شهادات وذكريات يشاركها مصطفى بكري مع «الجمهور»: خفايا البرلمان الموازي

شهادات وذكريات يشاركها مصطفى بكري مع «الجمهور»: خفايا البرلمان الموازي

طالبنا بحل مجلس الشعب بعد صدور 192 حكمًا ببطلان الانتخابات فى الدوائر

الأمن حذرنا من خطورة ما نفعله لكننا صممنا على المضي قدما للأمام

رد مبارك على فكرة البرلمان الموازى كان كلمة السر في زيادة احتقان الشارع

 هذه ليست قصة حياة، بل شهادة حية على مرحلة تاريخية مهمة، عشت فصولها، انتصاراتها وانكساراتها، حلوها ومرها، اقتربت من صناع هذه الأحداث أحيانًا، وكنت ضحية لعنفوانهم في أحيان أخرى، معارك عديدة دخلتها، بعضها أودي بي إلى السجون، لم أنكسر، ولم أتراجع عن ثوابتي، وقناعاتي.أروى هذه الشهادات التي ينشرها موقع “الجمهور” بصدق وموضوعية، بعض شهودها أحياء، والبعض رحل إلى الدار الآخرة، لكن التاريخ ووقائعه لا تنسى، ولا يمكن القفز عليها، وتزوير أحداثها.في هذه الحلقات التي ينشرها موقع “الجمهور” يوم “الجمعة” من كل أسبوع، يروي الكاتب والبرلماني مصطفى بكري شهادته عن أزمات وأحداث كان شاهدًا عليها، خلال فترات حكم الرئيس السادات والرئيس مبارك والمشير طنطاوي ومرسي والرئيس السيسي. 

فكرة البرلمان الموازى

بدأت فكرة البرلمان «الموازى» بينى وبين النائب المعارض علاء عبد المنعم، دعونا بعض الزملاء من النواب الذين تم إسقاطهم عن عمد فى انتخابات 2010، وقررنا الاجتماع فى مكتب النائب علاء عبد المنعم بعمارات العبور بشارع صلاح سالم.
وقد شارك إلى جوارى والنائب السابق علاء عبد المنعم كل من النواب السابقين حمدين صباحى وسعد عبود ومحمد شردى ومحمد البلتاجى وجمال زهران.وقد اعترض النائب جمال زهران على الفكرة فى البداية، وقال: لا فائدة مع هذا النظام، وأنا أرى أن هذا الإجراء لن يفيد بشئ حاولنا إقناعه كثيرًا، لكنه ظل مترددًا حتى اللحظات الأخيرة.
وبعد أن توافقنا على مهام البرلمان اجتمعنا يوم الخميس 9 ديسمبر وأقمنا وقفة شارك فيها المئات من ممثلى القوى السياسية، حاملين لافتة «باطل» اعتراضًا على الانتخابات الباطلة.

بكري يلقي بيان البرلمان الموازي أمام مجلس الدولة

وكان معنا فى هذا اليوم كلًا من حمدين صباحى وسامح عاشور وعلاء عبد المنعم ومحمد العمدة ومحمد شردى ومصطفى الجندى وضياء رشوان ويحى حسين وعبد العزيز الحسينى وكمال أبو عيطة وعبد العظيم المغربى وجمال فهمى ومحمد عبد القدوس وأسامة الغزالى حرب وجورج إسحاق وبهاء طاهر ويحى قلاش.وطالبنا فى هذه الوقفة بضرورة حل مجلس الشعب، خاصة بعد صدور أكثر من 192 حكمًا كلها صدرت ببطلان الانتخابات فى العديد من الدوائر.مؤسسو البرلمان الموازى
كانت الاتصالات من قبل رجال الأمن معنا لا تتوقف، محذرين من خطورة ما يجرى، إلا أننا كنا قد أخذنا العهد على أنفسنا بالمضى قدمًا إلى الأمام مهما كان.
وعقدنا لقاء يوم 13 ديسمبر 2010، واتفقنا فيه على عقد مؤتمر صحفى أمام مجلس الدولة، حيث تم اختيارى متحدثًا رسميًا باسم البرلمان الموازى باتفاق الحاضرين.
وبالفعل فى 14 ديسمبر 2010، مضينا إلى مبنى مجلس الدولة والذى يقع بالقرب من كوبرى قصر النيل بمحافظة الجيزة، منذ الصباح الباكر، تدفق النواب السابقين والذين تم إسقاطهم بمجلس الشعب 2010، وأعلن 118 نائبًا سابقًا قبلها بيوم واحد انطلاق فكرة البرلمان الشعبى أو «البرلمان الموازى».
كان المؤسسون قد عهدوا إلى إلقاء بيان البرلمان الموازى، بعد أن تم اختيارى متحدثًا رسميًا باسم البرلمان.

