جمال مصر 2024: المرأة أقوى مما يتصور البعض
قالت سلمى علي، الفائزة بلقب ملكة جمال مصر لعام 2024، لـ”الجمهور” إنها تسعى لاستخلاص الإلهام من كل شيء وكل شخص من حولها، وتهدف إلى رؤية كل شيء بإيجابية لتصبح شخصًا أفضل وتؤثر إيجابيًا في من حولها. وأضافت: “لطالما كانت عائلتي مصدر قوتي والدعم الذي أحتاجه”.وعن تجربتها، أوضحت: “تجربتي مع ملكة جمال مصر فتحت عيني وذهني على الكثير من الأمور، وجعلتني أدرك أننا نحن النساء أكثر مما يتصوره أي شخص”. وقالت: “نحن أقوياء، أذكياء، وجميلات، ولهذا السبب أكرّس عامي كملكة جمال مصر للمرأة”.وأكدت سلمى علي أن الثقة بالنفس كانت سرّ فوزها، مشيرة إلى أنها شعرت بدعم لجنة التحكيم منذ البداية. ونصحت الفتيات بالإيمان بأنفسهن والتحلي بالثقة.أما عن أسرار جمالها، فأكدت أنها تعتمد على العناية الطبيعية، وتشرب كميات كافية من الماء يوميًا، وتتناول البنجر لفوائده الصحية، كما تفضل استخدام المنتجات الطبيعية لبشرتها وشعرها، وتتجنب المواد الكيميائية قدر الإمكان.
رؤية جديدة للجمال.. وعنوانها مصر
من كواليس الفساتين إلى الحوارات الجادة، تظل مسابقة ملكة جمال مصر مساحة تعبّر فيها الفتيات عن شخصياتهن، أحلامهن، وحتى قضاياهن. ورغم كل الجدل، يبدو واضحًا أن هناك شغفًا حقيقيًا بإعادة تعريف الجمال… ليصبح جمال الروح، والعقل، والطموح. وعندما تقف فتاة مصر على المسرح أمام العالم، فهي لا تمثّل نفسها فقط، بل تمثّل بلدًا بأكمله يحلم معها.