ما يجهله المبتدئون: أسباب تسليح الجيش المصري

في زمنٍ تختلط فيه الحقائقُ بالشعارات، وتعلو فيه الأصواتُ فوق الرؤية العميقة، تتردد مزاعمُ بأنّ مصرَ تعتمد على مصدرٍ واحدٍ لتسليحِ جيشِها، وأنّ قراراتِها العسكرية محكومةٌ باعتباراتٍ دينيةٍ أو انفعالية إلا أنّ الواقع، مدعومًا بالأرقام والوقائع، يُفنّد تلك الروايات السطحية.
لماذا يتسلح الجيش المصري؟
فمَن يُدرك أبجدياتِ الجغرافيا السياسية يدرك أن مصر ليست على هامشِ التوازنات، بل في قلبِها النابض.
دولةٌ تجاورُ كيانًا عسكريًّا متقدمًا كإسرائيل، يُصنّف جيشُه ضمن أقوى عشرين جيشًا عالميًّا، بأكثر من 600 طائرةٍ مقاتلة، منها الشبحية إف-35، ومقاتلات إف-15، إلى جانب منظومات دفاع جويٍّ متطورة كـ”آرو-3″ و”باتريوت باك-3″، فضلًا عن تفوقٍ استخباراتيٍّ وترسانةٍ نووية غير معلنة.في المقابل، يبرز الخليج كلاعبٍ ماليٍّ عسكريٍّ محوري: المملكة العربية السعودية جاءت في المرتبة الرابعة عالميًّا في الإنفاق العسكري لعام 2023، بميزانية بلغت 75.8 مليار دولار، بينما سجلت الإمارات العربية المتحدة ميزانيةً دفاعيةً تُقدّر بـ 23.2 مليار دولار، ضمن صفقات ضخمة لطائرات “رافال” و”إف-16 بلوك 70″، فهل يمكن القول بعد ذلك إنّ مصرَ “تستورد” السلاح بلا رؤية؟تقرير معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام – (SIPRI) لعام 2024، يضع النقاط فوق الحروف:مصر تعتمد على أكثر من خمس دول كبرى في التسليح.نسبة الاعتماد على مصدرٍ واحد تراجعت إلى أقل من 40%.وتم تبني سياسة تنويع مدروسة بين الشرق والغرب.فرنسا: طائرات “رافال” وميراج 2025.روسيا: “ميج- 29″ و”سوخوي-35”.الولايات المتحدة: “إف-16 بلوك 52” ومروحيات “أباتشي AH-64”.ألمانيا: غواصات “تايب 209/1400”.الصين: أنظمة دفاع جوي “HQ-9B” وصواريخ باليستية قصيرة المدى.بل تجاوزت مصر مرحلة الاستيراد إلى التصنيع العسكري المحلي.الهيئة العربية للتصنيع تنتج عرباتٍ مدرعةً وأنظمةَ قيادةٍ وسيطرة،ومصانع الإنتاج الحربي تشارك في تصنيع الذخائر الثقيلة والخفيفة، كما تُعزَّز الشراكات مع دولٍ كبرى لتطوير الطائرات المُسيّرة، وأنظمة الحرب الإلكترونية والتشويش المضاد.الرسالة واضحة: مصر لا تتحرك بردود الأفعال، ولا تنساق خلفَ الشعارات، بل ترسم مسارَها الاستراتيجيّ بهدوءٍ ووعي.
تعلم أنّ الاستقلال الحقيقيّ يبدأ من امتلاكِ أدوات الردع، لا من اجترار خطاب المظلومية أو المبالغات. هي اليوم تملك الجيش الأقوى إفريقيًّا، ومن بين أكبر عشرة جيوش في العالم من حيث عدد الأفراد وتنوع مصادر التسليح، في الشرق الأوسط، لا مكان للضعفاء، ومصر لا تنتظر دورها، بل تصنعه، تابع التفاصيل في هذا الفيديو.