مصطفي بكري وآخرين مؤسسو البرلمان الموازيمصطفي بكري وآخرين مؤسسو البرلمان الموازي

ردد النواب السابقون اليمين الدستورية على سلالم مبنى مجلس الدولة ردًا على بدء انعقاد الدورة الجديدة التى شهدت تزويرًا فاضحًا للانتخابات، وبعد ترديد اليمين الدستورية ألقيت البيان الذى وقع عليه عدد كبير من المشاركين فى إطلاق البرلمان «الموازى» وقلت أمام وسائل الإعلام «أن انطلاق البرلمان الشعبى جاء ليعبر بحق عن الشعب المصرى، والتصدى لتجاوزات الحكومة التى تضر بمصلحة المواطنين، وأيضًا لمناقشة القوانين والقضايا العامة، وإبلاغها للرأى العام من خلال وسائل الاعلام واللقاءات الجماهيرية.وقد ناشدنا الرئيس مبارك فى هذا البيان بالتدخل وأعمال سلطاته الدستورية بحل مجلس الشعب الحالى والدعوة إلى انتخابات جديدة فى إطار ضمانات حقيقية حرصًا على مصلحة البلاد وتنفيذًا لأحكام القضاء وضمانًا لعدم بطلان الانتخابات الرئاسية المقبلة.
وتحدث فى هذا اللقاء كلًا من النواب السابقين حمدين صباحى ود.إبراهيم عوارة ومحسن راضى وآخرين، وبعد هذا المؤتمر تصاعدت الحملات الصحفية والإعلامية ضد البرلمان «الموازى» ومؤسسيه، حيث كتب مجدى الدقاق رئيس تحرير مجلة أكتوبر يقول معلقًا: «إن البرلمان البديل عمل ينافى العملية الديمقراطية ويعبر فقط عن دعايات الخاسرين، لأنها دعايات لا تأتى إلا من الخاسرين، وأن الشعب قال كلمته وانتهى الأمر».
أما د. جهاد عودة عضو لجنة السياسات بالحزب الوطنى فقد قال: «إن الفكرة عبثية ولا تعبر إلا عن الأشخاص الداعية لها» وغيرهما كثيرون، بدأت فكرة البرلمان «الموازى» تحدث ردود أفعال إيجابية لدى كافة الفئات السياسية والمجتمعية، وقد عقدنا إجتماعًا بعد ذلك فى مقر حزب الوفد تحت عنوان «نعم لإسقاط المجلس المزور»، حيث اقترح البعض توسيع فكرة البرلمان الشعبى، وبعد حوارات متعددة تم الموافقة على الفكرة، وأعلن أيمن نور الذى شارك فى هذه الاجتماعات دعوة الأعضاء للاجتماع فى مقر حزبه «الغد» فى وسط ميدان طلعت حرب للاتفاق على الخطوات الإجرائية، يومها أعلنت رفض الذهاب إلى مقر حزب أيمن نور الذى أراد اختطاف الفكرة وتوظيفها لحساباته السياسية. وبالفعل عقد اجتماعًا قاطعة الكثيرون، وبدأت جماعة الإخوان تحاول هى الأخرى السيطرة على الفكرة حتى جاء الرئيس مبارك، وقال كلمته الشهيرة ردًا على النائب رجب حميده الذى أثار الموضوع فى مجلس الشعب أثناء أداء الرئيس لخطابه تحت قبة البرلمان وقوله «خليهم يتسلوا».
ويبدو أن هذه العبارة كانت كلمة «السر» التى زادت من احتقان الشارع، وأكدت أن الرئيس لا يبالى بأزمات البلاد ولا أحكام القضاء.. وهكذا تطورات الأوضاع بشكل سريع حتى جاءت أحداث ثورة 25 يناير لتشكل صدمة لصناع القرار فى مصر.تلك كانت أحداث الفترة التاريخية منذ البداية وحتى عام 2011، وبإذن الله سيصدر قريبًا الجزء الثانى الذى يتناول منذ هذا التاريخ وحتى اليوم.